قضايا وآراء

انقلاب على صناديق الاقتراع؟

صباح عزام :

بات من الواضح أن أردوغان عمل وما يزال منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية في تركيا وفشل حزبه في الحصول على الأغلبية المطلقة، على الانقلاب على نتائج هذه الانتخابات، ولكن «بشكل مُتدرج وناعم»، لأنه لم يكن راضياً عن نتائجها وبالتالي قرر ألا يرفع الراية البيضاء.
بقي يراوغ منذ شهرين، إذ كلّف «ظله» أحمد داود أوغلو تشكيل حكومة جديدة والذي خاض بدوره مناورات «ماراثونية» مع الأحزاب الأخرى من دون أن يسمح بوصولها إلى نهايات سعيدة، أو يسمح للأحزاب الأخرى بتشكيل حكومة جديدة.
إذاً، حضَّر أردوغان لانقلابه على نتائج الانتخابات، وكانت المفاجأة التي لم تخطر على بال أحد، أنه أقدم على إعلان الحرب على أكراد بلاده وأكراد سورية بهدف الحصول على حفنة إضافية من مقاعد «المتشددين القوميين الأتراك»، ليتمكن من العودة إلى حكم تركيا منفرداً، لعل ذلك يساعده على استئناف أحلامه العثمانية ومعاودة السعي لنقل تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي الذي يُركز كامل الصلاحيات في يده.
مؤخراً، أعلن «أوغلو» وقف المشاورات مع الأحزاب، وطلب من البرلمان الجديد الاستعداد لانتخابات مبكرة في غضون ثلاثة أشهر، لتكتمل حلقات الانقلاب على نتائج الانتخابات الأخيرة.
انقلاب أعدَّ له أردوغان في ليل بهيم وبكثير من الخبث والدهاء، إلا أن تركيا ستدفع خسائر كبيرة ثمناً لأحلام أردوغان وطموحاته الشخصية، والآن عودة قصيرة إلى «رعونة» أردوغان السياسية:
– لم يعارض أحد إزاحة «عبد الفتاح السيسي» للإخوان المسلمين عن قمة السلطة في مصر بناء على رغبة جماهيرية مصرية كاسحة كما عارض أردوغان هذا الأمر إطلاقاً، قال في وصف السيسي «ما لم يقله مالك في الخمر»، زاعماً أنه سيكلف الشعب المصري باهظاً، متجاهلاً انقلابه على صناديق الاقتراع وكلفته الباهظة على الشعب التركي.
– شنّ أردوغان حربه المفتوحة ضد حزب العمال الكردستاني في تركيا… وكأن كل شيء مُباح لديه للوصول إلى السلطة والبقاء فيها، شأنه في ذلك شأن التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تبيح قتل الناس وتشريدها، وتدمير كل شيء للوصول إلى السلطة «داعش والنصرة وأحرار الشام» خير مثال على ذلك.
– عمل ويعمل على تجييش وإذكاء «الطورانية» التركية، آملاً أن يحقق له هذا التجييش المذهبي الأغلبية والتفرد في الحكم، والبقاء في قصره الأبيض الذي لم يهنأ بسكناه بعد ومشاهدة غرفه الـ«1150» حتى الآن.
– وضع لنفسه هدفاً مباشراً الآن، وهو تدمير «حزب الشعوب الديمقراطية» بإرسال قادته إلى السجون، أو إلى المحاكم لتجريدهم من حقوقهم المدنية، عملاً بقانون اجتثاث البعث بطبعة تركية.
– عمل أردوغان وما يزال على التصعيد الإرهابي ضد سورية وخصوصاً في الشمال السوري من خلال إصراره على إيجاد ما يُسميه «مناطق عازلة وآمنة» واستمرار استعراض القوة وعرض العضلات، عبر دعمه للمجموعات الإرهابية المسلحة وإن كان قد أعلن الحرب على داعش زوراً وبهتاناً وتغطية لمخططاته.
الخلاصة: مفردات جديدة يُضيفها أردوغان إلى قاموس حملته الانتخابية القادمة مُطبقاً قاعدة «الغاية تبرر الوسيلة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن