قضايا وآراء

«الدستورية» ومسار «جنيف» المتعثر

| فراس مارديني

بعد ما يقارب العامين من الاتفاق على تشكيل لجنة مناقشة الدستور كأحد مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي الروسية، ورغم رفض أطراف ما يسمى المعارضة السورية لذلك المؤتمر ونتائجه، إلا أن الضامن التركي استطاع ومن خلال مسار أستانا إجبار الفصائل المسلحة على تبني موضوع اللجنة التي ظهرت كأحد بنود البيانات الختامية للمسار، كما استطاعت الأمم المتحدة بمبعوثها السابق ستيفان دي مستورا إضافة إلى بعض الدول الغربية، إقناع الفريق السياسي للمعارضة أيضاً بتبني فكرة اللجنة.
والسؤال الذي يطرحه نفسه اليوم: هل ستنجح اللجنة في الانعقاد والعمل بشكل سليم وعقلاني؟
بحكم المتابعة لمسارات جنيف وأستانا، فإن الاجتماعات القادمة للجنة الدستورية لن تكون إلا عملية تدوير للعملية السياسية، وبمعنى آخر، إعادة مسار جنيف من جديد بكل تفاصيله، لكن بمبعوث أممي جديد وقالب جديد ومحور نقاش وآلية جديدة.
ويبدو أن سيناريو الاجتماعات سوف يكون كالتالي: وفد اللجنة من جهة المعارضة، أو وفد «الطرف الآخر» كما وصفه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، وهو في الواقع وفد منصة الرياض المعدل، سيدخل المناقشات وبرأسه فقرة واحدة لا غير تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية وطول الفترة الرئاسية، التي تقابلها في جولات جنيف السابقة عبارة «الانتقال السياسي» التي سمعناها كل 10 دقائق في جينيف ولم نسمع غيرها.
بينما وفد اللجنة من جهة الدولة السورية، المحمل بالانتصارات الميدانية والعسكرية على العكس من جولات عام 3013 و2016، لديه الكثير ليبحثه في جولات نقاشات الدستور فهو على الأقل يريد فعلا وضع أو تعديل فقرات في الدستور بما يخدم المواطن السوري، على حين «الطرف الآخر» لم ولن يقبل بنقاش أي موضوع لا يضمن له مفاتيح أبواب القصر الجمهوري في دمشق.
مرجح وقوع مسار اللجنة مع أولى خطواتها في طريق مملوء بالألغام، وأهمها التدخل الخارجي لدعم «الطرف الآخر»، وهو الأمر الذي حذر منه المعلم، وطبيعي تقديم الدعم الغربي لهذا الفريق، لأنه إذا ما نظرنا لأسماء الوفد الحكومي وجدنا فيه من الأسماء الكبيرة في عالم القانون والقانون الدولي، ومدعم بعدد كبير من الأكاديميين وأساتذة الجامعات، وفي المقابل فإن فريق «الطرف الآخر» فيه أسماء ممن وصفوا بالمتعيشة والمتسلقين، فهل يقوون على خوض تجربة مناقشة دستور من دون مساعدة ودعم خارجي؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن