ثقافة وفن

حفظ القرآن وأجاد العربية في سن العاشرة … ابن سينا.. أمير الأطباء والشيخ الرئيس وفيلسوف الدهر والمعلم الثالث

وائل العدس :

في العدد الثلاثين من «سلسلة الأعلام لليافعة» الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، يروي د. عمار محمد النهار في كتابه «أمير الأطباء.. الشيخ الرئيس ابن سينا» عن رائد الطب العربي والإسلامي والعالمي الذي قدّم إبداعات طبية إنسانية ساهمت بإحداث ثورة طبيبة، فقد اكتشف ابن سينا أمراضاً لم يعرفها العالم حتى اليوم إلا من خلاله، كمرض السكري، والقروح، والأورام الحارة، والطب النفسي، كما عرّف العالم ولأول مرة على العلاج بالنبض وبالحقنة.

ويظهر تأثير طب ابن سينا على أوروبا من خلال تدريس كتابة الرائع «القانون في الطب» مدة ثمانية قرون في جامعاتها، فجاء هذا الكتاب لتعريف الأجيال بهذا العمل الذي ظل لقرون طويلة أستاذ العالم الغربي في الطب.
ولد في عام 370هـ (980م)، ونال في حياته وبعد موته شهرة لم ينلها طبيب غيره، ولذلك كثرت ألقابه التي لقب بها، فعرف بالشيخ الرئيس، والمعلم الثالث بعد أرسطو والفارابي، ومصدر التأسيس، وشرف الملك، وحجة الحق، والدستور، وأرسطو الإسلام وأبقراطه، والحكيم الوزير، وفيلسوف الدهر، وأمير الأطباء.
في أواخر حياته، أصاب جسده المرض واعتلّ، حتى قيل إنه كان يمرض أسبوعاً ويشفى أسبوعاً، فتخلى عندها عن الدنيا وحطامها، وتصدّق بما لديه من مال للفقراء، وتفرّغ لعبادة اللـه وحده، فاتجه إلى قراءة القرآن الكريم وتفسيره، فكان يختمه مرة كل ثلاثة أيام، إلى أن انتقل إلى رحمة اللـه في رمضان عام 428هـ (1037م).

عبقرية ابن سينا
ووفقاً لما جاء في الكتاب فإن ما يدل على عبقرية ابن سينا عدة نقاط هي: حفظه القرآن الكريم وإجادته اللغة العربية في سن العاشرة، نبوغه وإتقانه للطب والفلسفة والكيمياء والموسيقا في سن السادسة عشرة، تفوقه على أستاذه في الطب (أبي سهل المصيبي) ولم يكن قد بلغ العشرين، بدؤه التأليف في الحادية والعشرين من عمره.
يتحدث الكتاب عن إبداعات ابن سينا وإنجازاته العلمية، ومن الأمور الطبية التي عرفها التشريح، إذ ذكره بمواضيع كثيرة من كتابه «القانون في الطب»، إذ إنه يشرح الأجزاء الدقيقة في أعضاء جسم الإنسان عضواً عضواً، فخصص الفصول التالية، فصلاً في تشريح العين، فصلاً في تشريح أعضاء الحلق، فصلاً في تشريح القلب، فصلاً في تشريح المريء، فصلاً في تشريح الأمعاء الستة، فصلاً في تشريح المثانة، فصلاً في تشريح الأنثيين وأوعية المني، وفصلاً في تشريح الرحم.
كما أن من يبحث في كتب ابن سينا يجد أنه عرف الكثير من الأمراض ومن ذلك اكتشافه لمرض السكري، وذكر من هذا المرض وصفه وأعراضه.
ومن إنجازاته قيامة بشرح مسهب ودقيق للحميات الصدرية إذ خصص فصولاً عديدة شملت أوجاع الصدر وذات الجنب.
وتحدث أيضاً عن علم الجنين، وكيفية تشكل أعضائه في بطن أمه، وتناول موضوع الروح وعلاجاتها، كما اخترع المحاقن، وكان له الأسبقية في إبداع الطب النفسي، ووضع قواعد مهمة لتجريب الدواء قبل وصفه.

من الأوائل
ابن سينا هو أول من وصف مرض الرهقان، وبين أنه ناتج عن دودة معوية سماها الدودة المستديرة، وهو أول من وصف الالتهاب السحائي، وأول من فرّق بين الشلل الناتج عن سبب داخلي في الدماغ والناتج عن سبب خارجي، وصف السكتة الدماغية الناتجة عن كثرة الدم، شخّص بدقة حصر المثانة السريرية، وكان أول من أشار ضمناً إلى وجود البكتيريا والجراثيم، وأول من فرّق بين اليرقان الناشئ عن انحلال الكريات الدموية واليرقان الناشئ عن انسداد القنوات الصفراوية، وأول من اكتشف مرض السل الرئوي، وشخّص كثيراً من الأمراض الجلدية، وأول من قام بحقن الدواء تحت الجلد، ووصف بالتفصيل الأمراض التناسلية، ودرس لمدة طويلة تعفن الرحم وعلاجه، وتطرق إلى علم التجميل، وانتبه إلى أهمية الرياضة، وكان يرى أن أفضل مياه للشرب هي مياه العيون والينابيع.
هو أول من استخدم أكياس الثلج كنوع من الكمادات، واستخدم التخدير عن طريق الفم، وأدرك أهمية الرضاعة الطبيعية، واستخدم طريقة تداعي الأفكار لمعالجة الأمراض النفسية، وأدخل العقاقير عن طريق مجرى البول، وأول من ذكر ألم العصب ذي الشعب الثلاث، وأول من أشار إلى تلف العصب البصري، وبحث في فيزيولوجيا النوم، وأول من اكتشف وصف تركيب العين الداخلية.

سلسلة الأعلام لليافعة
تتألف «سلسلة الأعلام لليافعة» من ثلاثة وثلاثين عدداً، وشملت كلاً من: محمود درويش، الأمير السعيد (محمد عبد الكريم)، إسحق الموصلي، الملك الظاهر بيبرس، رحلة ابن جبير، عمر الخيام، عباس بن فرناس، ألبرت أنيشتاين، موتسارت، أبو حيان التوحيدي، ليلى الأخيلية، مي زيادة، المسعودي، السيد والسيدة كوري، لوركا، كريستوفر كولومبوس، ابن طفيل الأندلسي، بدوي الجبل، ابن حزم القرطبي، أبو فراس الحمداني، يوسف العظمة، داوود قسطنطين الخوري، إبراهيم هنانو، صالح العلي، سلمى الحفار، أعلام في ريادة الفضاء، الجاحظ، عز الدين القسام، تشايكوفسكي، ابن سينا، أبو الطيب المتنبي، أحمد بن ماجد ملاح، وأخيراً الرازي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن