ثقافة وفن

فنانات واجهن السرطان فتغلبن عليه … وأخريات استسلمن له فانتصر عليهن

وائل العدس :

لم يعد مرض السرطان بكل أشكاله قاتلاً أو مخيفاً للكثيرين، وخاصة أن مئات النجمات حول العالم أصبن بهذا المرض، منهن من استسلمن له فانتصر عليهن وفقدناهن في دنيانا، وهناك من قهرنه بقوتهن وإرادتهن، وحاربنه بالأمل والحب والسعادة ولم يدعن للاكتئاب منفذاً إلى أرواحهن، وخاصة في ظل التطور الهائل في الطب الذي جعل إمكانية ونسبة العلاج والشفاء كبيرة.
وكانت قصص معارك العلاج التي خضنها تستحقّ فعلاً الإعجاب والتقدير لأنّها ساعدت نساء كثيرات حولهنّ في الإيمان بإمكانية العلاج والحياة.
ولا شك أن محاربة المرض ليس سهلاً بل يحتاج روحاً قوية ومؤمنة لا تقبل الاستسلام أو الانهزام وخاصة أنه من الأمراض التي تؤثر سلبياً في نفسية المصاب ويشعر هو ومن حوله أن الحياة انتهت فجأة ليتجسد المعنى الحقيقي لمقولة «اسودت الدنيا في عيوننا».
«الوطن» رصدت أشهر الفنانات اللواتي أصبت بمرض السرطان خلال السطور التالية:

غياب وعودة
البداية من الفنانة نورا رحال التي استأصلت ثديها بعد إصابتها بالسرطان، وتلقت العلاج في فرنسا، ما اضطرها للابتعاد عن الساحة الفنية فترة طويلة.
وكانت ترفض الحديث إعلامياً عن ذلك، لكنها تقول: أحد الصحفيين -الذي يفترض أنه صديق لي سألني عن حالتي فأجبته- فاختار جوابي عنواناً لموضوعه الصحفي، وحتى بعدما ذاع الخبر فضلت عدم التطرق إلى الموضوع.
وأكدت في تصريحاتها الصحفية أنها بعد التجربة ازدادت أنوثة ومعرفة بمعنى الأنثى، ولا شيء أثر سلباً فيها، والنتيجة تثبت هذا الأمر، مضيفة: أشكر اللـه يومياً على هذه التجربة التي هي أجبن من أن تهزمني أو تكسرني، أنا أحب الحياة وأحب نفسي وكل من حولي، وأتمنى ألا تتكرر مرة أخرى، وعموماً لا شيء يخيفني، ففي طفولتي كنت أخاف كثيراً من أن أموت أو يموت أحد أقاربي، واليوم أصبحت أقوى، مع أن الكلام شيء والتطبيق شيء آخر.
كما تحدثت عن مرضها لـ«الوطن» فقالت: أخذت عبرة بأن كل ما يحصل معنا في الحياة له سبب لا نفهمه في خضم التجربة، بل بعد أن نجتازها وتصبح من الماضي، لكن المفيد أني تخلصت من الخوف في حياتي لأن التجارب الصعبة تجعل الإنسان أكثر قوة وبساطة في آن واحد، والآن بعد شفائي، أشعر أني انطلقت مجدداً وأنني عدت عشرين عاماً إلى الوراء بذات الروح والأمل والهمّة.

لا يا روح قلبي
لم يمنع السرطان الفنانة السورية فايزة أحمد من استكمال مشوارها الفني للنهاية، والمثير للإعجاب أن خلال معاناتها مع مرض السرطان عُرض عليها أغنية «لا يا روح قلبي» التي لحنها رياض السنباطي، وتوفي قبل الانتهاء منها، وأكملها ابنه أحمد السنباطي، فأعجبت بها كثيراً وأصرت على تسجيلها رغم آلام المرض، وكانت تطلب من الطبيب إعطاءها حقنة تسكن أوجاعها لمدة 24 ساعة لكي تتمكن من تسجيل الأغنية، وحين يرفض كانت تقول له: إن الموت الحقيقي والضرر لي هو أن أُحرم من الغناء، فهو الذي يشفيني ويريحني من الآلام، وبعد أن أنهت الأغنية بكى كل من في الأستوديو عندما بكت من شدة الألم.
وتوفّيت بعد صراع بالسرطان وقبل أن تكمل عامها الـ52، وترددت أقاويل بأن إصابتها بالمرض جاءت نتيجة إجرائها عملية تجميل للثدي، لأنها كانت من أوائل السيدات اللائي قمن بهذه الجراحة.
وفور علمها بمرضها سافرت إلى الخارج لإجراء جراحة لكنها لم تكن ناجحة لتمكن المرض منها، فقرّرت الاعتزال ولازمت الفراش سنوات طويلة قبل أن توافيها المنية في ثمانينيات القرن الماضي.
مخاطرة ووقاية

أما النجمة العالمية أنجيلينا جولي فقد خضعت لعملية استئصال للثديين، بعدما تأكدت أنها معرّضة لتطوّر مرض سرطان الثدي الذي أصابها وأدّى إلى وفاة والدتها عام 2007.
خوفها من تطوّر الإصابة لأنها تحمل جين «BRCA1» أحد الجينات المتسبّبة في سرطان الثدي، إضافة إلى ورم سرطان المبيض، دفعها للمخاطرة والخضوع لعمليّة الاستئصال التي اعتبرتها الحلّ الوحيد حتى لا يخسرها أطفالها في سنّ مبكرة، مشيرة إلى أن قرارها جعل إمكانية تطوّر المرض لديها تقلّ إلى 5% بعدما كانت فرص التطوّر تصل إلى 87%.
بعد ذلك خضعت جولي لعملية جراحية لاستئصال المبيضين وقناتي فالوب كإجراء وقائي من الإصابة بالسرطان بعد أن أظهرت الفحوصات الطبية وجود جين يشكل خطورة واحتمال الإصابة بسرطان المبيض بنسبة 50 بالمئة.

معركة شرسة
دخلت الفنانة المصرية شريهان في معركة شرسة مع المرض حيث أصيبت بسرطان الغدد اللعابية الذي يعتبر أحد أشرس وأخطر أنواع السرطانات الذي لا يصيب عادة إلا واحداً من بين كل 10 ملايين إنسان، وبالرغم من قسوة المرض، إلا أنها حاربته بشجاعة.
في عام 2000، علمت بإصابتها بالمرض وتوجهت فوراً إلى فرنسا لإجراء جراحة في الجانب الأيمن من وجهها بعد استئصال الورم، ودخلت غرفة العمليات لمدة 18 ساعة متواصلة وتم استبدال عضلة من الخد الأيمن والغدة اللعابية. بعد ذلك، خضعت لعمليات تكميلية عدة، يقال إنها وصلت إلى نحو 100 عملية، لتمرّ بعدها في رحلة علاج استمرت أكثر من 13 عاماً. وظلّت بعيدة عن الأضواء إلى أن عادت للظهور قبل عامين.

اعتزال واختفاء
كذلك، أصيبت شادية بسرطان الثدي قبل اعتزالها الفن، فسافرت لإجراء عملية جراحية من دون نتيجة إيجابية. لذلك، استأصلت ثديها، فتمت السيطرة عليه. وبعد شفائها، تبرعت بمنزلها ليكون مركز أبحاث للأمراض السرطانية. وقرّرت اعتزال الفن والاختفاء تماماً عن الأضواء.
وتعد قصتها واحدة من أشهر قصص الانتصار علي هذا المرض، وعلمت بخبر مرضها أثناء مسرحيتها «ريّا وسكينة» التي قدّمتها في الثمانينيات ولاقت نجاحاً منقطع النظير، وفي عام 1984 بدأت تشعر بألم شديد وبعدها توجّهت للطبيب لعمل الفحوص اللازمة واكتشفت إصابتها بسرطان الثدي.
وسافرت إلى فرنسا فور إصابتها بسرطان الثدي لكي تبدأ رحلة العلاج التي كانت ناجحة، واستأصلت أحد ثدييها، ثمّ عادت إلى مصر لتستكمل تصوير آخر أفلامها «لا تسألني من أنا» ليكون دور «عائشة» آخر أدوارها أمام الكاميرا.
ثم أدت فريضة الحج وأعلنت اعتزالها، كما باعت شقتها لكي تبني مكانها مستشفى مختصاً بالأبحاث السرطانية، وقرَّرت بعدها تقديم العديد من الأعمال الخيريَّة للمرضى والمحتاجين.

اعتزال وانعزال
أثارت الفنانة المعتزلة سابقاً، ميرنا المهندس، تعاطفاً كبيراً لدى مشاهديها عندما أصابها المرض المجهول الذي تم تشخيصه فيما بعد بسرطان القولون، وما أعقب ذلك من اعتزالها الفن والانعزال ثم لبس الحجاب، لكن سرعان ما هدأت الزوبعة بعد اكتشاف حقيقة مرضها ثم شفائها منه وعودتها للفن.
حاربت بقوة سرطان القولون، في حين لا تزال في عز شبابها، من خلال إجراء عدد لا يحصى من العمليات لاستئصاله، لكن على الرغم من مقاومتها، إلا أن الأطباء أجبروا على استئصال القولون واستبداله بأمعاء اصطناعية.
وبعد سنوات، عاد المرض يهاجمها لكنه هذه المرة تغلب عليها، حيث توفيت بعد أن وضعت على أجهزة التنفس الصناعي في المركز الطبي العالمي، حيث إنها تعرضت لنزيف في الرئة مدة 3 أيام.

الراقصة الحافية
عاشت الراقصة والممثلة سامية جمال أيامها الأخيرة فقيرة لا تملك نفقات حياتها بسبب تكاليف العلاج الباهظة التي كانت تتكبدها.
وتوفيت صاحبة لقب «الراقصة الحافية» في سن الـ70 في القاهرة جراء إصابتها بسرطان الأمعاء، الذي انتشر بسرعة كبيرة بجسمها ولم ينفع معها العمليات ولا العلاج وابتعدت عن الأضواء وظلت في منزلها.

رأساً على عقب
في عزّ نجاحها وتألّقها داهم مرض سرطان الثدي الفنانة مديحة كامل، فتغيّرت حياتها رأساً على عقب بعدما قرَّرت اعتزال الفن وارتداء الحجاب والتقرُّب إلى الله، قبل أن ترحل عام 1997 متأثرة بالمرض الذي لم تنجح في علاجه أو الشفاء منه.
وبدأت القصَّة بعدما فوجئت بإصابتها بسرطان في الثدي، وبالفعل أجرت جراحة ناجحة في لندن لاستئصال الورم وقرَّرت الإقلاع عن التدخين والسَّهر، ولكن سرعان ما عادت مجدداً إلى حياتها الأولى وهو ما أزعج ابنتها «ميرهان»، لكنَّها اعتزلت الفنّ نهائياً عام 1992 وارتدت بعدها الحجاب، وكان آخر أفلامها «بوابة إبليس» مع الفنان محمود حميدة. وتوفيت وهي صائمة بعد صلاة الفجر، وممسكة بالمصحف في العشر الأواخر من رمضان، وكانت تقضي آخر أيامها في المرور على المستشفيات والملاجئ، وجمع التبرعات للمحتاجين، وحضور الندوات الدينية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن