ثقافة وفن

الأمنية.. الشهرة

| د. اسكندر لوقا

لدى كل امرئ في الحياة رغبة ما كامنة في نفسه، قد تكون معلنة وقد لا تكون، وفي حالات عديدة تظهر هذه الرغبة في سياق مشاعر الحنين إلى الخلود بعد الموت. وفي هذا السياق كثيراً ما نقرأ عن عظماء من علماء وأدباء وفنانين، بحثوا أو يبحثون عن دروب تقودهم إلى الشهرة، تلك التي سوف تجعل ذكراهم باقية إلى ما بعد رحيلهم عن دنياهم إلى حيث لا جوع ولا عطش، بل السكينة المستدامة.
مثل هذه الرغبة لا تقتصر على الرجال دون النساء، ولا تتعلق بالعرق أو اللون أو العقيدة أو المكان. فالشهرة عامل جذب تشد الباحثين إليها، وبشتى الطرق المتاحة لمن يرغب فيها في حياته الدنيوية.
لهذا الاعتبار لا يتوقف أمثال هؤلاء الباحثين عن الشهرة، لا يتوقفون عن السير على دروبهم، مهما كانت طويلة أو حتى وعرة، بأمل الوصول إلى مقاعد جلوسهم على سلم الشهرة بغض النظر عن ترتيبهم فوق السلم، وذلك طمعاً بإثبات حضورهم في ذاكرات الأحياء من بعدهم لا في حضورهم فقط. وغالباً ما يجد أحدنا مبرراً لسعي البعض خلف الشهرة لاعتبارات تتعلق بنوع العطاء كالإبداع في مجالات العلم أو الأدب أو الفن وسوى ذلك من ضروب الإبداع التي تؤكد قدرتها على الصمود مع مرور الأيام في سجلات الخالدين. هؤلاء هم على عكس الباحثين عن شهرتهم في عالم خال من أبسط الشروط الإنسانية التي تحقق للمرء العيش بكرامة في ذاكرة غيرهم بعد الانتقال إلى العالم الآخر بسبب ما ارتكبوه من أعمال لا تمت إلى مفهوم الإنسانية بصلة وكانوا ضد القيم العليا وبينها احترام الحياة وجعلها مصدر فرح وراحة وسعادة لا مصدر حزن وقلق، أي ما يجعل الحياة، بحد ذاتها، وجهاً آخر للجحيم والآلام.
الشهرة، بحد ذاتها، طموح لدى الإنسان العاقل المتفهم لدوره الراغب في أن يبقى اسماً بين من سيأتي من بعده قائلاً على نحو ما قال أبو العلاء المعري: «ما مات كل الموت من عاش منه اسم».
ترى ماذا عمن محا الزمن اسمه ولم يبق منه حرف لا أكثر؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن