شؤون محلية

القضاء والتشريع (2)

| بقلم: نبيل الملاح - باحث ووزير سابق

أُتابع في هذا المقال الحديث عن بعض الأمور المتعلقة بالسلطة القضائية مستكملاً طرح بعض الموضوعات والتساؤلات التي لا بد من معالجتها والإجابة عنها، ليتمكن القضاء من النهوض بمسؤولياته على أكمل وجه:
1- التأني في اختيار القضاة وفقاً لمعايير وضوابط صارمة بعيداً من المحسوبيات والولاءات، وأن تضمن شروط انتقاء القضاة التأكد من توافر العلم والأخلاق والحكمة والحلم والرحمة والتواضع والحزم في المرشح.
2- إعادة النظر بوضع الكتاب والمساعدين العدليين ومأموري التنفيذ؛ فمعظمهم غير مؤهلين التأهيل اللازم، وبعضهم لا يصلح من الأساس أن يكون كاتباً ومساعداً عدلياً لعدم إلمامه بأبسط قواعد اللغة العربية ورداءة خطه. وإن الاهتمام بهؤلاء لا يقل أهمية عن الاهتمام بالقضاة؛ فهم المعنيون بصورة مباشرة بالإجراءات القضائية وتنفيذ الأحكام.
3- تفعيل عمل المكتب الفني لدى محكمة النقض ووضع الصيغة القانونية ليتكامل عمله مع عمل إدارة التشريع فيما يخص استخلاص القواعد القانونية التي تقررها المحكمة وتبويبها وطبعها وتعميمها على جميع المحاكم والدوائر القضائية والتنفيذية، واعتبارها مرجعاً في إطار التطبيق القضائي للقانون.
وفي هذا السياق لا بد من التفريق بين هذه القواعد والاجتهادات الصادرة عن الهيئة العامة لمحكمة النقض وبين القرارات التي تصدر بالدعاوى المتطورة أمام غرف محكمة النقض؛ حيث إن هذه القرارات تصدر للفصل في دعوى وخصومة محددة، ولا يجوز تعميمها على حالات أخرى والاستناد إليها في الحكم.
4- دعم مراكز التحكيم المحدثة وفقاً للقانون لتخفيف العبء عن المحاكم وتأطير عمل التحكيم ضمن إطار مؤسسي.
5- تعديل المادة 139 من قانون البينات والمادة 32 من قانون التحكيم ليصبح اختيار الخبراء من المحكمة أو هيئة التحكيم وليس من الخصوم؛ فالخبرة في غايتها ونتيجتها تساعد المحكمة وهيئة التحكيم في إصدار قرارها وحسم النزاع، ومن ثم ليس من المعقول أن يختار الخصوم الخبراء.
6- اعتبار عدم الأخذ بتقرير الخبرة في المنازعات التجارية والمالية حالة من حالات دعوى بطلان حكم التحكيم.
7- إحداث مكتب لدى مجلس القضاء الأعلى لمتابعة ما يتعلق بالنزاهة وإقرارات الذمة المالية للقضاة وجميع العاملين في المحاكم والدوائر القضائية والتنفيذية، وجمع المعلومات التي تساعد في ذلك.
8- إيجاد صيغة للتعاون مع الصحافة للإضاءة على عمل السلطة القضائية وإظهار ملامح الخلل بإطاره العام من دون التدخل بعمل المحاكم والدعاوى التي تنظر بها، وأعتقد أن ذلك لا يمس استقلال القضاء من قريب أو بعيد.
أخلص إلى أن هذه المواضيع وغيرها تحتاج إلى عمل جدي ودؤوب والاستعانة بأهل العلم والخبرة، وعدم التسرع بإعداد التشريعات والسير بإجراءات إصدارها، وإخضاع علم اللجان المشكلة لتعديل قانون السلطة القضائية وقانون أصول المحاكمات المدنية لمراجعات ومناقشات معمقة تغني عن الاضطرار إلى تعديلها بعد فترة من الزمن.
ومن منطلق أن العدالة تعني الجميع ومن حق الجميع، وأن حسن سير العدالة هو الهم الأكبر للناس، وأن مؤسسة القضاء هي الأهم في بناء الدولة ومؤسساتها.
فإن من حقنا أن نسمع رأي مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل فيما نطرحه ونطالب به، بكل وضوح وشفافية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن