ثقافة وفن

دروب الفرح

| د. اسكندر لوقا

المعاناة في حياة الإنسان هي أحد الدروب التي من المحتمل أن تقوده إلى الفرح وذلك بمجرد وصوله إلى هدف كان يسعى للوصول إليه، وذلك على غرار المتسلق جبلاً كان يرمي إلى بلوغ قمته ونجح في مسعاه. وكما المتسلق هنا يضع في حسبانه، مسبقاً، مقدار ما يمكن أن يلقاه من مشقة حتى يبلغ القمة فينال قسطاً من الراحة في غمرة فرحه ببلوغ هدفه، كذلك هو حال الباحث عن «قمته» التي يتمناها في حياته.
هنا يتساوى الأمران بحثاً عن هدف منشود، في حقل الرياضة كما في حقل الثقافة، من حيث المبدأ، مع وجود شتى الاحتمالات التي ستبقى تشكل جزءاً من حياتنا، بين اليأس والتفاؤل، بين الفشل والنجاح، بين القبول والرفض. إن بعضاً منا يضع هذا الاحتمال أو ذاك في حسابه والبعض الآخر يتخطى التقدير فتأتي خطاه على دروب المجهول وفي هذه الحالة قد يبلغ أحد هدفه المنشود وقد لا يبلغه، ولهذا الاعتبار كثيراً ما نتج عن ضعف الثقة بالنفس انحراف أصحابها عن السير باتجاه هدفهم وسقطوا في حفر غير مرئية كما لو كانوا يسيرون في عتمة الليل.
إن ثقة الإنسان بنفسه، حتى لا تكون عمياء، هي من عوامل امتلاك الإنسان لما يمكننا تسميته القرار، وبمقدار ما تكون نابعة من عقل قادر على التمييز بين الأصح والخطأ، يكون للقرار المتخذ شأنه في رسم حاضر ومستقبل صاحبه، لأن الموقف في مثل هذه الحالة لا يحتمل الأخذ بمنطق التجربة بين الخطأ والصواب كما هو خطأ التجربة بين المفيد والضار لأن ذلك يقود، في نهاية الأمر، إلى خلل في توازن الإنسان الباحث عن سبيل يقود إلى ما يرمي إليه، بحثاً عن هدف. لأن الثقة بالنفس هي من أغلى ما يملك الإنسان في سياق هذه المعادلة، وبفقدانها أو ضعفها، خسارة لا يمكن أن تعوض بسهولة. إنها كما الكنز في خزانة المال تفقد قيمتها وتغدو مجرد قطعة أثاث في أحد أركان المنزل أو المكتب في حال خلوها من محتواها.
ولهذا الاعتبار تسعى المدارس المعنية بالتربية الحديثة في بعض مدارس الأطفال في بعض الدول، إلى إعطاء الفرصة للطفل في الصفوف الأولى في مدرسته كي يعبر عن رأيه في قضايا تخص منزله أو مجتمعه ليكون مشاركاً بكامل وعيه وإرادته، وتحديداً في سن الرشد وما بعده، سواء في عملية تقويم الأخطاء في أسرته أم في مجتمعه على حد سواء.
وتبقى المعاناة، شئنا أم أبينا، من جملة ما نواجهه في الحياة وصولاً إلى فرحنا المنشود.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن