من دفتر الوطن

كن واقعياً…

عبد الفتاح العوض :

هراقليطس يقول الحرب هي «أم جميع الأشياء فهي تجعل من بعضهم آلهة ومن آخرين عبيداً».
تتحدث الحروب عندما تصمت السياسة، وتعلو صوت المدافع عندما يسكت السياسيون. لكن في ذات الوقت فإن غاية أي حرب تحقيق أهداف سياسية.
المبدأ العام أن الدول تلجأ للحروب عندما تفشل السياسة في تحقيق أهدافها.
لكن إذا قمت بالحرب وفشلت في تحقيق الهدف فإن العودة للسياسة لتحقيق الهدف ذاته هو منتهى الغباء والحماقة.
أقول ذلك حول عودة الحديث عن تنحي الرئيس ولست هنا في وارد الحديث عن عدم أحقية أحد بتحديد اسم رئيس دولة أو رفض اسم آخر أو مسألة التدخل الخارجي والسيادة، وكل هذه المفاهيم التي يبدو استخدامها في هذا الوقت رفاهية فكرية، أنا أتحدث عن الواقعية السياسية.
بعد حرب أكثر من أربع سنوات ونصف السنة لم تنجح في إسقاط النظام، لا يمكن لك أن تقول إنك ستحصل على ذلك بالسياسة وتحت عنوان «حل سياسي». لاشك بأن الغرب يدرك هذه الحقيقة.
في أدبيات السياسة أن الحرب هي فن «استخدام القوة للوصول إلى أهداف سياسية» وقبل ذلك بكثير يقول أرسطو في كتابه السياسة: إن الحرب هي فن ومهارة للسيطرة والتملك.
إذاً مادام الساسة الغربيون يدركون هذه الحقيقة، فلماذا إذاً إعادة إثارة هذه القضية من جديد رغم التبدلات الواضحة في اللهجة الغربية حول مستقبل سورية السياسي والتي أعطت إشارات قوية على أن الرئيس جزء من الحل؟
الإجابة عن هذا السؤال تقتضي منا الانتباه إلى أن تصريحات السياسيين عادة لا تكون حقيقية وهدفها في أغلب الأحيان الحصول على تنازلات من خلال رفع سقف المطالب والمكاسب، لكن الذي أراه هنا أن هذه النبرة من الخطاب ليست إلا تعبيراً عن عدم رغبة ولا جدية الغرب في المشاركة في حل الأزمة السورية.. بل هو تشويش على أي حل…
وزير الخارجية قالها بإيجاز… ما لم تحصلوا عليه بالحرب فلن تحصلوا عليه بالسياسة.
الحرب صراع سياسي.. ومازلنا مع كل الأسف ضمن هذا الصراع بل إننا في «عين العواصف» والتفاؤل في مثل هذه الحالات ليس إلا واجهة جميلة للمقبرة.!
كذا فإن المتغير الجديد هو دخول القوات الجوية الروسية في الحرب على الإرهاب.
ولا أستغرب موقفاً كهذا من الدول الغربية، لكن ما أستغربه ما تحدث به بعض السوريين عن اعتباره تدخلاً وغير ذلك من الأوصاف وهم الذين «فرحوا» بقصف الطائرات الإسرائيلية لمواقع سورية، وهم الذين قدموا دعوات للقوات الأميركية للتدخل.
الانفصام السياسي في هذه القضايا ليس إلا جزءاً من الانفصام في الشخصية العربية أو الشرقية عموماً.
فالرجل منا له شخصية في بيته، وأخرى في عمله، وثالثة مع أصدقائه، وواحدة لا يعلمها إلا الله.
وهذه المواقف من بعض السوريين التي لا تضع معياراً واحداً لقياس ردود أفعالها على القضايا الوطنية تعبر عن انفصام الشخصية… أو حتى تشظي الشخصية.
الحرب تصبح عادلة فقط عندما تكون ضرورية.. لكنها تبقى حرباً بكل مآسيها.

أقوال:
غاية الحرب هي السلم.
الحرب هي أن تلتهم الأرض لحوم البشر.
نتيجة الحروب خلق اللصوص ونتيجة السلام قتلهم.
الحب كالحرب من الأسهل أن تشعلها ومن الصعب أن تخمدها.
الحب هو اللعبة الوحيدة التي يشترك فيها اثنان ويكسبان فيها معاً أو يخسران معاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن