قضايا وآراء

لماذا سينجح التحالف الرباعي ؟

باسمة حامد : 

هل سينجح «تحالف موسكو» في بلوغ أهدافه التي أشار إليها الرئيس الأسد والوزير المعلم مؤخراً أي: ضمان مستقبل المنطقة وأمنها والحيلولة دون تدميرها بأكملها؟!
في الواقع، من الممكن القول إن موسكو – بعكس واشنطن- انخرطت بثقلها العسكري الملموس في التعاون العسكري مع دمشق وبغداد وطهران في توقيت مناسب مستندة إلى أوراق قوة لديها كدولة ملتزمة بالمعاهدات والمواثيق الدولية والدفاع عن الأمن القومي، فهي تحظى بالدعم الصيني والصمود السوري والارتياح الشعبي لحضورها ومعرفتها التاريخية بطبيعة وظروف هذه المنطقة (السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.. إلخ).
وفي إطار هذه الحقائق لا بد من الوقوف عند المعطيات التالية:
1- ارتفاع لهجة التحدي في تصريحات المسؤولين الروس، وفي هذا السياق، أعلنت روسيا رفض محاولات تركيا فرض مناطق حظر جوي فوق سورية، كما نجحت بإحراج الولايات المتحدة حين لم يرد جون كيري على الوزير لافروف بخصوص تزويده بمواقع (الجيش الحرّ إن وُجد) لتفادي استهدافها من الطائرات الروسية، إذ لا وجود فعلياً «لمعارضين سوريين مسلحين معتدلين» كما تدعي واشنطن التي فشلت في برنامجها لخلق تلك «الفانتازيا»، ولذلك لا يمكن النظر إلى نياتها بخصوص مواصلة تقديم الدعم لما تسميه «المعارضة المعتدلة لطرد داعش من مناطق ريف حلب الشمالي» إلا من زاوية «حفظ ماء الوجه» والاستثمار السياسي الرخيص.
2- تفعيل روسيا للعملية السياسية لإنضاج التسوية السورية، وتعزيزها للقدرات العسكرية للجيش العربي السوري من أجل ضرب كل أنواع المعارضات المسلحة دون استثناء خاصة المدعومة والممولة من الدول التي فشلت في تغيير النهج السياسي لسورية كقطر والسعودية وتركيا وفرنسا وبريطانيا والكيان الصهيوني.
3- لدى الدول المشاركة (روسيا وإيران وسورية والعراق) رؤية واضحة مشتركة قائمة على ضرورة مكافحة الإرهاب ليس فقط على المستوى العسكري والأمني والمعلوماتي، وإنما أيضاً على مستوياته المختلفة الأخرى:(الثقافية والاجتماعية والعقائدية والفكرية).
4- وجود استعداد روسي لإشراك كل من يرغب في محاربة الإرهاب، مع الإعلان عن أن السقف الزمني للعمليات الجوية لن تتجاوز عدة أشهر (وللمقارنة من المفيد التذكير بأن تحالف واشنطن كان قد أعلن أن عملياته قد تحتاج إلى أكثر من عشرة أعوام)!!
5- وفي ظل المخاوف العالمية المتزايدة من تمدد التطرف والإرهاب، يبدو أن الكثيرين اليوم يرغبون بالتعاون مع روسيا وهو ما يُقرأ مثلاً في التحولات الدولية الجارية بخصوص الملف السوري (إسبانيا وألمانيا وتشيكيا شددت على وجوب التحالف مع القيادة السورية ضد «داعش»)، ومواقف كردستان (رئاسة الإقليم أكدت في بيان رسمي ضرورة إيجاد تنسيق بين تحالف واشنطن وتحالف موسكو لتحقيق نتائج إيجابية)، وتونس والجزائر ومصر وآخرين ممن يستوعبون خطورة الفتن الطائفية والمذهبية.
ولهذه الأسباب وغيرها، ورغم المحاولات الأميركية والغربية المستمرة لعرقلة مهامه، لا بد أن يتمكن التحالف الرباعي في نهاية المطاف من النجاح، فثمة مفاتيح للانتصار يملكها أطراف هذا التحالف وفي مقدمتها جدية الجهود الروسية (الدبلوماسية والعسكرية). وحجم هذه الجدية ظهر بعد أسبوع واحد فقط من بدء الغارات الجوية الروسية، حيث تم تحقيق نتائج فعلية عجز عن تحقيقها تحالف واشنطن الستيني على مدى أكثر من عام، وثمار التنسيق الحقيقي القائم بين القوات الجوية والبرية لاحت سريعاً حين تم منع التنظيمات الإرهابية من الاستقرار في (ملاذات آمنة)، والأخبار تتحدث عن هروب أعداد من عناصر «داعش» مع عائلاتهم من محافظة الرقة نحو أوروبا وتركيا والعراق، والنتائج الأفضل آتية قريباً لا محالة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن