ثقافة وفن

بين السياسي والاقتصادي تحالف جديد أم ماذا؟

| إسماعيل مروة

كان يوم الأربعاء في لقاءاته مميزاً، بدأ عادياً، ومن المفترض أن ينتهي كذلك، ولكن معرض الفنانة التشكيلية سنا الأتاسي غيّر من الوقائع، فقد حضرت تحت فنها ولطفها حفل الافتتاح في دار الأوبرا، وتجولت في المعرض بين إحدى وعشرين لوحة أو قل بين إحدى وعشرين امرأة، فكل لوحة امرأة التقطت لوحتها بعناية مترفة، في الشكل والتفاصيل، في الماكياج والزينة، في التمرد وقوة الشخصية، في دعوتك للغوص في عمق نظرة العين وتفاصيل تمرد الجسد، الذي يحول المرأة من كائن مرسوم إلى كائن مشتهى بفكره وجسده يدرج أمامك وتتبعه، وليس كما قالت الفنانة إنها دعوة إلى التمرد فقط، لأن التمرد لوجه التمرد لا يقدم أي نوع من المساعدة لهذا العالم الضاج بالأنوثة والجمال.
دخل صديق اقتصادي عرفني بنفسه لأنه نسي تفاصيلي التي مرّ على لقائنا الأول قرابة سبعة عشر عاماً، ولم يعد يحفظها، فاستعدنا الذكرى، وهو يتجول أمام اللوحات بأناقة مفرطة، وحرص شديد على عدم فكّ أزرار سترته التي تلبس جسده بحرفية خياط، وبقماش من نوع خاص!
وعلى الرغم من غياب الجانب الرسمي، وطغيان جانب الأسرة والصداقة، إلا أن أحد أعضاء القيادة دخل إلى المعرض، فوجئت بسلام غير معتاد ببروده بين السياسي والاقتصادي، وحرص السياسي على التجول وسماع شرح الفنانة من دون أن يتأبط الاقتصادي كما كنت أشهد في لقاءات كثيرة من قبل، وكان الاقتصادي يتابع الحركة بعينيه حتى انتهت الجولة، وفي وقفة قبل المغادرة، كان السياسي يضع يده على طرف وجهه عندما سأله الاقتصادي: كيف الأحوال؟ فأجابه السياسي وبجفاف: أنتم في الحرب ربحتم أرباحاً لم تربحوها في عمركم، وسرقتم حتى جوّعتم الناس، ثم مشى من دون أن يسمع تعقيب الاقتصادي، وماذا عن القرارات الاقتصادية؟
سألت نفسي: هل وقعت بين السياسيين والاقتصاديين؟
هل أجريت جردة حساب، فاكتشف جانب أن الجانب الآخر غدر به؟
هل هناك تحالف جديد لمصلحة الوطن والمواطن؟
وقبل أن أسأل تحجج الاقتصادي بالسفر وغادر!
وقبل الحضور إلى المعرض كنت في زيارة لأحد الأصدقاء، سألته: هل تضررتم بما يحدث في لبنان مالياً؟ أجابني من دون رتوش، وبحكم الصداقة: جميعنا تضررنا ولكن بنسب، فهناك من يتعامل مع البنوك نقطة للمعاملات التجارية، وهذا الأقل تضرراً.
وهناك من رحّل أمواله، وغادر بكل شيء متخلياً عن البلد، وهذا في وضع كارثي، وهناك شرائح تخفي سرقاتها، وهو ما أشار إليه لبنانيون من وجود أموال لمتنفذين على رأس عملهم.
اضطررت للمزاوجة بين حديث صديقي والحوار بين السياسي والاقتصادي، وما يجمع بينهما هو الربح على حساب الناس والسرقة وتجويع الناس، وما دام السياسي قد استشعر بهذا الخطر الكبير أسأل: كيف لا تتم محاسبة كل المرابحين، ولو كانت المرابحة مصطلحاً مصرفياً إسلامياً، وكل المسؤولين الذين بجشعهم حيناً، وبجهلهم في أحايين كثيرة أوصلوا السوري إلى مرحلة لم يشهدها في تاريخه؟
ربما يحدث، وربما يتغير المشهد في لقاء آخر.
لوحات مميزة للفنانة سنا الأتاسي تخرج عن السائد، وتقدم المرأة التي نرنو إليها، أو التي نستحقها، في حال خرجنا من أزمة الفاقة والدوران على الذات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن