ثقافة وفن

التعبير عن الروح الأنثوية وبلوغ العمق الإنساني … سنا الأتاسي لـ«الوطن»: أرسم الروح وأتخيلها كيف يمكن أن تكون عندما تتحرر من الجسد

| سارة سلامة

تجمع بشخصيتها الذكاء والجمال والحس الأنثوي الطاغي وتكسبه للوحاتها وللأنثى التي تتصدر أعمالها. بشغف كبير تحمل ريشتها لتعبر عن المرأة، هي صرخة أنثوية تطلقها لتصل إلى عمق كل إنسان. في عالمها نرى المرأة المتقشفة مكتسية بالسواد والرماد مع حضور بعض الدفء والحب عبر ألوان الأحمر والموف التي كسرت بها الرماديات..
بعيون واسعة ونضج كبير ونظرات حادة واهتمام بتفاصيل وأناقة الشخصيات قدمت الفنانة سنا الأتاسي معرضها التشكيلي الأول الذي افتتحته في قاعة المعارض بدار الأسد للثقافة والفنون.

لتعبر عن الأنثى خلال مسيرة 10 سنوات مضت عانت فيها الأمرين وربما كانت الحلقة الأضعف في حرب لم ترحمها.
ومن خلال 24 لوحة متشحة بسواد أنيق وعيون حزينة، عرضت تجربتها التي تغوص في عوالم المرأة، من خلال النظر إلى وضع المرأة نظرة مختلفة محاولة الموازنة بين وضع المرأة الحقيقي والروحي وواقع المرأة الحالي الذي سعى إلى تقزيمها سواء كان من المرأة ذاتها أو من خلال المجتمع الذكوري، فقدمت مجموعة من اللوحات بتكنيك واحد في جميع الأعمال وكأنها امرأة واحدة في حالات متعددة تبحث عن حالة المرأة من خلال وجهها وزينتها ولباسها ومن خلال بحثها عن حريتها.
في تلك المعالجة تحاول أن ترينا الشيء الأجمل في المرأة وهو الروح والجوهر أكثر من أن يتجه تركيزها على الإغراء والجمال، ولكن عندما نبحر في اللوحة نجد أن المعاني التي خلف هذا اللباس وخلف المكياج هي عالم آخر من الروح ومن الفكر الأنثوي الجميل.

أكثر من معنى
الصمت والحزن والانتظار أمور واضحة في ملامح شخوص لوحاتها، والتي تبدو سرمدية، فسرتها بأن المرأة هي الروح تتألم بصمت، وتتمرد بصمت، وتثور بصمت، ففي عالمنا المجنون كثير من الأرواح التائهة التي عانت ألم الفقدان والحنين والاشتياق، ولكن هذه المعاناة تختفي خلف قناع الجمال وأناقة حرصت على إظهارها في كل لوحة.
كما أن الحزن في لوحاتها، يلفه الكبرياء، فالعيون تغص بالدمع ولا تسمح له بأن يسيل، وتقول: إن لوحاتها هي تجلي الروح التائهة الهائمة في عالم مجنون، وهي تمرد صامت وثورة فيها الكثير من الحزن والضياع في هذا الكون الممتلئ بالضجيج العبثي.
تبحث في لوحاتها عن الإنسان؟ فنحن اليوم لا نعرف أنفسنا وأضعنا ما بقي منها، وأصبحنا أجساداً بلاستيكية، دون أرواح، لأن الروح هاجرت تبحث عن مداها في أفق منسي.

أبحث عن العمق
وبينت سنا الأتاسي في تصريح خاص لـ«الوطن»: «إن هذا المعرض هو حصاد سنوات طويلة من الخبرات، وخاصة أنني أرسم منذ طفولتي ونتيجة لدراستي وبحثي ومواهبي المتعددة في المجال الفني تحديداً أصبح لديّ مزج وصلني إلى هذه النتيجة التي صدرت من أحاسيس وعمق وكثير من الأشياء التي عشناها خلال سنوات الحرب».
وتوضح الأتاسي أنها ترسم الروح كما تتخيلها فتقول: «أرسم الروح عندما تتحرر من أجسامنا أتخيلها كيف ممكن أن تكون. وركزت على الرماديات والسواد بشكل قوي وواضح وصريح في لوحاتي لأن ذلك يعبر عن الغموض في عالمنا الذي نحن فيه ونرى الروح موجود وراءها سواد أو ضبابية تمثل ذلك العالم، أما بالنسبة للون الأحمر أو الموف الموجود بطريقة ضعيفة فهو يدل على الحب الدم والدفء لأن هذه الألوان الدافئة فيها شيء من النقاء».
وبالنسبة لاستخدامها الأحجام الكبيرة في اللوحات: «المساحات الكبيرة في اللوحة تمنحني الحرية، ولو استطعت أن أرسم على حيطان الدنيا كلها فلن أمانع».
وعن أحلامها تقول: «طوحي وحلمي لا يقف عند حد وأتمنى أن انطلق من الشام للعالمية. ضمن رسالة اعبر فيها إلى العمق الإنساني».
ورغم رسمها المرأة تبين أنها غير متحيزة لها: «لا يوجد أي تحيز للمرأة ولكن من خلال هذه العيون وهذا التأمل وهذه الحالة والتكوينات أبحث عن العمق وأتمنى كل شخص يرى لوحاتي أن يذهب بها إلى العمق».

عن قرب أكثر
الفنانة سنا أتاسي من مواليد مدينة حمص عام 1978 رسامة ونحاتة ومخرجة أفلام سينمائية قصيرة درست التصميم الإعلاني وصناعة وإخراج أفلام الكرتون في أكاديمية ارينا الهندية وهي خريجة دبلوم علوم السينما التابع للمؤسسة العامة للسينما ودبلوم الإخراج السينمائي والتلفزيوني في أكاديمية سيا وخريجة الأكاديمية البريطانية روديك في التصميم الداخلي وفي رصيدها أربعة أفلام سينمائية قصيرة كما شاركت في مهرجانات سينمائية ومعارض فنية داخل سورية وخارجها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن