رياضة

منتخبنا يودّع كأس آسيا مرفوع الرأس … صناعة كرة متطورة منافسة تحتاج إلى ذهنية عالمية

| ناصر نجار

بقيت الصدمة الأسترالية حاضرة، والعقدة من الصعب حلّها بالوقت الحالي، والشيفرة عجز عن فكها لاعبونا ومدربهم، وهذه إمكانياتنا، ونحن لا نلوم أحداً في هذا الخروج والرأي السديد في هذا المنتخب أن راجعوا كرتنا المحلية بشكل جيد لتصلوا إلى منتخب قادر على اجتياز الحواجز واختصار المسافات وبلوغ الأحلام (وما نيل المطالب بالتمني)!
والمنتخب بشكل عام قدمّ مباراة كبيرة وجميلة لكنها لم تنته النهاية السعيدة التي تمناها الجميع وذلك عكس المباريات في الدور الأول حيث حققنا المطلوب على حساب الأداء، والمشكلة أمس كانت بالنهايات السعيدة، فكما وقف القائم أمام أحلام رجالنا في اللحظات الأخيرة من المباراة الشهيرة في سيدني، فإن الحظ تخلى تماماً عن لاعبينا في مواجهة المرمى، فتألق دفاعهم حيناً وحارسهم أحياناً، فضلاً عن الكرات العديدة التي جاورت أخشاب المرمى من دون أن تمزق الشباك.
والمباراة لن يكون من المفيد الحديث عن تفاصيلها، فالجميع شاهد الأداء الجميل، والجميع اقتنع بموهبة لاعبينا وجدارتهم في المباراة وقد قدموا جهدهم ولم يبخلوا بقطرة عرق في سبيل الفوز، ولكنها كرة القدم التي لا تعرف العدالة في الكثير من المباريات.
المباريات الأربع التي لعبناها عبرت عن فكر مدرب احتفظ لنفسه بعامل المباغتة وأجرى في كل مباراة تغييرات على صفوف المنتخب أعطت مفعولاً ودلت على صوابها، وكل اللاعبين الذين اشتركوا كأساسيين أو احتياط أثبتوا فاعليتهم في المراكز التي لعبوا بها والمهام التي أوكلت لهم.
وننوه إلى أن طرد علاء الدين دالي بمباراة السعودية كان له الأثر السلبي على منتخبنا هجومياً، فغيابه ترك البركات يحلق وحيداً دون مؤازرة هجومية فعالة.
لا نريد أن نستعرض الأسماء، فكل لاعبي المنتخب يستحقون التحية والإعجاب، ونأمل أن تكون مشاركتهم في هذه البطولة الكبرى وأداؤهم الحسن فيها دافعاً لهم للأفضل وألاّ يدُخل الغرور إلى قلوبهم فيتراجعوا إلى الوراء كما تراجع بعض أسلافهم.
وللحق نقول: إن المدرب أيمن حكيم قدمّ لنا منتخباً جيداً بلاعبين متميزين قد يكون أخطأ مرة لكنه أصاب مرات وهذه كرة القدم مثلما أنها لا تنصف الفرق والمنتخبات فهي لا تنصف المدربين أيضاً.
ونحن هنا نعتز بجميع مدربينا المحليين سواء في الأندية أو العاملين مع المنتخبات الوطنية الذين يقدمون خلاصة خبرتهم الشخصية وجهدهم في مواجهة منتخبات كبرى تتسلح بخبرة المدربين العالميين وهذا بالدرجة الأولى فخر لكوادرنا الفنية.
وكذلك نوجه تحية مماثلة لمدربينا المحليين في الأندية الذين قدموا هؤلاء النخبة من اللاعبين الذين ينتمون إلى أندية الجيش والشرطة والوحدة والكرامة والوثبة والاتحاد وحطين وتشرين والطليعة والجزيرة وهناك مثلهم من اللاعبين لم يجدوا مكاناً بين المسافرين إلى تايلاند لأسباب مختلفة لكننا نؤكد أنهم لا يقلون عنهم مستوى وموهبة.
صناعة عالمية
بالمحصلة العامة وصلنا إلى ربع النهائي أي إن تصنيفنا بين الدول الآسيوية من الثمانية الأوائل وهذا حدث معنا مرتين في السنوات الثماني الماضية مع تعدد المدربين ومستوى التحضير وخلاف ذلك، وقبل انطلاق البطولة كان الجميع يخشى على منتخبنا وقد أوقعته القرعة مع منتخبات تعيش اليوم أفضل أيامها، ولم يكن أشد المتفائلين بمنتخبنا يتوقع له مثل هذه النتائج والوصول إلى ربع النهائي وكسب احترام المراقبين والمتابعين والخروج من المجموعة الحديدية سالماً غانماً.
الوصول إلى ربع النهائي على حساب السعودية وقطر واليابان هو أقوى من الوصول على حساب منتخبات مثل كوريا الشمالية واليمن، والإمارات العربية كما حدث في كأس 2014.
هذا يدل على التطور ولو كان نسبياً، لكن إذا أردنا صناعة منتخبات عالمية نستطيع أن نراهن عليها وصولاً إلى البطولة فعلينا أن نسير بكرتنا وفق القواعد والآليات التي تتبعها الدول المتطورة أو لنقل الدول التي تسبقنا بخطوات بسيطة.
أولاً: على صعيد المنتخبات لابد من تهيئة المناخ الدولي لصناعة عالمية وهذا لا يتحقق ضمن مبدأ الإمكانيات المتاحة، وهي عملياً إمكانيات بسيطة لا يمكننا صناعة كرة تنافس آسيوياً على أقل تقدير.

لذلك قبل أن نلوم أحداً فلنقارن الميزانية التي صُرفت على منتخبنا والميزانية التي صرفت على منتخبات قطر واليابان والعراق وإيران والبحرين والصين وقد خرجت من الدور الأول.

يجب أن تتوافر لدينا إمكانية توفير بضعة مدربين عالميين لمنتخبات الرجال والأولمبي والشباب، والتعاقد معهم سيكون مناسباً لتطوير قدرات مدربينا الموهوبين الشباب على أقل تقدير، فإن لم نستطع إرسال مدربينا إلى فترات تعايش خارجية، فليكن التعايش داخلياً من خلال هؤلاء المدربين والاستفادة من خبرتهم.
ثانياً: على صعيد الأندية لا بدَّ من تغيير العقلية التي تدير كرة القدم فيها، فبدلاً من عشرات الملايين التي تهددها الأندية بحثاً عن بطولات مسبقة الصنع، يجب أن يصرف المال على القواعد بسخاء لتنمية كرة القدم وتطويرها.
نقول أخيراً شكراً لمنتخبنا الأولمبي، ونتمنى من اتحاد الكرة أن يحافظ على هذه المواهب لتكون خير معين لكرتنا في السنوات القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن