من دفتر الوطن

الأسود لا يليق بنا!!

| عبد الفتاح العوض

اللون الأسود في حياة الناس تعبير عن الشؤم والحزن والضيق.
في معظم الحضارات الإنسانية لم تكن سمعة اللون الأسود طيبة فقد ارتبط بالبؤس والموت والشيطان.
حتى عندما أصبح الناس يتحدثون عن اللون الأسود كتعابير ورموز قالوا العرق الأسود والفكاهة السوداء.. والأربعاء الأسود, فالعرق الأسود يستخدم حتى الآن كنوع من العنصرية تجاه ذوي البشرة الأفريقية وحتى اسمها القارة السوداء أو السمراء في أحسن الأحوال.
أما الفكاهة السوداء فتعبر عن السخرية المرة والموجعة التي تكون عادة مترافقة مع الألم والضيق, كذلك عندما ارتبكت الأيام باللون الأسود كانت تعبر عن أزمات اقتصادية في أغلب الأحيان وانهيارات في الأسواق.
أما إذا قلنا قلب أسود فهذا يعني الحقد والكراهية!! والسحر الأسود مشهور بالإيذاء العنيف… في الأديان كان الأمر محسوماً جداً. فاللون الأسود هو لون الظلام والظلمات فيما جاءت الأديان لتخرج الناس من الظلمات إلى النور وحتى في الآخرة يصبح اللون الأسود لأصحاب النار والأعمال الشريرة.
«يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه..».
في المسيحية اللون الأسود هو لون الزهد والتقشف.. طبعاً يوجد استثناءات على مستوى حضارات العالم بالتعامل مع اللون الأسود لكننا هنا نتحدث عن الغالب الأعم والذي ارتبط بنظرة البشر إلى هذا اللون وخاصة في منطقتنا سأقف هنا لأتحدث عن علاقتنا نحن السوريين مع اللون الأسود هذه الأيام.
لا يمكن القول إننا نمر بأيام سوداء.. بكثير من التأكيد نحن مررنا بسنوات سوداء.. وهذه السنوات على ما فيها من صعوبات ومحن وكوارث إلا أنها أظهرت أشياء يمكن أن نقول عنها «بيضاء» مثل هذه الصلابة والقدرة على التحمل وهي أشياء ما كانت في شعب إلا واستطاع أن يصنع المستحيل فعلاً.
لكن اللون الأسود لم يقتصر على سنوات الحرب بل يغلب على ألسنة السوريين اللون الأسود من خلال ما يعرف بالسوق السوداء.. ففي كل مناحي الحياة ثمة سوق سوداء.. المسألة تكاد تكون مستمرة معنا منذ سنوات طويلة حتى من قبل الحرب.. سوق سوداء للأخضر والغاز والبنزين والمازوت.. وفكرة «السوداء» مرتبطة بالاستغلال والأسعار المرتفعة والأرباح غير المشروعة.
في كل ما يتعلق بالسوق السوداء هناك تواطؤ مشبوه بين مسؤولين وتجار والخاسر دوماً أناس بسطاء نادراً ما يتمكنون من البقاء على قيد الأمل, لماذا لم نستطع حتى الآن التخلص من «اللون الأسود».. ما الذي يجعل الأمر صعباً إلى هذا الحد.. فرغم ثقافة السوريين التي تندرج تحت «خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود» إلا أنه لم يبق لدى الأغلبية منا شيء من البياض لا قرش ولا غيره.
أخيراً ثمة سوق سوداء للأخلاق حيث يمكن التعامل مع أصحاب السلطة والمال بنفاق يثير الغثيان.. سوق سوداء للأخلاق عندما يبيعنا الفاسدون وطنيات ونجد أنفسنا ملزمين بإثبات حسن السلوك الوطني أمام أشخاص كل تاريخهم أسود.

أقوال:
• إنّ الحياة إما مغامرة جريئة أو لا شيء.. الأمن غير موجود في الطبيعة، ولا يمكن للبشرية جمعاء أن تختبره بشكل مستمر.. تجنب الخطر ليس أكثر أماناً على المدى الطويل من التعرض للخطر.
• إنّ تشابهت أيامك فذلك يعني أنك توقفت عن إدراك الأشياء الجميلة.
•لا تعتذرنّ إلا إلى من يُحب أن يجد لكَ عذراً، ولا تستعن إلا بمن يحب أن يظفركَ بحاجتكَ، ولا تُحدثنَّ إلا من يرى حديثكَ مغنمًا، ما لم يغلبكَ اضطرارٌ.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن