رياضة

بعد ثلاثين عاماً يبلغ النسخة السادسة عشرة … منجم المواهب وحقل التجارب المثالي مقدمته سمراء

خالد عرنوس :

تنطلق يوم السبت القادم منافسات بطولة كأس العالم للناشئين (17 سنة) أو ما بات يعرف بمونديال الناشئين بنسخته السادسة عشرة على الأراضي التشيلية بمشاركة 24 منتخباً يمثلون قارات العالم الست (كروياً) وسيكون أحدها منتخب سورية أحد ممثلي القارة الآسيوية وممثل العرب الوحيد، وتستمر لغاية الثامن من الشهر القادم، وكانت هذه البطولة انطلقت قبل 30 عاماً وتقام في كل عامين في السنوات الفردية، فما حكاية هذه البطولة؟ وكيف بدأت ومن أبطالها وما أهم أحداثها؟… نتابع في السطور التالية:

حكاية البطولة
تعود نشأة بطولة العالم للناشئين تحت سن 16 عاماً وهذه تسميتها الأولى إلى بداية ثمانينات القرن الماضي عندما بدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لكرة القدم بتطوير مسابقاته مع الاهتمام الإعلامي والجماهيري الكاسح للعبة الجماهيرية الأولى في الكرة الأرضية.
فبعد الحدث المتمثل بنهائي مونديال 1970 والذي تابعه مئات الملايين عبر الشاشة الصغيرة توسعت المساحة التلفزيونية لمباريات كرة القدم ومع مجيء البرازيلي جواو هافيلانج ليتسلم منصب رئيس الفيفا عام 1974 أدرك أهمية الشراكة الثلاثية بين كرة القدم ووسائل الإعلام وعلى رأسها التلفزيون وشركات الإعلان، وبعقلية التجار وهو الخبير في مجال الاقتصاد نجح في ترجمة هذه الشراكة بعقود بدأت بضخ ملايين الدولارات في خزائن الاتحاد الدولي وباتت بعض الشركات ترعى بطولات برمتها وقد رسم هافيلانج مع فريق عمله خططاً جديدة لنشر اللعبة أكثر وأكثر.

خطوات عملية
أولى هذه الخطوات كانت إنشاء بطولة للشباب وكان له ما أراد فأقيمت البطولة الأولى عام 1977 للاعبين تحت 19 سنة ثم زاد عدد المشاركين في مونديال الكبار وعندما لاقت بطولة مونديال الشباب نجاحاً تنظيمياً وفنياً معقولاً جاءت بطولة العالم للناشئين عام 1985، وقد اتبع الفيفا سياسة إرضاء الصغار بإسناد تنظيم هذه البطولات إلى دول صغيرة، واعتبر إقامة تصفياتها على غرار مونديال الكبار من خلال التقسيم القاري ما شجع الاتحادات القارية على إقامة بطولاتها الخاصة التي تقل أعمارها بعام عن المسابقة العالمية وهكذا كان.
أما عدد المنتخبات المشاركة ونظام التأهل فقد أسنده الفيفا إلى الاتحادات القارية مع منح فرصة أكبر للقارات الصغيرة كروياً الشيء الذي منح قارتي آسيا وإفريقيا زيادة في عدد ممثليها خاصة بعدما نجحت منتخبات تابعة لهاتين القارتين في فرض كلمتها في البطولة، وقد أقرت الاتحادات القارية تأهل بطل القارة عن هذه الفئة وما يليه حسب حصة كل منها وقد تسببت البطولة في تنظيم بطولات دورية للقارات في هذه الفئة.
في عام 1985 كانت جرت النسخة الأولى من البطولة في الصين ولاقت نجاحاً لافتاً لاسيما أن دولاً إفريقية دخلت على خط المنافسة بل توج منتخب نيجيريا باللقب يومها وبعد النسخة الثالثة عام 1989 جرى تعديل على أعمار اللاعبين بحيث أصبحت بطولة العالم لـ17 عاماً بعدما كانت لـ16 عاماً (تحت 17 عاماً) ولم تثن بعض المشاكل لاسيما المتعلقة بتزوير الأعمار من عزم السيد هافيلانج واللجنة التنفيذية في المنظمة الدولية وحاولوا التغلب عليها ونجحوا إلى حد كبير في القضاء على هذه الظاهرة، أما التعديل الوحيد الذي طرأ على البطولة التي تقام كل عامين (السنوات الفردية) هو اسمها الذي أصبح منذ 2007 (كأس العالم لأعمار 17 سنة).

حقل مثالي
وقد اعتبرت بطولة العالم للناشئين على امتداد ثلاثة عقود حقل تجارب مثالياً لبعض التعديلات خاصة على صعيد التحكيم وأمور تنظيمية أخرى، فمع بداية البطولة اقتصرت مدة مبارياتها على 80 دقيقة ثم تساوت مع البطولات كافة في النسخة الرابعة.
وقد ساهمت بعض الأفكار التي جربت في البطولة في تغيير بعض القوانين المؤثرة على سير اللاعبة بدءاً من احتساب ثلاث نقاط للفائز التي جربت منذ النسخة الرابعة في إيطاليا وكذلك تجربة الحكام الاختصاصيين (حكام ساحة) و(حكام مساعدون) في تلك البطولة ثم إضافة حكمين عند خط المرمى مؤخراً.
ولا ننسى الهدف الذهبي أو ما عرف بـالموت المفاجئ أي إنهاء المباراة عند تسجيل أحد الفريقين هدفاً في أي دقيقة من الوقتين الإضافيين وقد جرب في مونديال الصغار عام 1993 قبل أن يقر قارياً وعالمياً بعد عامين ثم ألغي العمل به بعد عقد كامل، وكذلك تجربة منح اللاعبين وقتاً مستقطعاً أثناء المباريات.
أما آخر التعديلات فكانت تقنية خط المرمى التي جرت تجربتها في مونديال الناشئين منذ عام 2005 وقد أثبتت نجاحاً ملحوظاً منذ تلك البطولة وبعد جدل كبير أقرها الفيفا في بطولات الكبار في مونديال البرازيل 2014 وباختصار فإن كل التعديلات التنظيمية والتحكيمية والإدارية التي طرأت على بطولات اللعبة في العقدين الأخيرين جربت في مونديال الناشئين.

المقدمة سمراء
ولم تعد بطولة الناشئين مجرد بطولة في روزنامة الفيفا بل أصبحت مخبراً جيداً للخامات الصاعدة من المواهب الكروية المغمورة ولذلك ولعل هذا أحد أسباب نجاحها بسبب اهتمام الكشافة من اللاعبين وشركات تسويق اللاعبين الذين يخرجون منها بصيد ثمين.
وعلى عكس مونديال الرجال وعلى غرار مونديال الشباب تغيرت خريطة القوى الكبرى المسيطرة على مونديال الناشئين فاتجهت جنوباً نحو القارة السمراء فقد شارك الأفارقة بقوة في صنع تاريخ هذه الفئة ويتصدرون ألقابها بفضل منتخبي نيجيريا وغانا وأيضاً كان للآسيويين بعض الإنجازات التي لا يمكن نكرانها وتبقى للأميركيين كلمة بفضل أهل السامبا الذين حققوا رقماً قياسياً في وقت قياسي قبل أن يتراجعوا أمام المدّ الأسمر أما القارة الأوروبية فاكتفت بثلاثة ألقاب متفرقة فلم تحقق أي دولة أكثر من لقب.
فمنذ النسخة الأولى خطف النيجيريون اللقب من بين أنياب الألمان والبرازيليين واليوم وبعد 15 نسخة من البطولة فإن السيادة فيها إفريقية تماماً بفضل 6 ألقاب كاملة ثلثها لفراخ نسور نيجيريا ولقبان لنجوم غانا ووحدهم صغار السامبا من القوى الكلاسيكية كروياً وضعوا اسم بلادهم البرازيل على لائحة الشرف بين المتوجين بالبطولة، أما الألقاب الأخرى فذهبت إلى فرنسا وسويسرا والسعودية (الفريق العربي والآسيوي) الوحيد الذي فاز بلقب عالمي من بطولات الفيفا على صعيد الذكور.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن