سورية

جدل داخل أروقة الاتحاد الأوروبي بشأن الموقف من الرئيس الأسد.. واشنطن تتوقع مباحثات عسكرية مع روسيا بشأن سلامة الطيارين ولا تحدد أسماء «المجموعات المعتدلة» التي يمكن أن تستهدفها روسيا

وكالات :

وسط جدل حاد يدور داخل أروقة الاتحاد الأوروبي بشأن سبل مقاربة الوضع في سورية ودور الرئيس بشار الأسد، توقعت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» إجراء محادثات جديدة مع وزارة الدفاع الروسية خلال الأسبوع الجاري بشأن ما سمتها «ضمان سلامة العمليات الجوية» فوق سورية.
يأتي هذا الإعلان بعد أيام من إطلاق البوارج الروسية الراسية في بحر قزوين 26 صاروخاً، حلقت فوق إيران والعراق قبل أن تدمر مواقع تنظيم داعش الإرهابي في شرق سورية، في رسالة توضح للأميركيين قدرة موسكو على تجاوز التحالف الدولي للوصول إلى مواقع داعش في الرقة ودير الزور. ورفضت واشنطن طلباً روسياً بإخلاء الأجواء السورية ليتسنى للطائرات الروسية التي تتخذ من مطار حميميم غربي البلاد قاعدةً انطلاق لعملياتها، حرية العمل في مواجهة الإرهابيين.
وأثارت الصواريخ البحرية الروسية التي أطلقت من قزوين قلقاً عميقاً في «البنتاغون»، بشأن سلامة الطيارين الأميركيين الذين يشنون الهجمات على مواقع داعش فوق الأراضي السورية. ونقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم «البنتاغون» بيتر كوك قوله للصحفيين مساء الجمعة: إن «وزارة الدفاع تلقت رداً رسمياً من وزارة الدفاع الروسية، فيما يتعلق باقتراح (البنتاغون) لضمان سلامة العمليات الجوية فوق سورية».
وأوضح كوك أن «قيادات الوزارة تراجع الرد الروسي ومن المرجح إجراء محادثات في مطلع هذا الأسبوع».
والأسبوع الماضي، دعت روسيا علناً الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده لمواجهة داعش في كل من سورية والعراق، إلى التعاون في جهود مكافحة الإرهاب أو على الأقل تقاسم المعلومات لمواجهة الإرهابيين، ولكن الولايات المتحدة رفضت ذلك على لسان وزير دفاعها اشتون كارتر، وأبدت انفتاحاً للتنسيق بشأن إجراءات السلامة الأساسية للطيارين، فحسب، وهو ما اعتبرته وزارة الدفاع الروسية ذريعة من قبل واشنطن حتى لا تحارب الإرهاب. وقبل نحو عشرة أيام، أعلنت موسكو إطلاق حملة جوية لدعم الجيش السوري في مواجهة الإرهابيين، إلا أن واشنطن، اتهمت روسيا باستهداف «مسلحي المعارضة المعتدلة»، من دون أن تحدد ماهية المجموعات التي ينتمون إليها بدقة.
وتهرب المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي عن ذكر أسماء المجموعات «المعتدلة» المدعومة أميركياً، والتي تزعم الولايات المتحدة أنها تتعرض للغارات الروسية. وفي مؤتمر صحفي في واشنطن، كرر كيربي، وفقاً لموقع «روسيا اليوم»، ادعاءاته السابقه من أن معظم الضربات الجوية الروسية «لا تزال تستهدف المجموعات المعارضة»، بما في ذلك تلك التي حظيت بدعم الولايات المتحدة على مدار العامين الأخيرين، بدلا من استهدافها مواقع داعش.
لكن المتحدث باسم الخارجية اعتذر عن الإجابة على طلب ذكر ولو عدداً قليلاً من المجموعات «المعتدلة» التي تعرضت للقصف الروسي، قائلاً إنه لا يملك «قائمة» بهذه المجموعات. وأضاف إنه وإن كانت لدى الإدارة الأميركية مثل هذه القائمة فلا داعي لنشرها في أي حال من الأحوال.
أوروبياً بحث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل آخر التطورات في سورية، وذلك خلال لقاء جمعهما بشمال غرب لندن. وأفاد متحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية، بحسب وكالة «سانا» للأنباء، بأن الجانبين تحدثا بشأن تعقيدات الأزمة السورية وكيفية إيجاد حلول لهذه الأزمة المستمرة منذ ما يزيد عن 4 سنوات، كما تطرقا إلى التهديدات المتزايدة لتنظيم داعش على المنطقة والعالم، إلى جانب مشكلة اللاجئين وخطط إصلاح الاتحاد الأوروبي. يأتي هذا اللقاء في ظل تقارب بريطاني ألماني بشأن القبول ببقاء الرئيس الأسد خلال المرحلة الانتقالية، وهو ما ترفضه بشدة فرنسا. وضغطت مسألة اللاجئين على ألمانيا ودفعتها إلى تليين مواقفها حيال سورية.
وعشية اجتماع اعتيادي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ غداً الاثنين، صرح دبلوماسيون أن دول الاتحاد الأوروبي تبذل جهوداً مضنية من أجل التوصل لموقف موحد بشأن الدور الذي يقبل التكتل الموحد أن يمارسه الرئيس الأسد في حل الأزمة السورية، في انتهاك فاضح للسيادة السورية.
واجتمع أمس دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى صيغة نهائية لبيان يرفع إلى وزراء الخارجية. وعكفوا على العمل للتوصل إلى حل وسط بين الدول الداعية لرحيل الرئيس الأسد فوراً، والدول الأخرى التي أبدت استعدادها لقبول انتقال مرن للسلطة في سورية، خاصة مع استمرار تدفق أعداد ضخمة من المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا.
وفي هذا السياق قال دبلوماسي أوروبي قبل يومين: «هناك إجماع بين الدول الأعضاء على أن (الرئيس) الأسد لن يكون جزءا من حكومة مستقبلية في سورية، لكن كيفية صياغة ذلك على وجه التحديد مازال موضع بحث»، فيما قال دبلوماسي ثان: «نحن نتحدث عن ترتيبات انتقال مرن، الانتقال أمر رئيسي الآن»، مضيفاً «لن نرى في موقف الاتحاد الأوروبي أن (الرئيس) الأسد لابد أن يرحل». وأبدى دبلوماسيون آخرون ضرورة المزيد من الحذر، مؤكدين أن القضية الرئيسية والأساسية تتمثل في وقف العنف ضد الشعب السوري. في سياق منفصل نفى رئيس الحكومة التشيكية الأسبق بيرجي باروبيك وجود «معارضة معتدلة» في سورية، موضحاً أن الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد داعش، لم تحقق أي نتائج ملموسة على الأرض.
وقال باروبيك في تعليق له نشره موقع «قضيتكم» التشيكي أمس، ونشرته وكالة «سانا»، أن من جرى تدريبهم من قبل الولايات المتحدة على أساس أنهم مما يسمى «المعارضة المعتدلة» انتقلوا إلى جانب التنظيمات الإرهابية مع أسلحتهم الأميركية. وشدد على أن «المقدمة الأساسية لحل الأزمة في سورية تكمن في قيام الولايات المتحدة بالطلب من الأنظمة التابعة لها في السعودية وتركيا بتصحيح سياستها تجاه سورية من خلال التوقف عن دعم الإرهابيين ثم البحث عن تسوية سياسية بين الحكومة السورية والمعارضة». وقارن بين النتائج الضعيفة للتحالف الدولي في مواجهة داعش، والتي تشير إلى أنه لا يمتلك معلومات استخباراتية جيدة أو قوة سياسية تمتلك قوة عسكرية فعالة على الأرض، وبين الإصابات الدقيقة للطائرات الروسية والتي تؤكد امتلاك روسيا «معلومات دقيقة عن الإرهابيين ومعسكراتهم، تستند إلى معطيات الجيش السوري، (حيث) يتم التنسيق أيضاً بين سلاح الطيران الروسي والقوات البرية السورية». وأشار رئيس الحكومة التشيكية الأسبق إلى أن المسؤولين العراقيين يلمحون إلى إمكانية نشوء محور سياسي عسكري قوي يعتمد على روسيا، الأمر الذي إذا ما حصل فسيغير معادلات القوى في الشرق الأوسط، واعتبر أن مجريات الأمور تشكل إشارة واضحة بأن العالم لم يعد أحادي القطب وإنما متعدد الأقطاب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن