اقتصاد

«مشروعي» مشروعكم!

علي هاشم :

بعد عقد كامل على الولادة «الدفترية» لهيئة التشغيل وتنمية المشروعات، من دون ولادة أي منها، بات بمقدور الحكومة اليوم الحديث عن إطار مؤسسي عملاني واعد لدعم المشاريع الصغيرة، وبات من الممكن لرئيس مجلس الوزراء أن يتناول -تناول الواثق- دور الحكومة في هذا القطاع التنموي، كما فعل في طرطوس أول أمس.
فمع الاتفاق الذي أبرمته وزارة الإدارة المحلية و«الأمانة السورية للتنمية»، دشنت الحكومة مرحلة «تحرير» المشاريع الصغيرة من ربق ثنائية «التمويل والضمانات» التي طوقت عنقها لعشر سنوات قضتها الحكومة في البحث المرير عن إطار مؤسسي تلو الآخر، وصولا إلى الأسابيع الأخيرة التي شهدت طرح تعليمات «تأسيس مؤسسات ضمان المخاطر» التي تحتاج إلى من يضمنها، وبعدها بأيام «تعاليم منح القروض التشغيلية» التي أطلقتها المصارف الحكومية وآلت فيها على نفسها الاستمرار بدعم «البطالة» بما ضمنتها من اشتراطات طاردة!.
بالطبع، ثمة بعد موضوعي لفشل الحكومات المزمن في إطلاق المشاريع الصغيرة، فزيادة عن تثاقل جسدها البيروقراطي، ثمة إحجام مشروع لمؤسسات التمويل مخافة السقوط في حفرة الديون المعدومة، وهنا بالضبط تبرز واحدة من أهم فوائد التعاون بين القطاعين الحكومي والأهلي، فوفق المبادرة الثنائية التي أطلقتها الإدارة المحلية و«الأمانة السورية» تحت مسمى «مشروعي»، تبدو الفرصة مواتية لتذليل العقبات؛ الموضوعي منها، وتلك الناجمة عن المخيلة الضحلة للمنتجات المصرفية أيضا، وتعهد الطرفان بتخصيص 5.2 مليارات ليرة لتوليد 63 ألف فرصة عمل عبر قروض تشغيلية تمنح بسهولة ويسر لطالبيها على مدى السنوات الخمس القادمة.
فرص العمل التي تستهدف المبادرة توليدها تبرز الأثر الإيجابي المتوقع لها على قطاع التشغيل، إذ إن الأرقام المعلنة تعني تغطية ما بين 5 و7% من أعداد الوافدين إلى سوق العمل سنوياً.. وفي الواقع، فكلا الرقمين ينافسان بقوة ما تستطيع الحكومة توليده من فرص للعمل في قطاعاتها الإنتاجية والإدارية، مع فارق جوهري يتمثل في التدني الهائل لكلفة كل منها، والتي تزيد عن 3 ملايين ليرة في القطاع الحكومي وما لا يقل عن ضعف ذلك في القطاع الخاص، فيما البيانات المعلنة للمبادرة الوليدة تؤكد أنها لا تتجاوز الـ90 ألف ليرة.. بالطبع، لا يقلل من شأن ذلك لكون بعضها فرص عمل جزئية!!
وفق الفارق الصادم في تكلفة فرصة العمل، على الحكومة أن تتخيل قدرتها على تقديم منافذ دخل حقيقية «أو موازية» لآلاف العوائل بتكاليف بسيطة للغاية، وإذ ذاك، يمكنها القول بجدارة إنها أنجزت نقلة نوعية في قطاع التشغيل، وإن «مشروعي» هو مشروعها وأحد أحصنتها الرابحة في تظهير صورتها حال أنفقت في دربه ما يتطلب إنجاحه من تسهيلات إدارية قد تفسح المجال أمام تنامٍ عمودي في عمل صناديق التمويل المنبثقة عن المشروع في المحليات وتحولها لما يشبه «بنوك الفقراء» صغيرة واسعة الانتشار.. عندها، ستتولد -بالتأكيد- حركية جديدة للاقتصاد الوطني ترتكز إلى عدد هائل من وحدات الأعمال الصغيرة التي يقف وراءها قسم مماثل من المنتجين/ طالبي العمل حالياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن