سورية

«بلومبرغ»: هل اقتربت نهاية أردوغان بعد مقتل عدد كبير من جنوده في سورية؟

| الوطن

اعتبرت وكالة «بلومبرغ»، أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بات في وضع صعب داخلياً وخارجياً، بعد مقتل عدد كبير من الجنود الأتراك في سورية مؤخراً، ورأت أن هذا الموقف سببه سنوات من السياسات الخاطئة التي تركته وحيداً معزولاً وسط انهيار اقتصادي غير مسبوق.
الوكالة الدولية التي تأسست في نيويورك، وفي تحليل لها عن الوضع في تركيا بعد مقتل عدد كبير من الجنود الأتراك في سورية مؤخراً خلال عملية الجيش العربي السوري ضد التنظيمات الإرهابية هناك والمدعومة من نظام أردوغان قالت: أردوغان كان معزولاً في حين كان يفكّر بالرد التركي المحتمل على مقتل جنوده في سورية، في هجوم هو الأكثر دموية على جيشه منذ عقود، ورجّحت أن يكون الافتقار إلى الدعم الدولي حاسماً في تراجع أردوغان عن الرد على هذا الهجوم.
وأشارت الوكالة بحسب موقع «العربية -نت» الممول من قبل النظام السعودي إلى أن أردوغان اجتمع بمجلس الأمن التركي لمدة ست ساعات بعد مقتل ما لا يقل عن 33 جندياً تركياً في غارة جوية شنها الجيش العربي السوري في وقت متأخر من يوم الخميس، مشيرة إلى أن أردوغان حينها كان على علم بأن رفاقه في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، بما في ذلك الولايات المتحدة، ليسوا مستعدين للخوض في هذا المستنقع، وإنه كان مدركاً بأن حليفه الآخر، موسكو، يدعم في هذه المعركة خصم أنقرة بقوة، لافتة إلى أن الأمر انتهى بأردوغان إلى تجنب أي تحدٍّ مباشر لروسيا، بعدما قال وزير الدفاع التركي إن القوات التركية ردت على هجوم الجيش العربي السوري.
وبحسب «بلومبرغ»، كانت الظروف كلها تصب عكس مصلحة تركيا، فالطائرات الحربية الروسية وأنظمة الصواريخ الروسية التي يستعين بها الجيش العربي السوري تجعل من الصعب للغاية توفير غطاء جوي لـ10 آلاف جندي تركي الذين أرسلهم أردوغان عبر الحدود لوقف انهيار آخر معقل للتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة في سورية بإدلب ومنع ملايين اللاجئين المحتملين من التوجه لحدود تركيا.
وأضافت: إن «خيارات أردوغان للانتقام» من قوات الجيش العربي السوري «كانت محدودة في غياب الدعم الجوي»، موضحة أن الغارة التي قتلت جنوداً أتراكاً «كانت تهدف إلى ردع تركيا عن التوغل في عمق إدلب»، وأن من شأن أي انتقام من طرف أنقرة أن يضع المواقع التركية تحت تهديد أكبر.
وتوقع مسؤول رفيع المستوى على دراية مباشرة بسياسة تركيا في سورية وفق الوكالة أن «يكون أردوغان قد استثمر الكثير في هجومه بسورية بحيث لا يمكن أن يتراجع الآن، وسيسعى إلى الانتقام العسكري المستمر».
وأضافت «بلومبرغ» في تقريرها: إن «عزلة أردوغان هي إلى حد كبير من صنع يده. لسنوات، كان (أردوغان) يبتعد بسياسته الخارجية عن حلفاء تركيا التقليديين في الغرب.
وذكّرت الوكالة بأن أنقرة اختارت العام الماضي شراء نظام دفاع صاروخي روسي متقدم، مفضلة الخيار الروسي على البديل الأميركي الصنع الذي كان سيأتي مع قيود على مكان وزمان استخدامه، مشيرة إلى أن هذا الأمر أدى إلى توتر العلاقة بين أنقرة وواشنطن، وطردت وزارة الدفاع الأميركية تركيا من برنامج صناعة الطائرات المقاتلة «إف. 35».
وأشارت الوكالة إلى أنه، وفيما يخص علاقة تركيا بالاتحاد الأوروبي، فتتعمق المشاكل بسبب عقود من الخلافات حول مسائل أساسية مثل جزيرة قبرص حيث توجد جمهورية تركية منفصلة منذ اجتياح تركيا شمال الجزيرة في 1974 رداً على محاولة انقلاب قام بها أنصار الاتحاد مع اليونان.
وفي أعقاب هجوم يوم الخميس، حذّر المسؤولون الأتراك أوروبا مرة أخرى من أن تركيا «مملوءة» باللاجئين وسيتعين عليهم استقبال جزء منهم إذا ما استمر القتال في إدلب.
ونقلت الوكالة عن الأستاذ في «الجامعة التركية الألمانية» في إسطنبول مراد أردوغان، والمتخصص بملف الهجرة: أنه من غير المرجح أن تنجح هذه الخطوة.
وعند دراسة الخيارات المتاحة أمام تركيا، كان على أردوغان أيضاً أن يضع في الحسبان حالة الاقتصاد المتداعية في بلاده، وفق الوكالة، التي لفتت إلى أن مستويات التضخم والبطالة في تركيا مرتفعة، واختلالات الموازين التجارية الخارجية في تزايد، مما يضع البلد على مسار انهيار آخر للعملة.
وفي هذا السياق، نقلت الوكالة عن مديرة «صندوق بلاكفريرز لإدارة الأصول»، أناستازيا ليفاشوفا: أن أي مغامرة عسكرية تركية في سورية، في ظل غياب الدعم من حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة، قد تزيد من تداعيات السوق في تركيا.
وقد أظهرت هزائم أردوغان العام الماضي في الانتخابات البلدية بالمدن الرئيسة أن قاعدته الانتخابية، مهما كان ولاؤها له، متململة من الاقتصاد المتعثر.
وفي هذا السياق، قال أستاذ العلاقات الدولية في «جامعة الشرق الأوسط التقنية» في أنقرة هوسين باجي: «إن التورط بشكل أعمق في الحرب في سورية لن يؤجج التوترات مع روسيا ذات القوة الإقليمية فحسب، بل قد يؤثر أيضاً على الاقتصاد الضعيف»، مشيراً إلى أن هذا قد يؤثر في نهاية المطاف على صناديق الاقتراع في تركيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن