قضايا وآراء

هل بدأت واشنطن وحلفاؤها بـ«خسارة» داعش وحلفاءها؟!

تحسين الحلبي :

من المؤكد أن مجموعات داعش الإرهابية وأمثالها في الأراضي السورية تعيد حساباتها بعد أن حققت الغارات الجوية الروسية والدعم العسكري الروسي المباشر للجيش السوري في حربه على داعش أهدافاً بدأ الجميع يراها على الأرض بما في ذلك قادة داعش أنفسهم.. وهذا الاستنتاج ناجم عن حقيقة أن داعش لم تول أهمية وخوفاً كبيراً من الغارات الجوية التي كانت طائرات التحالف الأميركي تعلن عن شنها في سورية لأن قادة داعش ومجموعات أخرى مثل النصرة والقاعدة وأمثالها كانوا يدركون أن واشنطن تعتبر الجيش السوري عدواً والرئيس بشار الأسد عدواً وهذا يعني أن الإدارة الأميركية لن تستفيد من تدمير قدرات داعش وامتدادها في سورية أو العراق.. وكانت موسكو ودمشق تدركان أيضاً هذه الحقيقة ومضاعفاتها على قدرة الجيش السوري وعلى سورية كلها فكان من الطبيعي أن يبدأ سلاح الجو الروسي عملياته ضد داعش ويفرض على مجموعاتها ثمناً باهظاً لم ترغب واشنطن بأن تدفعه هذه المجموعات على يد سلاحها الجوي وظهر هذا الثمن بشكله الواضح في داخل صفوف مجموعات داعش وبقية المجموعات شبه المستقلة عن داعش فتسببت الخسائر البشرية التي منيت بها والدمار الذي لحق بمواقعها ومقارها بهروب الكثيرين من المسلحين منها وبتدهور معنوياتهم في حين أنهم تكيفوا مع القصف الأميركي من دون أن يدفعهم إلى الهرب واليأس.. وقد ولّد هذا العامل المهم الذي حمله الدعم الجوي الروسي للجيش السوري عدداً من النتائج السياسية في المنطقة ظهرت بين صفوف أطراف المعارضة السورية التي كانت تستفيد من وجود داعش واتساع دائرة نفوذه.. فقد وجدت هذه المعارضة أن تطهير الجيش السوري لمجموعات داعش سيجعلها تفقد شريكاً لها في العمل ضد القيادة والجيش السوري وسيكشف أنها تفتقر لأدنى نفوذ أو وجود على الأرض وهذا ما كشفه وزير الخارجية الروسي لافروف حين أعلن أنه لم يكتشف أي وجود لما يسمى (المجموعات المعارضة المعتدلة) على الأراضي السورية وهذا يعني أن العمل العسكري الروسي الداعم للجيش السوري وفّر لروسيا ولسورية عرض حقائق كثيرة تفضح الرواية الأميركية عما يجري في سورية.
وقد وجهت أشكال الدعم الروسي العسكري المباشر لسورية ضربة قاسية لعدد من دول المنطقة التي دعمت المجموعات الإرهابية ضد سورية وفي مقدمها السعودية لأن هذا الدعم فرض تغييراً بارزاً في قواعد اللعبة الإقليمية في المنطقة وجعل الأردن ودول الخليج وتركيا تعيد حساباتها من جديد بعد هذا الدور الروسي غير المسبوق في المنطقة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه أمام هذه الحقائق هو ما مستقبل الدور الأميركي تجاه داعش والنصرة والقاعدة؟
يعترف (بوراك كاديرجان) وهو بروفيسور أميركي متخصص بالنزاعات الإقليمية والدينية في موقع (وور-اون- ذا- روكس) قبل أيام بأن واشنطن وحلفاءها من السعودية إلى آخر دولة في المنطقة لم يجدوا في مجموعات داعش وعملياتها أي خطر عسكري عليهم ولذلك أتقنوا لعبة تجنبوا فيها قتال داعش وأنصارها لأنها تحمل شعار (حرب السنة على الشيعة وعلى كل ما هو غير سني في المنطقة) وهو الشعار نفسه الذي حملته القاعدة في العراق وضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وضد سورية في عام 2011. ويضيف إن هذه السياسة هي التي فاقمت الحرب داخل سورية والعراق وهو ما لم تتحمله روسيا التي شقت طريقها لحماية الجميع من الإرهابيين الذين وضعتهم واشنطن في حساباتها قوة احتياطية مباشرة للتخلص من المناهضين لسياستها في المنطقة والعالم؟! أما الآن فقد قلبت موسكو ودمشق كل قواعد اللعبة الأميركية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن