ثقافة وفن

اتحاد الكتاب يعقد مؤتمره وسورية تمر بامتحانها … أمين البعث المساعد لاتحاد الكتاب: أنتم نخبة النخبة

عامر فؤاد عامر -«ت: طارق السعدوني» :

عقد اتحاد الكتّاب العرب في سورية مؤتمره العام التاسع لانتخاب مجلس جديد يوم أمس 12 تشرين الأوّل، وذلك برعاية «هلال الهلال» الأمين القطري المساعد لحزب البعث تحت شعار «أخطر ما يستهدف أمتنا اليوم هو محاولات ضرب الهويّة والثقافة العربيّة»، وذلك في مكتبة الأسد الوطنيّة بدمشق.

شواهد وأمثلة
والبداية كانت في الترحيب بالضيوف من قبل معرف الحفل الإعلامي «أسامة شحادة» تلا ذلك النشيد العربي السوري، والوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهدائنا الأبرار، وتقديراً لعطائاتهم في حماية الوطن، وبعد ذلك جاءت كلمة رئيس اتحاد الكتاب العرب د. «حسين جمعة» التي بين فيها من باب الواجب الوطني بعض النقاط والشواهد عن منجزات اتحاد الكتاب العرب في دورته السابقة، وأكد بأن الاتحاد تطور كثيراً مقارنة بمرحلة التأسيس إلى يومنا هذا، فقد أصبح قطاعاً متطوراً يقدّم في كلّ سنة شيئاً جديداً، وفي كلّ سنة يتعلم أعضاؤه أشياء جديدة من خبرة الدورة السابقة، ومن هذه الشواهد التي طرحها امتلاك بناء خاصّ بالاتحاد، إذ لم يكن ذلك مرخصاً باسمه سابقاً، وقد تمّ ذلك في 20 آذار من عام 2013 وذلك بفضل جهود المكتب التنفيذي للاتحاد، وبرعاية مباشرة من السيد الرئيس «بشار الأسد»، وأيضاً تطرق لمواضيع كثيرة منها الضمان الصحي لأعضاء الاتحاد ورفع القيمة المحددة من 12 ألفاً إلى 20 ألف سنوياً والمساعدة الطبيّة التي تقع خارج سقف الضمان الصحي، والتي كانت 10 آلاف ليرة سوريّة، وأصبحت 20 ألفاً، وكذلك الأمر في صندوق الوفيّات، وصندوق التقاعد، مشيراً إلى أن الاتحاد يقدّم الكثير لأعضائه على المستوى الثقافي والنقابي.

بالشراكة لا بالوصاية
بلغة حماسيّة كانت كلمة رئيس اتحاد الكتاب العرب؛ أكدها هو بنفسه وصلاً بحماسة الشاعر «أبي تمام» (كما أشار) فبعد سرده لبعض المنجزات التي قام بها الاتحاد سابقاً يعترف بلغة متواضعة في نقصان أشياء كثيرة لم يقم بها الاتحاد، وذلك على مبدأ «لكل شيءٍ إذا ما تمّ نقصان» فما زال الاتحاد يتطلع إلى مستقبل الوطن الغالي في شعاع أمل لانتهاء الأزمة، وإعادة بناء الإنسان الذي يحتاج تكوينه لوجود مبادئ حرّة وشريفة يقع على عاتق الاتحاد نفسه المشاركة في هذا التكوين في برامج مستقبليّة، ونهايةً شكر رئيس الاتحاد زملاءه، وأعضاء المكتب التنفيذي الذين كانوا يداً واحدة في الدورة السابقة، وشكر أعضاء صندوق التقاعد الذين عملوا على خدمة زملائهم دائماً، وتوجّه بالشكر لراعي المؤتمر، وللقيادة السياسيّة، ووزير الثقافة «عصام خليل» وأشاد بدور هذه الوزارة التي أثبتت أنها شريك حقيقي لاتحاد الكتاب (بالشراكة لا بالوصاية) والمضي على هذا النهج لتحقيق ما يصبو إليه الكتّاب.
يذكر أن الاتحاد وزّع منشورات على الضيوف والحاضرين من أعضاء وإعلاميين تبيّن من خلالها أبرز منجزات اتحاد الكتاب العرب خلال الدورة الثامنة التي امتدت من 2010 إلى 2015.

ضرب الهويّة
الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي «هلال الهلال» وفي كلمة له في المؤتمر رحّب فيها بالرفاق، والأخوة أعضاء المؤتمر، وأكد أهمية اللقاء، ودور المؤتمر، وأشار إلى أن الثقافة سمة تميّز الإنسان بها عن باقي الكائنات الأخرى، وأشاد بشعار المؤتمر المنقول عن أقوال السيد الرئيس «بشار الأسد» وأضاف مما جاء من أقواله أيضاً «أخطر ما يستهدف أمتنا اليوم هو محاولات ضرب هويتنا العربيّة» وهذا القول لا يختزل أهمية الثقافة وحسب، بل العاملين في حقل الثقافة ويضعهم في دائرة من الالتزام. وقد أكد الأمين القطري المساعد أن السيد الرئيس يدعو في جميع كلماته إلى فهم الواقع من خلال البحث عن الجوهر لا في المظاهر.

من السيّد الرئيس
وقال أيضاً: «من السيد الرئيس أنقل لكم تحياته الحارّة، ولكل مثقفي الوطن، وكلّ العاملين في هذا الحقل المهم، وأنقل إليكم مشاعر اهتمامه في المؤتمر، وأنتم نخبة النخبة، وصفوة الباحثين عن الحقيقة، في زمن كادت تضيع فيه الحقيقة، وأنقل أمنياته الطيّبة في نجاح المؤتمر ونحن نخوض معركة المستقبل والمصير».

الثقافة فكرٌ وفعل
ثم أضاف في كلمته إن البداية كانت للكلمة، وإن نتاج الكلمة هو الفكر والعمل، الذي هو جوهر الحياة، والثقافة جمعٌ بين أسلوب في التفكير وأسلوب في الحياة، أي إنها فكر وفعل، لذا فهي ملتزمة حكماً بقضيّة الشعب، والوطن، أي قضية الحقيقة، وكلّ ثقافة تبتعد عن الحقيقة جوهر الوجود تصبح نفياً لذاتها، وتصبح ما يسميه العلم مضادّ الثقافة، وتنتهي في حضيرة الرجعيّة، والعنصريّة، والصهيونيّة، وكلّ ما هو معادٍ للإنسانية مناهضٌ للتقدّم، ومعارض لمسيرة البشريّة نحو الكمال والازدهار. هذه المعركة الإنسانية للجوهر الثقافي تُختزل اليوم في الأرض السوريّة صراعاً بين هذا الشعب الأبيّ، وأسفل مظاهر مضادّ الثقافة من إرهاب، وتكفير، وقتل، وتدمير.

لماذا سورية؟
وفي سياق كلمته طرح سؤاله على الحضور «لماذا سورية عليها أن تكون مركزاً للصراع المصيري وأن يدفع شعبها ضريبة التحول نحو عالم أفضل؟» وقد بين الإجابة من خلال استعراضه النقاط التالية: أن كينونة سورية وجوهرها واضحٌ لكلّ من يعرف دور هذا الشعب التاريخي، فهذا النوع من الصراعات التاريخيّة بيئته وحاضنته سورية، ولا أحد غيرها، فهكذا كنّا عبر التاريخ، إذ إن كلّ الامبراطوريات وُلدت هنا، وماتت هنا، وكلّ التحوّلات عبر الصيرورات البشريّة ولدت وماتت هنا. هذه هي طبيعة المسؤوليّة الإنسانية التاريخيّة التي ألقيت على عاتق شعبٍ هو أهلٌ لها، مبيناً أنه وعلى الأرض السوريّة فقط يموت القديم ويستولد من رحمه الجديد، وهنا فقط تتموضع جدليّة الحدوث التاريخي، فكانت أوغاريت أم الأبجديّات، وكانت زراعة القمح منها فانطلق إلى أهل الأرض آذناً للحضارة الإنسانية بالارتقاء في أفقها، وهكذا يكون اليوم عندما تعلن سورية وروسيا بداية دفن القطب الواحد الاستعماري المضادّ للثقافة، واستلام نظام دولي جديد أكثر عدلاً، ويستطرد أيضاً: بأن القضية بالمجمل عادلة في الجوهر، ولا شكّ بأن هذه العملية مؤلمة فهي آلام الولادة المختلفة عن آلام الموت.

منذ 10 سنوات
وقد ذكّر «هلال الهلال» الأمين القطري المساعد بالحقيقة الآتية أيضاً «إنّ عملية استيراد التاريخ التي تتم على الأرض السورية اليوم والتي تتحمل فيها سورية وروسيا وأصدقاؤهما المسؤوليّة فيها، لم تبدأ منذ اليوم بل كانت منذ 10 سنوات وبالتحديد في الشهر الأول من عام 2005 عندما اجتمع الرئيسان السوري والروسي في قمة تاريخيّة في موسكو والتي صدر عنها «بيان موسكو» وفيه وثيقة مبكرة تتحدث عن معالم نظام عالمي جديد وأسسه ومبادئه ومنذ ذلك الوقت بدأ العمل الدؤوب لهذه الولادة ما دفع بقوى الهيمنة والظلام لاستخدام آخر أسلحتهم أي الإرهاب في مواجهة هذا التحول. ووجه دعوته بصورة مباشرة للجميع في أن المسؤولية في البحث عن هذا الجوهر ومضامينه تقع على صناع الفكر والثقافة لأنها معركة مصيريّّة مشدداً على مقولة «على قدر أهل العزم تأتي العزائم». كما أشاد بمواجهة القائد الأول وصموده مع شعبه وأمامه لنكون جميعنا في مقدمة أهل العزم والتعامل مع العزائم.

أهل العزم
في نهاية كلمته قال أيضاً: «هل سيكون العزم مستجيباً في هذا المؤتمر وهل سيكون أهل العزائم قادرين على تجاوزه بنجاح والالتزام بالديمقراطية والغيريّة، فالمؤتمر يسهم في دعم التوجّه الشامل نحو مستقبل أفضل، وفي الختام وجه التحيّة لأرواح الشهداء وللجيش العربي السوري وللأشقاء الحقيقيين لا الوهميين وإلى المقاومة والشعب الأبي.
انتهت بذلك الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ورفعت تمهيداً للجلسة الانتخابية التالية وأثناء ذلك التقت الوطن الأديبة «أنيسة عبود» عضو اتحاد الكتاب العربي والتي قالت لنا: «سورية تمر بامتحان صعب والثقافة العربية تمر بامتحان عسير جداً، وخاصّة أن الاستهداف مباشر للهوية والتراث، ولذلك ينجح هذا المؤتمر بالتعاون والتضافر وأنّ ندلي بدلونا في وجه الأزمة الفظيعة على سورية والوطن العربي. وقد فوجئت شخصياً بحضور العدد الكبير من الأعضاء قادمين من جميع المحافظات السورية إلى المؤتمر في العاصمة دمشق الحبيبة، إذا هناك إيمان بالقضية والهوية الثقافية والحضارية الخاصة بنا، وإيمانٌ بنصرنا. نحن نناضل بالكلمة وبها نواجه تهديم قوس النصر وتهديم تدمر وقطع رأس تمثال المعري والفراتي وكل محاولات التخريب وبذلك نواجهه بالكلمة لأنها هي الأبقى وتفعل فعلها».
أيضاً من المشاركين الأديب والكاتب «راتب سكر» الذي أضاف: «للمؤتمر هدف أساسي هو الانتخاب، لكن المحمول الجوهري الذي يستند عليه هو التطلع لتطوير أدوات العمل نحو المستقبل في مؤسسة لا تعتمد على أي ارتجال شخصي بقدر ما تعتمد على عمل ثقافي ذي أهداف وغايات علمية ونبيلة وسامية واسعة تتعلق بالنهوض الثقافي للأمة والمجتمع، وهذا النهوض لا يقوم من دون تضافر الجهود الفردية الثقافية في أطر مؤسساتيّة عامة.
التقينا أيضاً مقرر جمعية الترجمة في اتحاد الكتاب العرب، الأديب «حسام الدين خضّور»: «اتحاد الكتاب العرب مؤسسة ثقافية نقابية قامت بدور فاعل في نشر الثقافة والمطلوب منها دور مهم في إعادة البناء بعد الانتصار الذي نأمل أن يحققه شعبنا ضدّ الإرهاب الدولي. هذا المؤتمر الانتخابي الذي أقيم في مرحلة عصيبة يمر بها الوطن والحفاظ على مؤسسات الدولة والمجتمع واتحاد الكتاب العرب والحفاظ على وحدتها هو من الآليات التي يمكن أن تسهم في انتصار الشعب على الإرهاب الدولي الذي يواجهه».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن