الأخبار البارزةسورية

لنزع فتيل التوتر في المنطقة إدارة أوباما تراهن على بوتين لإحياء المسار الدبلوماسي في سورية…كيري إلى روسيا: عود على بدء 

أنس وهيب الكردي

في ثاني زيارة من نوعها خلال عامين، يصل رئيس الدبلوماسية الأميركية جون كيري اليوم إلى منتجع سوتشي للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيكون الملف الأكبر على الطاولة هو الأزمة السورية.
واشنطن التي قاطعت موسكو لعامين عقب الزلزال الأوكراني اضطرت أخيراً للعودة إلى القيصر الروسي. جعبة بوتين حيال الوضع العالمي والشرق الأوسطي باتت تتوافر على أوراق أقوى بما لا يقاس. وترى موسكو أن التطورات الميدانية في سورية تعكس «صوابية الرؤية» الروسية حيالها، مؤكدةً أن دعمها لدمشق في تصاعد، وأوضحت أنها تبذل جهوداً كبيرة لمنع تمويل وتسليح «المسلحين الخارجين عن القانون» من دول مجاورة لسورية، مؤكدةً أنها تتواصل مع دول كبرى وأخرى إقليمية للضغط على تلك الدول. هذا في الدبلوماسية، أما في العسكر فحدث سيهز البحر الأبيض المتوسط، ذلك أن بوارج حربية صينية وروسية تتحضر لإجراء مناورات عسكرية في مياهه خلال الأيام المقبلة.
مصادر أميركية قالت: إن زيارة كيري إلى سوتشي تهدف إلى مناقشة إذا ما كان بإمكان البلدين العمل معاً من أجل حل سياسي للنزاع في سورية، وفقاً لما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز».
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف قولها: إن كيري وبوتين «سيبحثان عدة مواضيع ثنائية وإقليمية بينها إيران وسورية وأوكرانيا».
والزيارة ستكون الأولى لكيري إلى روسيا خلال سنتين حيث شهدت العلاقات بين البلدين توتراً بسبب الأزمة الأوكرانية.
وفي موسكو، امتنع ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين عن الإدلاء بأي تعليق على الفور، على حين أعلنت وزارة الخارجية في بيان أن «كيري سيقوم بزيارة عمل إلى روسيا في 12 أيار» مشيرةً إلى أنه سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف أيضاً في سوتشي. ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية للأنباء عن مصدر دبلوماسي قوله: إن لافروف وكيري سيبحثان الأزمة في أوكرانيا، إضافة إلى الأوضاع في سورية وإيران واليمن. وشدد المصدر على أن «زيارة كيري رمزية للغاية. فقد ألغاها مراراً وفي النهاية قرر المجيء. لن يحقق اللقاء اختراقاً لكنه مهم جداً». وتابع: إن المحادثات مع وزير الخارجية الأميركية في سوتشي تؤكد أن روسيا منفتحة على الحوار. ومهد كيري لزيارته سوتشي بثلاثة اتصالات هاتفية مع نظيره الروسي خلال الأسابيع الأربعة الماضية. ومن المقرر أن يغادر كيري سوتشي إلى تركيا حيث يلتقي نظراءه في حلف شمال الأطلسي «الناتو» الأربعاء قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة من أجل الانضمام إلى قمة كامب ديفيد بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة مجلس التعاون الخليجي. ويبدو أن الإدارة الأميركية قررت إعادة إحياء المسار الدبلوماسي، حول الأزمة السورية، لنزع فتيل التوتر في المنطقة وسورية، الذي يغذيه حلفاؤها السعوديون والأتراك، علهم يؤثرون في نتائج مفاوضات مجموعة (5+1) مع طهران الجارية حالياً، حول البرنامج النووي الإيراني، التي من المرجح أن تتوصل إلى اتفاق في الشهر المقبل.
وفي شهر أيار قبل عامين، حط كيري في موسكو للقاء بوتين. وفي حينه، توصل الجانبان بعد اللقاء إلى اتفاق على عقد مؤتمر «جنيف 2»، تحت رعاية الأمم المتحدة. وعقب سلسلة من الاجتماعات التشاورية بين روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة انطلق المؤتمر الدولي بمدينة مونترو السويسرية في 22 كانون الثاني 2014. إلا أن جولتي المباحثات التي تلت المؤتمر، وعقدت بين الحكومة ووفد الائتلاف المعارض تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف، وصلت إلى طريق مسدود مع تفجر الأزمة الأوكرانية التي دقت إسفيناً بين مسيّري المؤتمر (روسيا والولايات المتحدة).
ومن المرجح أن يقبل كيري برغبة روسيا في أن تكون مكافحة الإرهاب البند الأول على طاولة أي مفاوضات حول سورية على غرار مباحثات «جنيف 2»، وخصوصاً أن اللقاءات التشاورية التي استضافتها موسكو بين الحكومة السورية وقوى وشخصيات معارضة شددت على أولوية مكافحة الإرهاب.
واللافت أن زيارة كيري تأتي بعد أيام من إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن بدء برنامج تدريب «القوات السورية الجديدة» في الأردن وتركيا لمنازلة تنظيم داعش في سورية، وتهيئة الظروف من أجل إطلاق مفاوضات الحل السياسي في البلاد.
هذا التحول الدبلوماسي الأميركي المرتقب يعكس قلق واشنطن الكبير من صعود تنظيم داعش في سورية والعراق وانضمام عشرات الأميركيين إلى صفوفه، فضلاً عن آلاف الأوروبيين.
وعن الروس، عادت الطرق حول الأزمة السورية (وربما الأوكرانية) تؤدي إلى موسكو (أو سوتشي لا فرق). والجعبة الروسية باتت تمتلئ بأوراق قوة لا يستهان بها.
فعشية زيارة كيري، كان بوتين يتفق مع نظيريه الصيني والهندي على ضرورة الحل السياسي للأزمة في سورية. وبينما قاطع زعماء الغرب احتفالات عيد النصر في موسكو، كان رؤساء الصين تشي جين بينغ والهند براناب مخرجي ومصر عبد الفتاح السيسي يقتربون من سيد الكرملين في موقفه حيال سورية.
وكان لافتاً التحذير شديد اللهجة الذي صدر عن وزير الخارجية يانغ يي من إمكانية العدوان على سورية، ودعوته الأطراف في سورية إلى ضبط النفس والتمسك بالحل السياسي للأزمة. وتولى دبلوماسيو بكين في المنطقة تظهير الموقف الصيني المتشدد، وأكد أحدهم أن دعم بلاده المطلق للشرعية في سورية «ثابت لن يتغير».
هذا الكلام عالي النبرة الصيني لم يكن من دون ما يسنده على الأرض أو (لنقل البحر). فمياه المتوسط تتحضر لأعظم حدث عسكري منذ دخول الأسطول الأميركي السادس غمارها.
وستجري عشر بوارج صينية وروسية تدريبات «التعاون البحري 2015» في البحر المتوسط. وشددت وزارة الدفاع الروسية على أن التدريبات المشتركة غير موجهة لطرف ثالث، ولا علاقة لها بالوضع في المنطقة. هذه المناورات هي مفاجأة حقيقية للدول الغربية وعلى رأسها دول مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، لأنها اعتبرت المتوسط «بحراً غربياً» تحكمت فيه رفقة الولايات المتحدة، والآن تشهد تغييراً جذرياً.
في سياق متصل، أكد السفير الروسي في فلسطين المحتلة ألكسندر رودوكوف أن دعم روسيا السياسي للحكومة والشعب السوري في تصاعد وأن التطورات الميدانية في سورية تؤكد صوابية موقف روسيا ورؤيتها تجاهها.
وقال رودوكوف في تصريحات صحفية نشرت أمس ونقلتها وكالة «سانا» للأنباء: إن «بلاده تتعامل مع الرئيس بشار الأسد بصفته الرئيس الشرعي للشعب السوري الذي انتخبه بأغلبية كبيرة في انتخابات حرة شهدها العالم كله».
وعما يتعلق باستمرار قيام الدول المجاورة لسورية بدعم وتمويل العصابات الإرهابية بالمال والسلاح، أوضح رودوكوف أن روسيا تبذل جهوداً كبيرة لمنع هذا الأمر الخطر المتمثل بتسليح المسلحين الخارجين عن القانون من دول مجاورة لسورية مثل تركيا والأردن إلى جانب إسرائيل كما تعمل مع دول كبرى وأخرى إقليمية لها تأثير في تلك الدول.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن