قضايا وآراء

هل فهموها؟!

باسمة حامد :

ثمة محاولات تجري حالياً للتشويش على أهمية المشاركة العسكرية الروسية في سورية.. لكن اهتمام واشنطن بمواصلة الاتصالات مع موسكو بشأن التنسيق الجوي بينهما ربما يثير السؤال الأهم: هل أُجبر الجميع على «فهم» أهمية استقرار سورية بالنسبة لدولة عظمى كروسيا تساهم «بقسطها في محاربة الإرهاب الذي يهدد العالم برمته»؟!!
الجواب يقدمه التدخل الروسي الذي «سيصنع تحولاً كبيراً» في الشرق الأوسط، فمن كان يعتقد أنه مازال يملك «ترف» الانتظار أو التهرب من مخاطر تنامي الإرهاب والتطرف.. أو صوّر له غروره أن رفضه لعرض /فلاديمير بوتين/ المعجزة: (تشكيل تحالف إقليمي لمحاربة الإرهاب) سيعطله عن اتخاذ موقف عملي بهذا الخصوص فوجئ أن حساباته كانت خاطئة تماماً!!
وعلى كل حال إن التأثيرات الأولية للمبادرة الروسية الجديدة لا تُقرأ فقط من خلال الإنجازات الميدانية المتلاحقة التي يحققها الجيش العربي السوري منذ بدء الغارات الجوية الروسية في كل مناطق الاشتباك وهروب أعداد كبيرة من المسلحين رغم تلقيهم أطناناً من الأسلحة والذخائر الأميركية.. بل أيضاً في التوجه الدولي الراهن للتعامل مع الحالة السورية بواقعية أكبر، وفي هذا الإطار من المهم التوقف عند المؤشرات التالية:
1- حركة الموفد الدولي /ستيفان ديمستورا/ الذي قفز إلى واجهة المشهد السوري من جديد انطلاقاً من «فهمه» بأن هذا التدخل: «خلق آليات عمل جديدة».
2- التواصل السياسي مع دمشق على الصعيدين العربي والدولي قائم بطرق مختلفة، وللتذكير كان نائب وزير الخارجية د. فيصل المقداد قد تحدث مؤخراً عن الأشكال العصرية لهذا التواصل كدبلوماسية «السكايب» وغيرها..
3- اعتراف الغرب بدور الرئيس الأسد في التسوية، وبدء الحوار بين إيران والاتحاد الأوروبي حول سورية، بالإضافة إلى مساعي الأوروبيين لفتح حوار مع روسيا بعد أن «تغيّرت قواعد اللعبة».
4- وضوح الموقف المصري بشأن الغارات الروسية والحل السوري، والأرجح أن هذا الوضوح سيزداد قريباً بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية المصرية وخصوصاً أن القاهرة تلتقي مع دمشق في مسائل أساسية تتعلق بالأمن القومي لكلا البلدين من بينها: الحرب على الإرهاب- رفض النهج القطري والمشاريع «المتأسلمة» ومحاولات النظام التركي للسيطرة على المنطقة (أردوغان كان قد صرح بأنّه لن يعترف بالسيسي كرئيس لمصر وأنّ الرّئيس الفعلي للدولة المصرية مازال محمد مرسي، والحكومة السورية تعتبر أن سقوط الإخوان المسلمين في مصر كان: «أهم انتكاسة أصيبت بها حكومة أردوغان).
5- مطالبة بعض النخب الثقافية المعروفة (التي رفضت سابقاً الدعوات لزيارة دمشق بداية الأحداث والاطلاع على حقيقة ما يجري) باستعادة العلاقات العربية – السورية والدعوة للتعاطي الرسمي العلني مع «النظام السوري» بصرف النظر عن الانزعاج السعودي.
6- استعداد موسكو لتوسيع نطاق ضرباتها الجوية لتشمل دولاً أخرى كالعراق واليمن أو مناطق أخرى مطلة على البحر المتوسط، وهذا الاحتمال وارد جداً بالنظر إلى الإدراك الروسي بأهمية الحسم العسكري كي لا ينتقل وباء الإرهاب إليها من جهة، ولسحب جميع الذرائع من واشنطن التي تعبث بأمن المنطقة تحت شعارات زائفة من جهة أخرى.
7- تأكيد المصادر الروسية الرسمية قبول السعوديين والإماراتيين «بالمنطق الروسي في سورية»، وبحسب مساعد الرئيس بوتين يبدو أنهم «فهموا» موقف روسيا الاتحادية، وعلى ذمة الوزير لافروف، لديهم الآن «فهم أفضل لما يجب السير عليه في طريق التسوية السياسية للأزمة»، واللافت أن أعراض «الفهم المتأخر» ظهرت أيضاً عند الأردن الذي أكد للرئيس الأسد في رسائل «خاصة» على «وقف برامج تأهيل وتدريب معارضين سوريين مسلحين»!!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن