اقتصادالأخبار البارزة

استياء فلاحين من أداء اتحادهم والمطالبة بالتدخل لحمايتهم … محاسبة الفاسدين أم مساعدتهم في هدر ثروة البلاد وجهد الفلاحين … سيارات محملة بآلاف الأطنان من القطن هربت إلى تركيا

يبدو أن الوعود التي أطلقتها الحكومة أخيراً حول محاسبة الفاسدين مهما كانت صفتهم اقتصرت على صغار الوظيفة متجاهلة الفاسدين الذين يساهمون بأي شكل من الأشكال في هدم الاقتصاد الوطني لملء جيوبهم الخاصة رغم أن رئيسها وائل الحلقي تحدث في أكثر من مكان أن هناك أكثر من 300 ملف في القضاء لفاسدين منها 7 ملفات لوزراء دون أن يذكر أسماءهم.
وما نشاهده اليوم من وزراء هم أقرب الوزراء إلى مصدر القرار وأبعدهم عن مصلحة المواطن والوطن.
إن ما يحدث من مأساة حول تسويق القمح والقطن يدعو كل مراقب ليتساءل عن إنتاج سورية من هذين المحصولين الإستراتيجيين ولاسيما أن الحكومة أعلنت النفير العام لاستيراد ما يقرب من 200 ألف طن من القمح رغم أن الأرقام تتحدث عن تسويق نحو ما يزيد عن 400 ألف طن وأن الإنتاج وصل إلى 3.700.000 طن ما اعتبرته مصادر أن الباقي ضاع في غياهب التهريب براً وبحراً.
ولا يختلف الحال كثيراً عن محصول القطن الذي يعد من أهم المحاصيل الإستراتيجية في البلاد ولاسيما بعدما أعلنت وزارة الزراعة أن إنتاج القطن انخفض من مليون طن إلى 200 ألف طن في العام الحالي.

وثائق تثبت حجم الفساد
وحصلت «الوطن» على وثائق تثبت أن هناك حالات فساد كبيرة في طريقة تسويق محصولي القطن والقمح وباعتراف وزارة الصناعة التي سارعت بدورها إلى التهرب من المسؤولية عبر توجيه كتاب إلى رئيس الحكومة تشرح فيه ملابسات المشكلة مع مجموعة من المقترحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع بل على العكس تماماً تزيد الأمر سوءاً كما أن تطبيقها على أرض الواقع مستحيل ولاسيما فيما يتعلق بإغلاق المعابر الحدودية مع تركيا علماً أن تلك الحدود تقع خارج سيطرة الدولة ما يشير بحسب مراقبين إلى أن الوزير خرج عن الواقع بهدف التستر على خرق القانون بطرق غير مقبولة، معتبرين أن هذه المقترحات تكرس عملية الفساد للقفز فوق الأنظمة والقوانين علماً أن للطريق المستقيم بوصلة لا تخطئ الصواب.
وبينت الوثائق أن الوزارة أعلنت أخيراً عن مناقصة لشراء وتسويق القطن إلى المحالج، وبعدما رست على شركة الأسواق العربية التي ستتولى مسؤولية نقل القطن إلى المحالج إلا أنه وفي اليوم التالي لرسوّ المناقصة على الشركة السالفة الذكر وقبل إرسالها للشركة الفائزة دخلت سيارات لشركة أخرى قدمت سابقاً على المناقصة إلا أنها خسرت لغلاء أسعارها وبالتالي هدر لأموال الدولة إلى أحد المحالج ومحملة بنحو 6 آلاف طن من القطن وبمؤازرة وزارة الصناعة والمؤسسة العامة للأقطان ضاربين عرض الحائط بنتائج المناقصة وبتجاوز واضح للأنظمة والقوانين تحت ذرائع وحجج واهية قالوها وصدقوها.
وأوضحت الوثائق أن الشركة التي خالفت القانون هي ذاتها التي سوقت وهربت كميات كبيرة من الأقماح إلى خارج البلاد لترتكب الفعل ذاته بعد 12 ساعة من تهريبها للأقطان بحجة أن الفلاحين هم من يوردوا إليها.

محاولات خطف وقتل
وكشفت الوثائق أن هناك محاولات لتهديد الفلاحين عبر محاولة خطفهم أو قتلهم في حال لم يتقيدوا بتعليماتهم وأوامرهم وهذا ما حدث لأحد الموردين والذي يمثل شريحة كبيرة من الموردين الفلاحين بقتله لمجرد محاولته الخروج على تعليماتهم وأوامرهم بحسب الضبوط المنظورة أمام القضاء ما دفع بمعظم الفلاحين إلى الاستنجاد باتحاد الفلاحين الذي لم يتحرك حتى اللحظة لحمايتهم.
واستغرب مختصون من تجاهل الاتحاد لهذه الأفعال متسائلين عن الأسباب التي دفعته لاتخاذ هذا الموقف من دون أن يطالب حتى بالدفاع عن حياة الفلاحين وخاصة أن البلاد حالياً بحاجة إلى كل فلاح باعتبار أن الأزمة أثرت وبشكل كبير على المحاصيل الزراعية وأهمها القمح والقطن.
ودعا المختصون الاتحاد إلى مطالبة الحكومة في محاسبة المتورطين في تهديد الفلاحين وخطفهم وقتلهم مشددين ضرورة أن يكون للقضاء اليد الطولى في محاسبتهم وتطبيق أشد العقوبات المنصوص عليها في القانون.
وتساءل المختصون أين دور اتحاد الفلاحين من قراءة واقع الفلاحين وأين مقترحاته وتوصياته ولماذا لم يناشد الدولة التدخل لمصلحة الفلاحين، مؤكدين أن الاتحاد شيء آخر غير الفلاحين لا يهمه همومهم أو الدفاع عنهم.

الوزارة تتهرب لتواري عملية الفساد
حيث اعترف وزير الصناعة كمال طعمة في كتاب رفعه إلى مجلس الوزراء أن هناك إرباكات في تسويق القطن نتيجة مخالفة إحدى الشركات للقانون ولاسيما بعدما رست المناقصة على شركة الأسواق العربية الحرة في تسويق القطن، معلناً أنه أدى ذلك إلى خروج الأقطان إلى الأراضي التركية، ومعتبراً أن هذه خسارة كبيرة للثروة الصناعية كما أن معمل الغزل مهدد بالتوقف لعدم توريده بالقطن إلا أن ما فعله أجج المشكلة ولم يحرك ساكناً حيال الشركة المخالفة.
وبين الكتاب الذي تلقته الـ«الوطن» أنه تم إجراء مناقصة بأنسب الأسعار لنقل وضمان وشراء الأقطان وتم اختيار شركة الأسواق العربية الحرة بموجب عروض قدمت بالظرف المختوم وتم فضها بجلسة علنية حضرها جميع العارضين، موضحاً أن المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان بصدد إبرام عقد بالتراضي مع العارض الفائز(شركة الأسواق العربية) على أن تعمل على شراء الأقطان من محافظة الرقة وتوريدها إلى محالج المنطقة الوسطى على أن تدفع المؤسسة قيم هذه الأقطان واصلة أرض المحالج بحيث لا يتجاوز أجور نقل كغ من محافظة الحسكة إلى محالج المنطقة الوسطى بـ59 ليرة و149 ليرة سعر كغ الواحد مضافاً إليها أجور النقل واصلاً أرض محالج المنطقة الوسطى.
وأضاف الكتاب: إنه في التطبيق العملي وفي اليوم التالي لإعلان نتائج المناقصة وصلت إلى محالج المنطقة الوسطى 285 سيارة شاحنة محملة بأقطان تقدر كميتها بـ6 آلاف طن تعود لـمحمد آغا قاطرجي مدعياً أنها محصول الأراضي التي يملكها وأن كمية الأقطان المتوقع إنتاجها في أراضيه ستتجاوز 20 ألف طن وأنه مستعد لتسويقها بشكل كامل، مشيراً إلى أنه تم إدخال تلك السيارات إلى المحالج في محافظة حماة لإيجاد حلول لها، أي يبدو أن من قام بالتهديد ومحاولته الخطف هو نفسه من قام بتوريد كمية كبيرة من الأقطان حسب كتاب وزير الصناعة وما كان ليستطيع أن يقوم بذلك لولا تغطية من وزراء نافذين لعل قسماً منهم تحدث عنه رئيس الوزراء بأن هناك ملفات فساد بحقهم في الأسابيع الماضية.
وكشف الكتاب عن مغادرة 123 سيارة محملة بآلاف الأطنان منالأقطان إلى تركيا عبر أحد المعابر معلناً أنه تم فتح محالج خاصة لحلج الأقطان وتصديرها أيضاً إلى تركيا.

مقترحات خارجة عن الواقع
واقترح وزير الصناعة كمال طعمة عبر الكتاب إغلاق البوابات التركية لمنع خروج الأقطان إليها واتخاذ الإجراءات القانونية بحق الشركة المخالفة والتي وردت الأقطان من دون طلب مستدركاً بإلغاء نتيجة المناقصة التي تم التوصل إليها متحججاً أنه لم يتم توقيع العقد بالتراضي مع الشركة الرابحة بعد وأنها لم تورد أي كمية حتى هذه اللحظة في إشارة منه إلى إمكانية إلغاء نتيجة المناقصة ما اعتبره مختصون أن هذا المقترح يبين بشكل واضح مؤازرة الوزارة للشركة المخالفة للقانون وأنها تلعب دوراً كبيراً في تأجيج المشكلة وليس بحلها.
وأخيراً إن الشعب السوري تجاوز الأزمات وخاض غمارها على كل المستويات إلا أنه فوجئ أنه أمام أشخاص ومسؤولين هم الأزمة بحد ذاتها حيث أن وجودهم أزمة تتفاقم كل يوم وتوسع دائرة ضررها كل يوم ومن هنا لا بد أن نقول ومن منطلق مهني وغيرة وطنية نؤيد ونؤكد ونشدد على ضرورة تحقيق إحالة العابثين بأمن البلد إلى القضاء المختص لعله وبمحاسبتهم يواري سوء فعلتهم، ويعيد الأمور إلى نصابها من حيث حقوق الفلاحين وتطبيق الأنظمة والقوانين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن