عربي ودولي

مصر تنتخب مجلس نواب في غياب أحزاب السلطة والمعارضة

فتحت مراكز الاقتراع في مصر أبوابها أمس للتصويت في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، في حين بدأ المصريون خارج البلاد عملية التصويت أول من أمس.
وستجري الانتخابات المنتظرة على مرحلتين بين 17 تشرين الأول والثاني من كانون الأول لشغل 596 مقعداً في أكبر بلد عربي يبلغ عدد سكانه أكثر من 88 مليون نسمة.
وسيجري انتخاب 448 نائباً وفق النظام الفردي و120 نائباً وفق نظام القوائم، فيما سيختار الرئيس السيسي بالتعيين 28 نائباً.
ويرى عدد كبير من المصريين أن السيسي هو الرجل القوي الذي استطاع أن يعيد قدراً من الاستقرار للبلاد ويمكنه إنعاش اقتصاد متأزم بفعل الاضطرابات الأمنية والسياسية التي عصفت بمصر منذ ثورة كانون الثاني 2011 التي أسقطت حسني مبارك.
وتأمل الحكومة المصرية في أن تشهد هذه الانتخابات مشاركة كبيرة وخاصة أن آخر انتخابات برلمانية والتي اكتسحها الإسلاميون حققت نسبة مشاركة 54.9 بالمئة من أصوات الناخبين المسجلين. ودعا الرئيس المصري أول من أمس المصريين في كلمة متلفزة إلى «الاحتشاد بقوة أمام لجان الاقتراع».
وعلى الرغم من أن الدستور المصري الجديد يعطي للبرلمان صلاحيات كبيرة منها سحب الثقة من الرئيس ومراجعة كافة القوانين التي أصدرها في غيابه خلال 15 يوماً.
وحظرت السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي وفازت في كل الانتخابات التي نظمت عقب إطاحة مبارك كما صنفتها «تنظيماً إرهابياً» وحظرت ترشيح كوادرها في الانتخابات.
ويتنافس مئات من الأعضاء والنواب السابقين للحزب الوطني الديمقراطي، حزب مبارك، في الانتخابات بعد أن ألغى القضاء قراراً سابقاً بمنع ترشحهم.
وأكدت تقارير إعلامية أن قرابة نصف المرشحين كانوا أعضاء في حزب مبارك الذي تم حله.
وتسعى قائمة «في حب مصر» التي تضم أحزاباً من يمين الوسط ورجال أعمال ووزراء سابقين وأعضاء سابقين في الحزب الوطني، إلى الحصول على ثلثي مقاعد البرلمان مع حلفائهم.
أما القائمة الثانية الموالية للسيسي والتي تتمتع بثقل فهي «الجبهة المصرية» التي يقودها مؤيدو أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.
انتخاب المصريين لمجلس النواب هذه المرة يختلف كثيراً عن الانتخابات السابقة في العديد من الأمور، أبرزها غياب حزب السلطة بشكل شبه كامل، فرغم تعدد الجبهات والتيارات المحسوبة على الرئيس عبد الفتاح السيسي والنظام الحالي التي تشمل 90% من الكتل السياسية التي تخوض الانتخابات الحالية والتي يؤمن معظمها بثورة 30 يونيو وجزء كبير منها بثورتي يناير ويونيو معاً، إلا أنه وبشكل رسمي لا يوجد حزب رسمي للرئيس وإن كان البعض يلمح في الآفاق أيقونة لذلك الحزب تتمثل في قائمة «في حب مصر» التي تمثل الحصان الأسود في الانتخابات القائمة ويأتي بالقرب من توجهها تكتلي الجبهة المصرية وتيار الاستقلال. ورغم غياب حزب السلطة أو حزب الرئيس عن المنافسة الرسمية، إلا أن القوى التي ظلت لسنوات محسوبة على المعارضة تشعر بحالة من «الدوار السياسي»، فلا هي قادرة على الحشد الجماهيري الحقيقي ولا تملك برامج قوية على الأرض ولا هي فاعلة في القدرة على التغيير، ومن بين تلك الأحزاب حزب الوفد، أقدم الأحزاب المصرية، ويأتي إلى جواره أغلبية أحزاب اليسار القديمة والجديدة، وأغلبها تعاني الانشقاقات وفقر الإمكانات وقلة الكوادر البشرية، وغياب الشباب.
ومع حالة ترهل المعارضة التقليدية وغياب حزب السلطة يبرز في المنافسة ثلاثة تيارات أخرى الأول محاولات لحمدين صباحي، وزعيم التيار الديمقراطي الذي يحاول بإطلالة جديدة على المشهد السياسي تتمثل في توحيد 6 أحزاب وتكتلين سياسيين في حزب واحد جرى التمهيد له بتكوين اتحاد كونفدرالي لتلك الأحزاب بميثاق واحد، تمهيداً للاندماج، وأحزاب صباحي تخوض الانتخابات على المقاعد الفردية بعدما عزفت عن استكمال إجراءاتها لتقديم قائمتها، وإلى جواره ينافس بقوة ليحصد نحو 200 مقعد وينفق ببذخ كبير ويقدم حملة دعاية هي الأضخم في تاريخ البرلمان المصري حزب المصريين الأحرار الذي يتزعمه رجل الأعمال نجيب ساويرس، ويكمل المشهد مع ساويرس وصباحي عبد المنعم أبو الفتوح الذي يسعى لأن يكون له دور في تحريض المعارضة على النظام فتارة يدعو لتكتل للقوى المقاطعة للانتخابات، وتارة يدعو للاندماج مع حزب الدستور الذي سبق وأسسه محمد البرادعي، ومع كل هؤلاء يبرز حزب النور الذي تشير أغلب التوقعات لإمكانية حصوله على ما بين 10-12% من البرلمان حيث يزاحم قائمة «في حب مصر» في دائرة غرب الدلتا حيث يملك وجوداً ملفتاً في الإسكندرية والبحيرة ومرسي مطروح.
مجلس النواب المرتقب يجرى الإعداد لهيكلته بشكل يمثل ولادة تعثرت لنحو العامين لكنه يعد الأخطر في التاريخ الحديث، ولذا فإن سيطرة الدولة عليه ستكون في أجندة الأولويات وخاصة أنه المجلس الذي يتشكل في حوزة رئيس قوي تواجهه سلطات لمجلس النواب تصل إلى حد سحب الثقة، ولذا فإن الأيام الماضية استحضرت بقوة الرئيس المصري المؤقت السابق المستشار عدلي منصور للعودة للمشهد كعضو معين في البرلمان من الرئيس، ضمن نسبة 5% من مجلس النواب يعينها الرئيس وفقاً للدستور، ليترأس البرلمان القادم في مشهد لم يظهر فيه أحد له غلبة قادرة على السيطرة على المشهد.
(أ ف ب- روسيا اليوم- رويترز- سانا- وكالات)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن