الأولى

سورية على أبواب نهاية الهجمة

بيروت محمد عيد : 

كان من الطبيعي والمتوقع أن يبادر العدو الإسرائيلي إلى استغلال أي فرصة ممكنة للولوج إلى الداخل السوري بعدما عجز عن ذلك منذ حركة الرئيس الراحل حافظ الأسد التصحيحية، بل إن هذا العدو لم يتمكن منذ عام 1967 من تجاوز ممانعة أهل الجولان المحتل لوجوده أو حتى القبول به كأمر واقع، إلى أن وجد في المجموعات الإرهابية «الإسلامية» حليفاً يوفر له هذه الفرصة عبر مشاركته لهذه المجموعات السيطرة في المناطق التي احتلتها على تخوم الجولان المحتل وتعزيز تغلغله الاستخباري فيها مع ما يعني ذلك من تجاوز لكل القرارات والآليات الدولية المتعلقة بقواعد الاشتباك بين سورية وبينه. إضافة إلى أن تظهير العدو الإسرائيلي لهذا التحالف في وسائل صحافته وإعلامه أثبت للرأي العام السوري والعربي والإسلامي صدق مقولة الدولة السورية حول ارتباط هذه المجموعات الإرهابية وبالدليل الساطع بالكيان الإسرائيلي وبمشروعه النيل من دور سورية القومي والتاريخي في مواجهته. والأهم، فإن هذا التحالف حرر أيضاً الجيش العربي السوري من الالتزام بقواعد الاشتباك تلك، كما دفعه إلى تعزيز تعاونه مع قوى مقاوِمة لهذا الكيان كالحرس الثوري الإيراني وحزب اللـه بهدف صياغة منظومة مقاوَمة تتكامل مع منظومة أخرى قائمة في الجنوب اللبناني بما يتجاوز الجدل المُفتَعَل حول ملكية مزارع شبعا أو قرية الغجر ويوحد إمكانيات وقدرات المقاومتين اللبنانية والسورية في أي مواجهة مرتقبة مع هذا الكيان.
لاشك أن سقوط مشروع «الموك» الأردني وفشل محاولات العدو الإسرائيلي الاستثمار على الإرهاب في ريف القنيطرة ومؤخراً الضوابط والمحاذير التي فرضتها المشاركة العسكرية الروسية على مسؤولي هذا الكيان، جعلت هذه الجبهة معطلة وفي حالة انتظار للآتي المحتوم الذي لا يمكن أن يستثنيها من خطة التحرير الكاملة للجنوب السوري وامتداداته الحدودية.
أما على جبهة لبنان فقد ورد في البند الرابع من وثيقة الوفاق الوطني اللبناني (الطائف): «.. يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سورية… وعليه فإن لبنان لا يسمح بأن يكون ممراً أو مستقراً لأي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه أو أمن سورية».
كان من المفترض أن يكون هذا النص الذي شكل الرافعة الإقليمية لتلك الوثيقة والضامن الفعلي لتنفيذها، المعادلة التي تقوم على أساسها السلطة اللبنانية بواجباتها تجاه الشقيقة وتجاه نفسها وخصوصاً أن المسؤولين اللبنانيين يعلمون أنه، أي النص، صار قانوناً بعد تكريسه بمعاهدة «الأخوة والتعاون والتنسيق» بين البلدين. غير أن أغلبية هذه السلطة التي تعاقبت على إدارة الحكومات تحت عنواني «الانتقام» و«النأي بالنفس» شرعت الحدود اللبنانية الجوية والبحرية والبرية لحركة الإرهابيين الذين شكلوا انطلاقاً من هذه الحدود وخصوصاً الشمالية منها الركيزة الأساس للمعركة العسكرية الأولى ضد الجيش العربي السوري في حمص وريفها وتباعاً الخط الممتد على الحدود المشتركة بكاملها. من هنا، كانت الأولوية لدى حزب اللـه والجيش العربي السوري البدء من القصير وتلكلخ بهدف عزل هذه الحدود من الجهة السورية بعدما تعذر ذلك من الجهة اللبنانية نتيجة التجاذب الداخلي اللبناني الذي عطل قدرات الجيش اللبناني ودوره في حفظ الحدود اللبنانية كما منعه من ضرب المجموعات الإرهابية التي استفادت من البيئة الحاضنة التي وفرها ما يسمى « قوى 14 آذار» وبالأخص منها تيار المستقبل. المهم أن حزب اللـه ومعه الجيش العربي السوري نجحا في استكمال هذا العزل الحدودي الذي وفر ممرات آمنة بين البلدين ومنع استقرار الإرهابيين على حدودهما وأحبط دوام استعمال جبهة لبنان منصة عسكرية أو حتى سياسية فعالة ضد سورية ما منحه أيضاً استقراراً أمنياً على الأقل وإن تعذر وسيتعذر الاستقرار السياسي طالما لم تتضح صورة الحل في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن