قضايا وآراء

قمة موسكو..

باسمة حامد :

لا شك أن زيارة الرئيس الأسد المفاجئة إلى موسكو شكّلت إنجازاً دبلوماسياً مهماً «للنظام» السوري كونها خرقت الحصار السياسي المفروض على سورية منذ العام 2011.
وفي الدلالات السياسية لهذه الزيارة التي لم يُعلن عنها لاعتبارات أمنية ثمة ما هو أعمق من التنسيق وتقييم العمليات العسكرية وأبعد مما أعلن عنه في البيان المشترك:”مناقشة مسائل محاربة المجموعات الإرهابية المتطرفة، والقضايا المتعلقة بمتابعة العملية الروسية ودعم العمليات الهجومية للقوات المسلحة السورية».
وفي قراءة تلك الدلالات من الضروري التوقف عند ما يلي:
1- إن الرئيس الروسي وبحضور وزيري الدفاع والخارجية الروسيين (كتأكيد على تلازم المسارين العسكري والسياسي) وبعد أقل من شهر على بدء الضربات الجوية الروسية في سورية استقبل رئيس الجمهورية العربية السورية في زيارته الخارجية الأولى منذ اندلاع الأحداث، ما يعني أن المبادرة الروسية حول الملف السوري جدية إلى حد الذهاب لاستكمال كل الأجزاء الناقصة في المشهد، فالروس وبموافقة أميركية ملتزمون بإنجاز العملية السياسية في سورية بمشاركة جميع الأطراف، والمتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أشار إلى وجود مساع للرئيس الروسي للعمل مع قادة القوى الكبرى في العالم على حل سلمي في سورية، فأي عمل عسكري «يفترض أن تليه خطوات سياسية»، ووفق تصريحات سابقة أدلى بها الرئيس الأسد لوسائل إعلام روسية فإن:”الأزمة قابلة للحل وليست مستحيلة»، لكن إقلاع المسار السياسي لا يمكن أن يحصل بواقعية قبل الانتهاء من إنجاز المهمة الأولى:(القضاء على الإرهاب) وهذه النقطة أكدهما الرئيسان أكثر من مرة باعتبار الإرهاب:”يشكل عائقاً أمام الحل السياسي»، ومكافحته بالنسبة لسورية خيار إستراتيجي لا رجعة عنه، وهو أولوية كذلك بالنسبة لدولة عانت منه كروسيا لإدراكها أن الإرهابيين يخططون «لتوسيع دائرة نفوذهم وتجنيد مقاتلين جدد ولزعزعة الاستقرار في مناطق كاملة بالعالم».. ولولا تدخلها العسكري في سورية «لكان الإرهاب توسع أكثر».
2- فتح موسكو لأبوابها أمام الرئيس الأسد الآن لا يعني فقط أنها تتصرف وفق القوانين الدولية بل يعني بشكل أوضح أنها نفذت قراراً شجاعاً لم يجرؤ الآخرون ممن يتواصلون سراً مع «النظام» على اتخاذه أي:(استقبال الرئيس الشرعي في سورية)، وبهذه الخطوة العملية والحاسمة ستصبح زيارات الرئيس الأسد الخارجية من الآن فصاعداً أمراً طبيعياً واعتيادياً. ففلاديمير بوتين – وبصرف النظر عن الانتقادات الموجهة له بخصوص ما يصفه محور واشنطن:”بـالإجراءات الرامية لإنقاذ النظام وتكريس الدكتاتورية والاستبداد”-.. التقط فرصة تبدّل المناخ الدولي في الوقت المناسب، ومهّد لمرحلة الانفتاح الدبلوماسي العلني على «النظام» متقدماً بثقة وجرأة لينهي الجدل البيزنطي بشأن الشكوك الدائرة حول «شرعيته» ومسدلاً الستار على مطلب «التنحي» و«الرحيل» وحقبة «المقاطعة» و«الأيام المعدودة»، وواضعاً المجتمع الدولي أمام استحقاقاته الراهنة ومن أهمها:محاربة الإرهاب، وإنهاء الخصومة مع سورية والتعاون مع روسيا لتسوية الملف السوري كما حصل بالملف النووي الإيراني.
3- شكر الرئيس الروسي للرئيس الأسد «على قبوله الدعوة لزيارة موسكو» يؤكد تقديره لسورية التي:”كانت وحدها عملياً خلال عدة سنوات تحارب الإرهاب وتتحمل خسائر جدية وكان الشعب السوري وحده عملياً يقاوم ويحارب الإرهاب الدولي طوال عدة سنوات ويتحمل خسائر جدية»، واحترامه لشخص الرئيس الأسد:”القائد الأعلى لقوة برية هي الأكثر فعالية وتواجه الإرهاب على الأرض» وفق تعبير الوزير لافروف.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن