قضايا وآراء

استطلاع «الاستطلاعات»

ليون زكي :

يمكن الجزم من خلال استطلاع «استطلاعات» الرأي العام التركي بما يخص الانتخابات البرلمانية المبكرة الذي ستجري في تركيا بعد أيام في الأول من تشرين الثاني المقبل بأن حزب «العدالة والتنمية» سيودع 12 سنة من استئثاره واستفراده بالسلطة والقرار الذي لم يكن في محله خلال عهد رجب طيب أردوغان الذي لا بد سيفقد حلمه بتحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي بعد أن أضر بالناخب التركي وأدخل المنطقة برمتها في مستنقع الإرهاب.
المعطيات الأولية بما فيها استطلاعات الرأي العام التركي تشير وبوثوقية عالية إلى أن «العدالة والتنمية» لن يستطيع الحصول على 18 مقعداً إضافياً لتشكيل الحكومة بمعزل عن باقي الأحزاب كما في الانتخابات السابقة التي حرمته حتى من فرصة إيجاد شركاء يقبلون بتشكيل حكومة معه.
فأردوغان نقض وعده بإيجاد حل سياسي عادل للقضية الكردية ونقض الهدنة مع حزب العمال الكردستاني وافتعل الحرب معه لدوافع في مقدمتها كسب أصوات القوميين الأتراك لكنها ستنعكس وبالاً عليه في الانتخابات المقبلة التي ستضمن لحزب الشعوب الديمقراطي حصوله على نسبة 10 بالمئة لتجاوز العتبة الانتخابية مجدداً وإلا فبالبديل أن يحصل حزب «العدالة والتنمية» على نسبة من مقاعده تخوله تشكيل حكومة بمفرده.
من المؤكد أن الرئيس رجب طيب أردوغان يقامر ويغامر بالاقتصاد التركي وبالاستثمارات الأجنبية بالمراهنة على أن التصعيد الأمني يصب في مصلحته بغض النظر عن ارتدادات مواقفه على الشارع التركي وناخبيه الافتراضيين.
وبالحديث عن استطلاعات الرأي فيمكن الاستدلال بثلاثة استطلاعات في توقيتات متفاوتة لكن بالدلالات ذاتها، وهي أن «العدالة والتنمية لن يحصل على مقاعد برلمانية كما يشتهي وكما يمنّي نفسه وهواه».
فبيانات مؤسسة متروبول (Metropoll) عن استطلاعها الذي أجرته بين 14 و16 آب الماضي، تشير إلى أن «العدالة والتنمية» سيحصل على 41,7 بالمئة من أصوات الناخبين مقابل 40,9 بالمئة حصته في انتخابات 7 حزيران الماضي، وهي نسبة تقصيه عن الاستفراد بتشكيل الحكومة في حين دلت بيانات مؤسسة جيزيجي (Gezici) عن استطلاعها المجرى بين 12 و13 أيلول الماضي إلى أن أصوات «العدالة والتنمية» في انتخابات الأول من تشرين الثاني المقبل ستنخفض إلى 39,3 بالمئة وهي نسبة قريبة من استطلاع مؤسسة أنار(ANAR) الذي أظهر تراجع شعبية الحزب نقطة واحدة بنيله نسبة 40 بالمئة بينما ترجح الاستطلاعات الثلاثة تعزيز نسب تأييد حزب الشعب الجمهوري المعارض.
وحده استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة (ORC)، المقربة من «العدالة والتنمية، في آب الفائت أظهر ارتفاع نسبة «العدالة والتنمية» من أصوات الناخبين إلى 3,2 بالمئة، وهي النسبة التي تخوله تشكيل حكومة منفرداً عبر استعادة الأصوات التي ذهبت لحساب حزبي «الحركة القومية» و«الشعوب الديمقراطي» في الانتخابات البرلمانية السابقة وعلى أمل استعادة نسبة 3 بالمئة من أصوات أنصاره التي امتنعت عن الاقتراع لمصلحته لنيل عدد مقاعد مقداره 278 مقعداً، بيد أن تفجيري أنقرة خلطا الأوراق ولم يعد بمقدور «العدالة والتنمية» تحقيق ما يصبو إليه.
وبات شبه مؤكد أن شعبية الحكومة التركية ومن خلفها الرئيس أردوغان تتراجع بشكل مطرد كلما اقترب موعد الانتخابات المبكرة ولاسيما بعد إدراك الرأي العام حجم التعتيم الذي تمت ممارسته على التحقيق في تفجيري أنقرة من خلال حظر نشر أي معلومات عنه كدلالة على حجم التواطؤ بين الحكومة وتنظيم «داعش» المتهم الأول في التفجيرين.
لذلك يتوقع أن الحكومات الائتلافية هي التي ستقود الحكم في تركيا بعد سنوات طويلة استفرد فيها «العدالة والتنمية» بالحكم وجرّ البلاد إلى بحر الإرهاب على الرغم من الإنجازات الاقتصادية التي حققها مع بدابة عهدة بالسلطة.
والأهم من ذلك فإن أردوغان سيطوي حلمه بتحويل نظام الحكم في تركيا إلى رئاسي، وهو ما ذهب إليه استطلاع صحيفة يورت التركية خلال آب الفائت والذي أظهر، إضافة إلى استمرار تراجع نسبة أصوات «العدالة والتنمية» في الانتخابات المقبلة، أن 78,3 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع رفضوا بشكل قاطع انتقال نظام الحكم في تركيا من البرلماني إلى الرئاسي في الوقت الذي أعلن 35 بالمئة من ناخبي الحزب رفضهم الفكرة من أساسها.
لقد تحولت مقولة أردوغان إن نظام الحكم الرئاسي الذي يطمح إليه بعد فوز حزبه في الانتخابات شبيه «بطعم العسل» إلى مقولة أخرى يتندر بها الأتراك بأن نظام حكمه شبيه «بطعم العلقم»!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن