سورية

أكد استحالة الحديث عن التسوية السياسية قبل هزيمة الإرهاب … الكرملين يرصد «أولى العلامات» على نجاح هجوم الجيش السوري على الإرهابيين

وكالات :

أعرب الكرملين أمس عن تفاؤل حذر بـ«العلامات الأولى» للهجوم الذي يشنه الجيش العربي السوري على الإرهابيين بمساندة الطائرات الروسية واصفاً إياه بـ«الناجح»، وعلق «الانتصار على الإرهاب» على النجاح الكامل للهجوم، مؤكداً أنه من المستحيل الحديث عن التسوية السياسية قبل هزيمة التنظيمات الإرهابية، ونبه إلى «فشل» واشنطن وحلفائها في اقتراح أي معارضة جدية في سورية «ليس لها صلات مع الإرهاب». في التفاصيل، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف، أن الانتصار على الإرهاب لن يكون ممكناً إلا في حال نجح الجيش العربي السوري في عملياته التي يشنها ضد الإرهابيين، ولذلك لا بد من مساعدته في تحقيق هذه الغاية.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» تنشر كاملة غداً، لفت بيسكوف إلى أن هدف روسيا يتمثل في «توطيد مواقع الجيش السوري الشرعي لأنه لا يوجد خيار آخر»، لافتاً في هذا الصدد إلى أن «ما تقدمه موسكو من دعم لسورية إنما هو محاولة لإنقاذها من الإرهابيين والتنظيمات المتطرفة»، مشيراً في المقابل إلى أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة نفذ غارات جوية لمدة تزيد على عام، والنتيجة هي أن «الوضع للأسف يميل إلى أن يكون أكثر خطورة» وأوضح أن عدم فعالية هذا التحالف كان الدافع لبدء القوات المسلحة الروسية بدعم القوات الحكومية السورية.
كما أشار بيسكوف، في المقابلة التي نشرت وكالة الأنباء «سانا» مقتطفات منها أمس، إلى أن «الولايات المتحدة وحلفاءها، فشلوا حتى الآن، في تحديد أي معارضة جدية في سورية ليس لها صلات مع الإرهاب أو علاقة مع تنظيمات متطرفة كتنظيم (داعش) أو (القاعدة) وغيرهما». وتابع: إنه «لا يزال من المبكر الحديث عن نتائج ملموسة لكننا نرى العلامات الأولى لهجوم ناجح يشنه الجيش العربي السوري»، معرباً عن الأمل بأن الجيش العربي السوري سيتمكن من «إنقاذ الأراضي تدريجياً من العصابات الإرهابية والمتطرفة».
وأشار المسؤول الرفيع في الكرملين إلى أنه لا يمكن الحديث عن التسوية السياسية «إلا بعد أن يتغلب الجيش العربي السوري على الإرهابيين» وشدد على أهمية الحفاظ على سلامة سورية ووحدتها السياسية ووحدة أراضيها، وعدم السماح لكامل المنطقة، بما في ذلك البلدان التي تجاور سورية، الدخول في كابوس الانهيار وهيمنة الإرهاب، لكنه أوضح أنه «لا يحق لباريس ولندن وواشنطن وموسكو أن تقول من يستطيع أن يصبح رئيساً لسورية ومن لا يستطيع»، لافتاً إلى أن الشعب السوري هو وحده من يقرر هذا الأمر.
بدوره شرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ما تفعله بلاده لتحقيق التسوية في سورية. ولفت في حديث أدلى به لقناة «روسيا 24» في مدينة سوتشي الروسية قبل سفره إلى العاصمة النمساوية فيينا ولقائه نظراءه من الولايات المتحدة وتركيا والسعودية، إلى أن روسيا «لا تريد أن تأخذ في الاعتبار مصالح (الرئيس) بشار الأسد وحده، ولا مصالح المعارضة وحدها، وإنما تريد أن تأخذ في الاعتبار مصالح سورية كلها»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك».
وفي معرض التعليق على زيارة الرئيس الأسد الخاطفة مؤخراً إلى موسكو، أعاد لافروف إلى الأذهان بحسب ما نقل موقع «روسيا اليوم»، أن قيادات جميع أطياف المعارضة السورية زارت العاصمة الروسية خلال السنوات الأربع الماضية، بما فيها وفود عن الائتلاف الوطني، والإخوان المسلمين، وهيئة التنسيق الوطنية.
وعلق على ما يشاع من تكهنات حول مراهنة روسيا على الرئيس الأسد دون سواه في التسوية السورية، بالقول: «في الوقت الذي اعتبرت فيه جامعة الدول العربية الائتلاف الوطني ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري، توافد على موسكو ممثلون عن الائتلاف والمعارضة الداخلية التي كانت تنشط على الدوام داخل سورية وتطالب بالديمقراطية وبالأخذ بمصالحها بشكل أوسع واستناداً إلى ذلك لم يلمنا أحد حينها». وأكد في المقابل، أن روسيا تراهن «على المعارضة السورية دون سواها، نظراً للزيارات المتكررة التي قام بها ممثلوها إلى بلادنا عندما نظمنا مؤتمرين خاصين ضما قيادييها على حلبة موسكو سعياً منا لتوحيد صفوفها على أساس بناء، يستند إلى المسؤولية تجاه بلادها وقابلية للتفاوض حول سبل الحل السياسي».
وعبر الوزير الروسي، وفق وكالة «سبوتنيك»، عن اعتقاده بأن النجاحات التي يحققها الجيش العربي السوري أثناء عملياته على الإرهابيين بالتعاون مع سلاح الجو الروسي، تتيح رص صف المجتمع السوري ويجب أن تشجع السلطة السورية على الاهتمام بتحريك العملية السياسية. وأشار إلى أن الرئيس الأسد يدرك ضرورة رص صف المجتمع السوري وبدء العملية السياسية التي تأخذ في الاعتبار مصالح السوريين كافة.
كما لفت إلى أن الأطراف الخارجية باتت تدرك حقيقة ما يجري في سورية «ما يبعث على الأمل في تحريك العملية السياسية في المستقبل القريب». وأوضح أن المقصود «إجلاس السوريين كافة على طاولة المحادثات بمساعدة الأطراف الخارجية». واستطرد موضحاً بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» عن الوزير خلال المقابلة: «لا يمكن لأطراف خارجية أن تحدد أي شيء للسوريين. ينبغي أن نجبرهم على أن يضعوا خطة لبلادهم يتم بموجبها حماية مصالح كل مجموعة دينية وعرقية وسياسية بعناية». وتابع قوله: «بالطبع يتعين عليهم الإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية».
من جهة أخرى أكد الوزير الروسي، بحسب «سبوتنيك»، استعداد بلاده لتنسيق جهود مكافحة الإرهاب في سورية مع الطرف الأميركي وتقديم الدعم الجوي لـ«المعارضة الوطنية السورية بما فيها ما يسمى بالجيش السوري الحر»، لكنه أشار إلى أن الجانب الأميركي ما زال يرفض تزويد الجانب الروسي بـ«المعلومات عن أماكن وجود الإرهابيين من جهة، وأماكن وجود المعارضين الوطنيين من جهة أخرى». ووصف استمرار واشنطن في رفضها تنسيق حملتها في سورية مع موسكو بـ«الخطأ الكبير».
وفي الختام، عبر لافروف عن أمله في أن «يدرك الاتحاد الأوروبي أن التنصل من شؤون تخص سورية لا يجوز».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن