ثقافة وفن

لا يمكن تأطير الممثل السوري في مجالٍ واحد … نوار يوسف لـ«الوطن»: التمثيل ليس استغراقاً في الحالة بل السرعة في التلقي

عامر فؤاد عامر :

حصدت مؤخراً جائزة أفضل ممثلة في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، لها العديد من الأدوار التمثيليّة جاءت بين المسرح مثل «العودة إلى البيت»، و«دار الفلك»، و«حدث ذلك غداً»، والسينما مثل «الرابعة بتوقيت الفردوس»، و«مطر أيلول»، و«سلم إلى دمشق»، وفي التلفزيون «طالع الفضة»، و«جلسات نسائيّة»، و«قلم حمرة»، وغيرها، وهي من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحيّة في دمشق عام 2009، تسعى لانتقاء أدوارها بعناية وهدوء، وتتجه بنظرتها نحو التجربة التمثيليّة خارج حدود الدراما المحليّة. تحدّثنا اليوم الفنانة «نوار يوسف» عن تجربتها المسرحيّة خارج سورية وداخلها، وعن استلامها جائزتها الأخيرة كأفضل ممثلة، وعن مواضيع أخرى.

معنى خاصّ للجائزة
استلمت الفنانة «نوار يوسف» مؤخراً جائزة من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي؛ كأفضل ممثلة عن دورها في فيلم «الرابعة بتوقيت الفردوس» للمخرج «محمد عبد العزيز» وهي جائزة جاءت تحت اسم «جائزة فاتن حمامة»، وحول هذه الجائزة تقول: «جاءت الجائزة في وقت جعلني أشعر بقيمة ما فعلت وما تعبت به في الفيلم، فعندما تمّ افتتاحه في دمشق وشاهدته الناس انتظرت صدى ذلك، لكن لم يحدث شيء مما انتظرته، بالتالي انخفضت معنوياتي حينها، لكن عندما حدث ومُنحت الجائزة في مهرجان الإسكندرية كان فرحي كبيراً وخصوصاً أنني لم أكن موجودة شخصياً لكن هناك من قدر تعبي، وشاهد جيداً ما قدّمت. والحدث يأخذ أهميته لكون الفيلم أيضاً نال جائزة التحكيم الخاصّة، ومن المعلوم أن هذا المهرجان الدولي كان مقاطعاً لكلّ شيء يأتي من سوريه منذ سنتين في حين اليوم كان للسينما السوريّة حضورها القوي، وعن الجائزة أعتبرها نقطة بداية واعتراف بما تعبت به وتمنيت لو أن ذلك بدأ من بلدي، فهذا ما يهمّني وما يشغل عواطفي وأفكاري، وعموماً التكريم الذي قامت به وزارة الثقافة مقدر جداً، أتى لاحقاً لإعلان الجائزة من مهرجان الإسكندرية، ولا يمكنني إلا تقديم شكري». الممثل السوري خارج الحسابات يصدّر الإعلام الممثل السوري بأنّه والدراما التلفزيونيّة في المقدّمة دون التطرق لباقي المجالات بوضوح، واليوم تأتي هذه الجائزة لتؤكد تفوق الممثل السوري بجدارة في السينما أيضاً، وحول هذه الفكرة تقول ضيفتنا: «اعتقد أن من أهم أسباب تفوق الدراما السورية لدينا هي جودة الممثل السوري أولاً وكفاءته وهذا شي واضح ومعترف به عربيا وليس بحاجه إلى نقاش أو ذكاء لكي يلاحظ. فالممثل المتمكن يصدّر نفسه ببراعة في كل مجالات العمل المتاحة، ولا يهمّ ما يركز عليه الإعلام وما يغفله، فأنا كممثلة لدي خيار العمل في «المسرح التلفزيون السينما»، وبالتالي أبقى ضمن مساحة العمل التمثيلي، نهايةً هذه المهنة لا يمكن تحجيمها في إطار واحد بل هي أكبر من أن تؤطر في مجال». دائماً في تجربة يعدّ التجريب وخوض التجارب من الأمور المتاحة للممثل الجديد أو الخريج الحديث، فماذا عن التجربة لدى «نوار يوسف» وكيف تراها: «دائماً أنا في إطار التجريب». لم تكنّ التجارب في العامين الأخيرين كثيرة في سيرة العمل لدى الفنانة «نوار» وقد كان تبريرها لذلك هو: «لم يكن هناك خيارات مغرية، ولاسيما أنني كنت عازمة على السفر لذا لم أشارك في أي عمل. وآخر مشاركه لي كانت مسلسل «قلم حمرة» مع المخرج «حاتم علي» منذ سنتين.
حاتم علي موجّه

عن التجربة مع «حاتم علي» ولاسيّما أن فرصة التمثيل الأولى كانت بإشرافه من خلال مسلسل «طوق الياسمين» والمخرج «علي علي»، وفي ذلك تقول «نوار»: « التعامل مع المخرج «حاتم علي» يشبه التعامل مع أستاذ المعهد العالي، فدائماً هناك هيبة المعلم والموجّه، وهناك ثقة بكلّ معلومة وملاحظة يقدّمها، فمعه أشعر بمسؤوليّة متجددة، وهذا الشعور لا يفارقني أثناء التعامل معه، وعموماً، في كلتا التجربتين، لم أرضَ عمّا قدّمته، ودائماً لديّ شعور بأنّه يمكنني تقديم الأكثر والأفضل». وعن جديدها التلفزيوني تضيف: «انتهيت من تصوير دوري في خماسيّة «بعدك حبيبي» مع المخرج «المثنى صبح» والكاتب «نجيب نصير» في جزء جديد من مسلسل «أهل الغرام» وكذلك انتهيت من تصوير مشاهدي في مسلسل «نبتدي منين الحكاية» مع المخرج «سيف سبيعي» والكاتب «فادي قوشقجي». لست مع التصنيف، يصنّف البعض الممثل بأنّه ممثل مسرح أو سينما أو تلفزيون تبعاً لجودة أدائه، وعن صحة التصنيف، وخاصّة أنّ البعض صنّف الفنانة «نوار يوسف» بأنها ممثلة مسرح بامتياز، تردّ: «أنا ضدّ تصنيف الممثل بأنّه ممثل مسرح، أو سينما أو تلفزيون، إذ يحق لي التجربة كأيّ خريج من المعهد، وقد اشتغلت في القطاعات الثلاثة، عملت في الدراما السورية عندما كنت ما أزال طالبة في السنة الثالثة لكن صادف أن عملت بصورة أوضح في المسرح مباشرة بعد التخرج، فقد كان لي فرصة تمثيلية قوية بعروض سورية وكويتية بفضلها شاركت بمهرجانات مسرحيه مهمة عالميا في أوروبا وأميركا والوطن العربي. أثناء تلك الفترة لم امتلك الوقت للمشاركة بالدراما السورية إلا لماماً. بالتعريج على المشاركات المسرحيّة تقول الفنانة «نوار يوسف»: «العرض المسرحي الأول بعد التخرج كان لمصلحة «مختبر دمشق المسرحي» بعنوان «حدث ذلك غداً» للمخرج «أسامة غنم»، 2010 وكان الدكتور «غنم» قام بدمج عدد من النصوص المسرحية لكتاب مختلفين من بلاد مختلفة، للإنكليزي «مارك رافنهيل» والألماني «كروتز» والإيطالي «داريوفو» وكانت المسرحية من تمثيلي والأستاذين «أمل عمران» و«محمد آل رشي»، وأيضاً عندي مشاركتان أخريان مع الدكتور غنم إحداهما قراءات مسرحية للألماني «هاينر مولر» وآخرها «العودة إلى البيت» لهارولد بنتر وشاركت سابقاً بمسرحية «ودار الفلك» المأخوذة عن «الليلة الثانية عشرة» لـ«شكسبير»، وهذه المسرحيّة كويتية كان فيها ممثلون كويتيون ولبنانيون إضافة إلى الممثلين السوريين «أمل عمران» «فايز قزق»، في هذه التجربة تحديداً كانت تنتابني مشاعر مربكة عندما كنت أجسد دولة الكويت، وأنا من سورية أصلاً، لكن ذلك منطقي فالعرض كويتي مخرجاً (سليمان البسام) ونصاً. للأسف قلما توجد مسرحيّات سوريّة يمكنها أن تشارك في مهرجانات عالميّة لا أدري ما السبب أتمنى أن يحدث ذلك في المستقبل القريب. جملة الفوائد معاصرة أسماء مهمة في عالم التمثيل المسرحي العربي وتجربة العمل معهم في سنّ مبكرة لا بدّ أنه منح الفنانة «نوار يوسف» المزيد من الفائدة، وعن ذلك تتحدّث: «التجربة المسرحيّة الأولى جعلتني أتلمّس مقدرتي أكثر، وتعلّمت أن التمثيل أيضاً مسألة تراكميّة، أمّا في الثانية فعرفت أهمية السرعة أثناء العمل، في تلقي الملاحظة واستيعابها وسرعة تنفيذها، وتبني ما يرغب فيه المخرج، بغض النظر عن رأيي الشخصي أو عما أريد، فالتمثيل ليس استغراقاً بالحالة كما كنت أظن بل سرعة في استحضارها. وفهمت أيضاً أن التنظيم أساسي في مهنة كهذه وأن العمل له وقت، والحياة بجوانبها الأخرى لها وقت لا بد من احترامه أيضاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن