ثقافة وفن

بين الموهبة والهواية … أين يقف الممثل الشاب

لجين إسماعيل :

التمثيل أحد تلك الفنون التي نالت كل اهتمام ولمعت مع ظهور فنانين قديرين فتلونت الأدوار وتقمصوا الشخصية بكل براعة… فساهموا في تطور الفن التمثيلي.. واليوم ومع ما نشهده من تخريج دفعات جديدة من الطلاب.. كان لهم أن أخذوا فرصهم خلال السنوات الفائتة فبرعوا فيما قدموا، بل كان لبعضهم تجربة في الإخراج فالتمثيل حكاية الروح وعشق الأمل.. وما أجمل أن تعبر عما يختلج في النفس من أفكار بحركات وإيماءات وكلمات… فالشخصية تلعب دورها وتعيش حالاتها.
لكن يبقى مجموعة من الأسئلة والاستفسارات فهل تحقيق النجومية مرتبط بأدوار البطولة… وما دور الشباب في هذه الصناعة وهل هناك من يخدم أو يسلط الضوء على ما يلزم؟.

ويبقى لحضورهم وقعٌ خاص
سنوات مضت.. ونجوم باتت الدراما جزءاً من حياتهم، لحضورهم وقعٌ خاص، ولكلماتهم وحركاتهم عالم آخر من التمثيل، وهنا ترى الفنانة الشّابة المتألّقة ربى الحلبي بأن الأولوية في التمثيل وأدوار البطولة للعمالقة الكبار الذين تركوا بصمتهم الفنية، ولاشكّ أن بداية مشوارهم الفني كانت صعبة كما جيل الشباب الجديد اليوم، لافتةً إلى وجود قواعد ضابطة في الدراما السورية مرتبطة بالشكل والعمر للشخصية، فليس من المعقول أن يأخذ شاب صغير دور أب متقدّم في العمر، فلكل شخصية دورها وملامحها المناسبة. وترى أن الدراما السورية عبارة عن حظوظ وعلى الممثل أن يتعلم الأدوات التي تسوق له ولحضوره، فالممثل وحده القادر على إثبات موهبته وفنه وشخصيته.
أما عن تجربتها الخاصة فتقول: تخرجت عام 2010 وشاركت بعمل واحد وهو مسلسل الخربة حيث كان لشخصية «ندى» صداها ووقعها عند المشاهد، وتوقفت عن العمل مدة ثلاث سنوات لم يعرض علي الدور الذي يناسب شخصية ربى، واليوم بعد هذا الانقطاع وجدت فرصتي وأرغب دوما بأعمال يذكر بها اسمي وتترك أثرها على أن أشارك بأعمال كثيرة فتتشتت الموهبة وتضيع الشخصية، فالوصول إلى النجومية يحتاج إلى التعب والوقت للتألق واللمعان.. فالتمثيل يعتمد التراتبية.

مخرجو الدراما كانوا الأمل لخريجين جدد
كما تشير إلى بعض المخرجين الذين يبحثون عن المواهب التمثيلية المتخرجة ويتعاملون بناء على العمل والأداء مما يخدم الممثل فكثير من الشباب أخذوا فرصتهم خلال الموسم الفائت عبر مشاركتهم في بعض الأعمال ولو كان ببعض المشاهد.
فالدراما السورية تعتمد مناسبة الأدوار للشخصية المنتقاة، ومن الطبيعي للمخرج والمنتج أن يختارا الكبار الذين امتلكوا الخبرة وباتت الكاميرا صديقتهم، فالمسلسلات تختلف في مضمونها واختيار الشخصيات التي تمثّلها، فالأعمال الكوميدية لها وجوهها التي حفظها المشاهد وبات متلهفا دوما ليذوب ويتفاعل معها.
وتؤكد أن المشكلة الحقيقية للطلاب الخريجين من المعهد العالي للفنون المسرحية تتمثل باختلاف النظري عن التطبيق العملي، حيث إن التعامل مع الكاميرا والتلفزيون يختلف عن المسرح وله منطقه المختلف وهذا ما يفسر بروز المواهب وحيازتها للأدوار في أغلب الأحيان.
ما الذي يحدث؟ أهوايةٌ تُغلّب على الموهبة؟
إذا أردنا أن يكون للشباب بصمته ووقعه في الدراما فعلينا أن نمتلك فنيّة اختيار وانتقاء الممثلين، فلا نغلّب الهواية على حساب الموهبة والدراسة وهذا ما يؤكّده الممثل مهران نعمو موضحاً أن أي شخص أراد الدخول في عالم التمثيل كان له ذلك دون تعب، على حين أننا نشهد تخريج ما يقارب خمسة عشر ممثّلاً من المعهد العالي للفنون المسرحية في كل دفعة، ومع ذلك يلمع منهم اسمان، والبقية من غير خريجي المعهد ينالون فرصتهم معتمدين في ذلك على الشكل والمحسوبيات.
فالسؤال العبثي: ماذا يحدث؟! فالذي يمتلك الموهبة التمثيلية كانت له فرصته أكثر من الممثل نفسه، فالدراما تجارة وربح مادي بحت، مبيناً أن الموجع والمؤلم أكثر يكمن في عروض التخرج أن لا وجود لمخرجين يهتمون بحضورها لانتقاء الأجدر فيها.
ويرى أن الحل بيد النجم الذي امتلك الخبرة والنجومية بأن يضع شروطاً على شركات الإنتاج والمخرجين أن تكون الأدوار لممثلي المعهد العالي الذين امتلكوا الأداء والمستوى العالي، وهذا يسهم في خدمة الدراما السورية.
ولفت إلى تجربته في مسلسل «عناية مشددة» متحدّثاً عن تفاصيل مشاهده فيه حيث أراد المخرج من خلال هذه المشاركة أن يراقب عمله وأداءه فكانت أن نجحت التجربة وارتفع إيقاع الحلقة، فهذا الأمر لو تكرّس في جميع الأعمال الدرامية لشهدنا مشاركات شبابية أكثر.

الفن إبداع وموهبة
لاشكّ أن التمثيل ملكة روحية تقترن بعشق الدور ابتداءً من الفكرة والنص وانتهاءً بالأداء فالمعلمة نيرمين تقول: «أي عمل يحتاج ملكته الخاصة الداعمة لنجاحه.. ودعائم هذه الموهبة تنطلق من الإنسان ذاته، كما تعتبر أن الفنان الحقيقي هو القادر على تأدية أدواره البطولية والثانوية بكل حرفيّة… فالكثير من الأدوار الثانوية حققت هدفها وأدت رسالتها.. فكانت الأقوى بين الشخصيات».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن