سورية

إيران مفاجأة محادثات الجمعة… والسعودية وفرنسا تحاولان نسف «ماراثون فيينا»

الوطن – وكالات :

على وقع الموافقة الإيرانية المفاجأة على المشاركة في اجتماع فيينا المتعدد الأطراف حول سورية غداً الجمعة، يجتمع اليوم الخميس وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا في اجتماع تمهيدي، من شأنه تحديد مصير الخطة التي ستعرض أمام اجتماع الغد. ويأتي السعوديون والأتراك والفرنسيون إلى فيينا بموقف تفجيري، ينص على بحث «جدول زمني محدد» لرحيل الرئيس بشار الأسد خلال اجتماع فيينا، في حين عادت السعودية إلى نبرة رحيل الرئيس الأسد بحل سياسي أو عسكري، علماً أن كل ما تريده واشنطن هو «حكومة لا يقودها الرئيس الأسد».
وقدمت الرياض قبولها «المشروط» لمشاركة إيران التي وصفتها بـ«قوة احتلال» لسورية، في اجتماع فيينا، بوصفه ضرورة لـ«اختبار جدية الموقف الإيراني» للتوصل إلى حل للأزمة السورية، وتعهدت بدعم المعارضة عسكرياً من أجل تمكينها من تحقيق تغيير الوضع على الأرض.
وبينما كشفت الدبلوماسية الروسية عن حصول تقدم خلال المحادثات المكثفة التي أجرتها مؤخراً، حاولت الدبلوماسية السعودية الإيحاء بأن الخلاف مع الروس يتعلق بزمن ووسيلة مغادرة الرئيس الأسد، علماً أن موسكو نفت المزاعم بشأن تقديم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمانات بشأن عدم ترشح نظيره السوري للانتخابات المقبلة. وفي غضون ذلك، قللت الدبلوماسية الأميركية من شأن العملية الروسية في سورية عبر القول إنها تحرز «تقدم محدود جداً»، ودعت، روسيا إلى السعي لتحقيق انتقال سياسي في البلاد، بخلاف ما ذهب إليه الجيش الأميركي، الذي سبق أن اعتبر أن ميزان القوى في سورية مال لصالح الرئيس الأسد بعد التدخل الروسي.
واليوم الخميس، ينطلق مارتون فيينا الدبلوماسي بلقاء رباعي يجمع وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف وأميركا جون كيري والسعودية عادل الجبير وتركيا فريدون سينرلي أوغلو. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن مصدر بوزارة الخارجية الروسية قوله إن الوزراء الأربعة يعتزمون الاجتماع في فيينا اليوم لبحث سبل حل الأزمة السورية.
وأشار مراقبون إلى أن اجتماع اليوم سيتابع المناقشات التي جرت يوم الجمعة الماضية، وسيضع النقاط على حروف خطة جديدة بشأن حل الأزمة السورية. وتوقعوا أن تحيل الخطة الجديدة التي تأتي على وقع «عاصفة السوخوي» وتكثيف الدعم الإيراني لسورية وتقدم الجيش العربي السوري الميداني، بيان جنيف إلى خلفية المشهد السوري.
في هذا الصدد، توقف المراقبون عند عدم دعوة روسيا والولايات المتحدة الأمم المتحدة إلى حضور اجتماعات فيينا. وعزا المراقبون ذلك إلى وجود رغبة روسية أميركية مشتركة في تجاوز بيان جنيف، قبل أن يعيد راعيا الحل في سورية، (موسكو وواشنطن) الكرة إلى الأمم المتحدة ومبعوثها إلى سورية ستيفان دي ميستورا لتنفيذ مخرجات اجتماع فيينا الموسع يوم الجمعة.
من جهة أخرى، أشار المصدر الروسي إلى أن «يوم الجمعة.. (سيشهد) زيادة عدد المفاوضين».
وبات من المؤكد أن تلتئم طاولة المحادثات المتعددة الأطراف في فيينا يوم غد بمشاركة دول جوار سورية (العراق، تركيا، الأردن ولبنان) ومصر والإمارات وقطر والسعودية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وإيران، إلى جانب عرابي الاجتماع روسيا والولايات المتحدة.
وبدأت روسيا والولايات المتحدة توجيه الدعوات للاجتماع الموسع، عقب اتفاق لافروف وكيري في رابع اتصال بينهما يوم الثلاثاء على دعوة جميع البلدان الرئيسية في المنطقة لحل الأزمة السورية، في إشارة واضحة لإيران.
وأوضحت واشنطن أنه تم توجيه دعوة لإيران. وأبلغت الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم الصحفيين أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف ونوابه حسين أمير عبد اللهيان وعباس عراقجي وماجد تحت-رافانتشي سيشاركون في اجتماع فيينا.
وفي بيروت، أكد مصدر في الحكومة اللبنانية أن وزير الخارجية جبران باسيل سيشارك بالمحادثات في فيينا. وأوضح أن «لبنان وافق على دعوة الاتحاد الروسي للمشاركة في لقاء فيينا»، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يلتقي باسيل مع نظيره الروسي اليوم الخميس.
وفي بغداد، أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أن وكيل وزارة الخارجية لشؤون العلاقات الثنائية نزار الخير اللـه سيحضر محادثات فيينا، وفقاً لوكالة «رويترز».
وأشارت وزارة الخارجية المصرية أن الوزير سامح شكري سيطير من الهند حيث يرافق الرئيس عبد الفتاح السيسي في جولته الآسيوية، إلى فيينا للمشاركة في المحادثات، وذلك بعد أن وجهت الولايات المتحدة الدعوة للقاهرة لحضور الاجتماعات. كما ستشارك في المحادثات الموسعة رئيسة المفوضية العليا للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني.
من جهة أخرى، وعشية اجتماعات فيينا، أكد وزير الخارجية الروسي أن بلاده تبذل «جهوداً مكثفة لدفع اللاعبين الخارجيين للمساهمة في عملية التسوية بسورية، بدلاً من عرقلتها»، وأضاف: «إنني أعول على أنه تم تحقيق حركة معينة إلى الأمام، وآمل في أن يعمل جميع أولئك الذين لديهم نفوذ، في اتجاه واحد انطلاقاً من مصالح الشعب السوري».
إلا أن أميركا واصلت المراوغة. واعتبر نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الروس «لا يمكنهم الانتصار في سورية… قد يكون بإمكانهم ربما الحيلولة دون هزيمة (الرئيس) الأسد لكن لا يمكنهم الانتصار». وتتعارض تصريحات بلينكن مع ما أكده رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية جوزيف دانفورد من أن ميزان القوة في سورية يميل لمصلحة الرئيس الأسد بعد مساندة روسيا وإيران.
وبعدما شارك في محادثات بشأن سورية في باريس، قال بلينكن لمحطة «فرانس 24» وفقاً لما نقلته وكالة «رويتزر»: «لا تسير تحركاتها (روسيا) على الأرض لدعم النظام بشكل جيد جداً وتحرز تقدماً محدوداً جداً على الرغم من الحملة الجوية الروسية». وتابع: «روسيا الآن لديها حافز ونفوذ أكبر لدفع (الرئيس) الأسد والنظام صوب الانتقال. ثمة اعتراف من كل الأطراف بعدم وجود حل عسكري في سورية وهذا الاعتراف يتزايد الآن بين الروس».
وقال بلينكن: إن روسيا لا يمكنها تحمل تبعات الغرق في سورية. وأضاف: «لا يمكنها تحمل تبعات ابتعاد العالم الإسلامي السني كله تقريباً».
ووصف رغبة الإيرانيين في المشاركة في محادثات فيينا بـ«الأمر الإيجابي»، مضيفاً إنه من الصعب تخيل إمكانية التوصل إلى حل في سورية دون مشاركة إيران، الأمر الذي يلاقي معارضة سعودية.
وتوقعت مصادر في وزارة الخارجية الأميركية، تحدثت مع شبكة «سي.إن.إن»، أن يجري كيري «محادثات شاقة» عندما يلتقي نظراءه من العرب والأوروبيين، للتباحث حول الأزمة السورية، ومصير الرئيس الأسد. وظهر خلاف بشأن أجندة الاجتماع بين فرنسا وحلفائها السعوديين، والأميركيين من جهة ثانية، والروس والإيرانيين، من جهة ثالثة.
وفي هذا السياق، تبادل وزيرا الخارجية الإيراني والروسي أمس الآراء بشأن «الإعداد» للقاء فيينا، الذي حصر ظريف ولافروف مهمته في «بحث سبل تنسيق الجهود في مكافحة الإرهاب والإسهام في الإطلاق السريع للحوار السياسي السوري السوري» وفق ما نقل موقع «روسيا اليوم» عن وزارة الخارجية الروسية. في المقابل نقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي أمله في أن تصل المحادثات إلى اتفاق حول «إطار عمل متعدد الأطراف لعملية انتقال سياسي ناجحة في سورية تقود إلى حكومة لا يقودها (الرئيس) بشار الأسد»، متجاهلاً الحديث عن بيان جنيف أو هيئة انتقالية.
ومن باريس، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بلاده وحلفاءها الغربيين والعرب يريدون بحث «جدول زمني محدد» لرحيل (الرئيس) الأسد.
ومن الرياض، حاول وزير الخارجية السعودي تفجير الاجتماع قبل انعقاده بمواقفه المتشنجة أمس. وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني فيليب هاموند، أكد الجبير أن موقف السعودية حيال سورية لن يتغير وهو مبني على جنيف1، مبيناً أن الرياض تدعم فكرة إنشاء مجلس انتقالي يقود سورية في المستقبل من دون أي دور للرئيس الأسد، الذي اعتبر مجدداً أنه يجب يرحل بـ«حل سياسي أو بحل عسكري».
ووصف الجبير إيران بـ«قوة احتلال في سورية»، ومع ذلك أشار إلى أن مشاركتها في محادثات فيينا «فرصة لاختبار نياتها بشأن عزمها التوصل لحل سياسي للأزمة السورية»، زاعماً أن الاختلافات مع روسيا وإيران بشأن سورية تتعلق بـ«متى وكيف سيغادر (الرئيس) الأسد»، وقرن مزاعمه بالتأكيد على استمرار السعودية في تكثيف الدعم لـ«المعارضة السورية المعتدلة» من أجل تعديل ميزان القوى على الأرض.
وسبق لناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن قال للصحفيين، رداً على سؤال بشأن خبر صحفي زعم أن الرئيس الروسي أعطى ضمانات بعدم ترشح الرئيس السوري بشار الأسد لولاية أخرى إن «قيمة أخبار من هذا القبيل تميل إلى الصفر».
كما لوح الجبير بمقاطعة محادثات فيينا، قائلاً: «لن نكون طرفاً في محادثات مفتوحة لا تؤدي إلى حل منطقي للأزمة السورية». وكرر الرسالة الفرنسية بشأن ضرورة «مغادرة بشار الأسد وبتاريخ محدد».
بدوره، اعتبر وزير الخارجية البريطاني أن اجتماعات فيينا تهدف إلى التوصل لحل وسط للأزمة السورية.
واللافت، أن مصر والإمارات اتفقتا قبل يومين على «حماية سورية الموحدة». وأكد السيسي وولي عهد أبو ظبي الشيخ حمد بن زايد آل نهيان في ختام مباحثات في أبو ظبي الثلاثاء، على «أهمية الحل السياسي الذي يضمن أمن وحماية سورية الموحدة والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، ويحقق تطلعات وآمال الشعب السوري ويدعم إرادته وخياراته الوطنية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن