سورية

التقى الوفد البرلماني الفرنسي وأكد أهمية دور المؤسسات الفرنسية في تصحيح سياسات حكومة بلدهم … الرئيس الأسد: من الضروري التعامل مع ظاهرة الإرهاب على أنها ظاهرة عالمية

الوطن – وكالات :

خلال استقباله أمس وفداً برلمانياً فرنسياً، أكد الرئيس بشار الأسد ضرورة التعامل مع ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف على أنهما «ظاهرة عالمية».
الوفد الفرنسي الذي ترأسه رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي جان فريدريك بواسون أكد خلال اللقاء أهمية تضافر جهود جميع الدول في مكافحة الإرهاب واعتماد سياسات جديدة إزاء الحرب في سورية، مشدداً على ضرورة الحوار مع الرئيس الأسد ومشاركته في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، ومعتبراً أنه لا يمكن التوصل إلى حل للأزمة السورية «من دون التواصل بطريقة رسمية مع السلطة السورية».
وقال بيان رئاسي بثته وكالة «سانا» للأنباء: إنه جرى خلال اللقاء بين الرئيس الأسد والوفد البرلماني الفرنسي «بحث الأوضاع في سورية في ظل الحرب الإرهابية التي تتعرض لها وما يشكله الإرهاب والتطرف من خطر يهدد دول المنطقة والعديد من دول العالم».
وأكد الرئيس الأسد أنه من الضروري التعامل مع ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف على أنهما ظاهرة عالمية لا يمكن أن تقف حدود في وجه انتشارهما.
وأضاف الرئيس الأسد: إن الكثير من دول المنطقة والدول الغربية وبينها فرنسا لا تزال حتى الآن تدعم الإرهاب وتوفر الغطاء السياسي للتنظيمات الإرهابية في سورية والمنطقة، مشيراً إلى أهمية دور المؤسسات الفرنسية وفي مقدمتها البرلمان في تصحيح سياسات حكومة بلدهم الحالية لتعمل من أجل أمن واستقرار منطقتنا وهو ما يخدم في النهاية مصالح الشعب الفرنسي.
وعن الوضع الإنساني في سورية شدد الرئيس الأسد على أن السبب الرئيسي لمعاناة الشعب السوري هو أولا الإرهاب وما نجم عنه من تدمير للعديد من البنى التحتية الأساسية وثانياً الحصار الذي فرض على سورية ما أثر سلباً في معيشة المواطنين والخدمات التي تقدم إليهم في مختلف القطاعات وخصوصاً القطاع الصحي.
ويضم الوفد البرلماني الفرنسي الذي وصل إلى دمشق أمس الأول وأجرى لقاءات مع رئيس مجلس الشعب جهاد اللحام، ومفتي الجمهورية أحمد حسون، إضافة إلى بواسون، كلاً من كسافييه بروتون، وفيرونيك بيس اللذين يترأسان مجموعتي دراسات حول الفاتيكان ومسيحيي الشرق في الجمعية الوطنية الفرنسية.
من جانبهم أكد أعضاء الوفد حسب البيان الرئاسي أهمية تضافر جهود جميع الدول في مكافحة الإرهاب، معربين عن اعتقادهم بأهمية اعتماد سياسات جديدة إزاء الحرب في سورية وخاصة أن السياسات الغربية لم تنجح حتى الآن في تحقيق شيء يذكر لإنهاء هذه الحرب.
وشددوا على أنهم من خلال موقعهم كنواب في البرلمان الفرنسي سيبذلون كل جهد ممكن من أجل إحداث تغيير في هذه السياسات يسهم في التخفيف من معاناة الشعب السوري. حضر اللقاء أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين.
وفي تصريح نقلته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء قال بواسون قبل لقاء الوفد مع الرئيس الأسد، حول عدم مشاركة فرنسا مع روسيا في الحرب على الإرهاب في سورية: «لو كانت لدي إجابة عن هذا السؤال لكنت أجبتك… لا اعلم بالضبط، لماذا لا تتعاون فرنسا مع روسيا وإيران؟… برأيي هذا خطأ، وأنا هنا اليوم في دمشق أحاول في البداية أن أعرف الوضع الحقيقي في سورية وتطوراته منذ وصول القوات الروسية إلى سورية».
وأضاف: «أنا متأكد من أن القرار الروسي أعطى ثقة كبيرة للشعب السوري وللقيادة السورية، ولذلك فأنا متأكد أكثر من أي وقت مضى أن الرئيس الأسد، هو الشخص الذي يجب علينا أن نتناقش معه، وأن نحارب معه (تنظيم) الدولة الإسلامية، ولا أستطيع تحديد أي حل، من دون التواصل بطريقة رسمية مع السلطة السورية، ومن دون الأخذ بالحسبان القوات الروسية والإيرانية، على أنهم حلفاء موضوعيون هنا في المنطقة».
واعتبر بواسون، أن حلف فرنسا مع السعودية وقطر، «هو بالتأكيد فعل خاطئ وأنا أكرر ذلك، وهذا ليس ما يتوقعه الشعب السوري والقيادة السورية، السياسية والدينية، من فرنسا… أنا متأكد بأن على فرنسا تغيير طريقتها في رؤية الحل في المنطقة، وأن تأخذ بالحسبان أن (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين، هو الحليف القوي، بدلاً من اعتباره سبباً للمزيد من المشاكل في المنطقة».
وعن إمكانية إعادة فتح سفارة بلاده في سورية، قال بواسون: «أتمنى أن يعاد فتح السفارة الفرنسية في سورية، وأعتقد أن ذلك ضروري، وأعتبر أنه من غير الممكن التوصل إلى أي حل مستدام، من دون إعادة تثبيت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين فرنسا وسورية بأي طريقة كانت… ربما يكون تمثيلاً صغيراً أو سفارة رسمية».
وأكد بواسون أنه سيسأل الرئيس الأسد، عن موافقته على إعادة فتح السفارة والتمثيل الدبلوماسي الفرنسي في سورية. وأعرب عن اعتقاده بأن الرئيس الأسد سيجيب بنعم، و«من ثم سيسأل السلطات الفرنسية كي تستفيد من هذه العملية».
وقال بواسون: «سأسأل الرئيس الأسد، بعض الأسئلة عن الطريقة التي يجب أن يسلكها الحوار الوطني، وعن الانتخابات التي ستجري العام القادم، لأنه (الرئيس الأسد) أعلن أنه في حال وقف النار في سورية، فإن انتخابات سريعة ستجري بعد ذلك على الفور، وأود أن أعرف أيضاً، من وجهة نظره، ما الشروط التي من الممكن التوصل من خلالها إلى وقف لإطلاق النار، وعن مدى إمكانية حصول وقف إطلاق النار مع أشخاص هدفهم الذهاب إلى الحرب».
وأوضح بواسون أن عودة فرنسا الصديقة إلى شعوب هذه المنطقة، ستكون بعيدة الأمد، ولكنها ممكنة.
وأشار إلى أن هناك أعضاء في السلطة الفرنسية لا يستطيعون فهم ما يحدث في الشرق الأوسط، ولا ماهية الإسلام، والأهداف الإستراتيجية لتنظيم داعش والإسلاميين المتطرفين.
وبين أن هؤلاء لا يفهمون ذلك، ومن ثم لا يستطيعون التصرف بالطريقة الصحيحة في محاربة المتشددين، و«أول شيء يجب فعله، هو شرح ماذا تعني الشريعة لداعش، وأن نشرح ماذا تعني الشريعة المتطرفة لأوروبا والغرب، وشرح ماذا يعني العنف المبني على السياسة والدين», وذكّر بواسون بأنه كان لفرنسا تاريخ ونفوذ في المنطقة لقرون مضت، وكان هذا النفوذ مبنياً على احترام كبير للجميع، وعلى القدرة على الحوار مع الكل، حتى في وضع النزاع، «ولكننا فقدنا هذه القدرة كوننا اخترنا معسكراً واحداً وراية واحدة في وجه أخرى، وهذا ما لم نفعله في الماضي، واخترنا المعسكر الخاطئ، وعندما يكون الأمر في الدخول بحلف يجب اختيار الأصدقاء الصحيحين، وإذا فعلنا ذلك، أعتقد أننا سنتمكن من استعادة التضامن والحب من شعوب هذه المنطقة», وهذه الزيارة هي الثالثة لوفود برلمانية فرنسية إلى دمشق منذ بدء الأزمة في سورية قبل أكثر من أربع سنوات ونصف السنة، حيث قام أواخر أيلول الماضي وفد برلماني فرنسي ضم ثلاثة نواب هم جيرار بابت وكريستيان أوتان من الأغلبية الاشتراكية الحاكمة في فرنسا وجيروم لامبير نائب رئيس مجموعة فرنسا – سورية في الجمعية الوطنية الفرنسية، إضافة إلى رئيسي جمعيتين أهليتين في فرنسا وعدد كبير من الصحفيين الفرنسيين بزيارة إلى دمشق، بعد أن كان وفد برلماني فرنسي زار سورية في شهر شباط الماضي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن