رياضة

الكلمات الأخيرة في منتخبنا المونديالي … اتحاد كرتنا جلد المنتخب وساقه إلى الفشل

ناصر النجار :

مسلسل الفشل الكروي أقفله منتخبنا المونديالي بعودته من العرس العالمي من الدور الأول مكتفياً بإنجاز الصعود فقط، ونأمل أن يكون هذا الفشل هو الأخير، وأن يكون مقتصراً على فرق القاعدة فقط، فالآمال مازلنا ننتظرها من المنتخب الأولمبي والمنتخب الأول في منافساتهما المهمة.
ولن نكون جلادين للمنتخب، ولكن لا بد من وضع النقاط على الحروف، من باب التحليل الموضوعي، ومن باب الاستفادة من دروس الفشل، حتى لا تتكرر ثانية.
ونحن من وجهة نظرنا نرى أن اتحادنا الكروي اعتبر أن منتخبنا حقق الإنجاز مجرد وصوله إلى كأس العالم، فاكتفى بذلك، ولم يعمل على تطوير المنتخب ليحقق نتائج مرضياً عنها وأداء مقبولاً، وليكون ظهوره إيجابياً في المشهد العالمي، ومع ذلك، فإن اتحاد الكرة يحاول الاستفادة من التأهل في معركته الانتخابية، وهي نغمة سيلعب عليها ليكسب صوتاً فيها.

هذا الكلام صحيح إن أردنا التماس الأعذار للمنتخب، لكننا لم نجد أي عذر لنعفي اتحاد كرتنا من مسؤولية النتائج والأداء التي حصلت مع منتخبنا، وبالدرجة الأولى لم يتعامل اتحادنا الكروي مع الحدث وأهميته، فعندما كان يستعد منتخبنا للسفر ويحزم حقائبه لم يجد من يقف أمامه ومعه، فسافر اتحاد الكرة بكل أعضائه وموظفيه في جولات سياحية ترفيهية إلى الخليج، وضاعت على منتخبنا فرصة الاستعداد في معسكري الأرجنتين وتشيلي كما تم الوعد، واستعيض عنهما بمباريات في دورة تشرين، وتبين فيما بعد أنها لم تمنح منتخبنا الزاد المعنوي أو النفسي أو حتى البدني على أقل تقدير!
وستبقى صورة تسلق لاعبي منتخبنا على سور ملعب تشرين ماثلة بالأذهان، ليكون التساؤل حاضراً: هل يليق ذلك بمنتخب مونديالي، وأين أعين اتحاد الكرة والقيادة الرياضية؟
بمثل هذه الصور القاتمة لم نكن لنتوقع من منتخبنا المستحيل، وقلنا قبل السفر، إننا لن نجلد المنتخب، فاتحاد كرة القدم جلده قبل السفر!

الحالة الفنية
أكثر ما كتبناه عن الفريق كان ينصب على الأداء والحالة الفنية والبدنية، وخصوصاً خط الدفاع الذي كان في خبر كان، وكانت بالحقيقة مفاجأة لنا ولكل متابعي المنتخب، لأننا توقعنا أداء أفضل ومستوى أكثر مما شاهدناه، وكل ذلك رسم العديد من إشارات الاستفهام، لكن على ما يبدو أن الحالة النفسية التي تمثلت بالخوف من المواجهة والظهور في هذا المحفل العالمي كان أثرها سلبياً، حتى حصل ما كنا نحذره.
وحتى لا نفلسف الأمور على الطريقة الصحفية، تركنا المجال لمدربنا العطار ليفسر لنا مجمل مشاركته في المونديال، لكن العطار لم يخض في العمق، واكتفى بكلام عام، وهذا له مدلولاته الكثيرة، ولعل ما يخبئه في نفسه من كلام وآهات سيتركه للأيام، وللأسف (نقولها بحرقة) فإن مستقبل مدربينا مرتبط بمستوى تصريحاتهم!!
العطار قال: كانت المشاركة في المونديال محطة مهمة جداً بالنسبة للجميع، ووجودنا كمنتخب عربي وحيد زاد من أهمية المهمة ومن مسؤوليتها، بالنسبة للنتائج فهي بلا شك غير ملبية للطموح، أما بالنسبة للمستوى الفني الذي قدمه المنتخب فهو جيد، وبشكل عام فإن ما قدمه المنتخب من أداء ونتائج يعتبر جيداً قياساً على نوعية التحضير.
هذا ما قاله العطار بالحرف الواحد، فهل هناك ما يمكن قراءته بين الحروف؟
انتكاسات

من كان يتابع منتخبنا المونديالي عن قرب يجد أنه تعرض لانتكاسات كثيرة وكبيرة، ولم يكن مثل هذا المنتخب يستحق كل ما حصل له، ومنذ أن تأهل منتخبنا إلى المونديال حسبنا أن اتحاد كرتنا سيجتمع على دعمه وتطويره، ولكنه للأسف كانت ورقة اختلف فيها المتنازعون على مقاليد القيادة في الاتحاد، فدفع المنتخب ضريبة باهظة الثمن بسبب هذه المنازعات سواء الفنية منها وتمثلت بالتغيير الفني، أو بتغيير اللاعبين أو بعدم الرعاية الصحيحة، فخسرنا ما كنا بدأناه، كما أننا أهدرنا الوقت في الإعداد والتحضير.
ولا نجد اليوم فائدة في ذكر مجمل الأحداث التي مرت على المنتخب، لأننا مللناها وهذا أولاً، والأهم أننا نشعر بالخيبة جراء هذا الإهمال واللامبالاة بالتعامل مع هذا المنتخب على حساب النفوذ أو المصالح الشخصية الضيقة.

علاج
ما حصل لمنتخبنا قدر مرَّ وانقضى، وما حصل قبله مع منتخب الناشئين والشباب، أمر أكثر سوءاً، والمهم اليوم أن ندرس بعقلانية هذه المشاركات، وأن نجري تقييماً منطقياً بعيداً من العواطف والمصالح، لنصل إلى الأسباب الحقيقية التي أدت لمثل هذه النتائج المخيبة للآمال وهذا الأداء العقيم الذي لا يليق بكرتنا وسمعتها.
اتحاد كرتنا غير مبال بما حدث، وخصوصاً هذه الأيام التي يحشد فيها كل جهوده للفوز بالانتخابات القادمة التي لا يستحق أن يكون طرفاً فيها قياساً على ما قدمه في كامل الدورة الانتخابية التي تعيش لحظات غروبها الأخيرة.
لذلك نوجه كلامنا إلى القيادة الكروية القادمة ونأمل أن تكون جديدة وملبية لطموح عشاق كرتنا، ونتمنى من القادمين أن يحافظوا على هذه المنتخبات وأن يرعوها خير رعاية بعد أن يزيلوا أسباب الإخفاق، هؤلاء هم أمل كرتنا، وعلينا من الآن النهوض بهم ليكونوا خير خلفاء للكرة السورية، فقد يحققون لكرتنا الشيء الكثير في مستقبل الأيام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن