اقتصاد

موازنة الممكن.. جزء كبير منها جاء من الشعب … نواب الشعب: موازنة بـ1980 مليار ليرة لا ترقى للمستوى المطلوب .. وزير المالية لـ«الوطن»: هذا ما تقدر عليه الحكومة في هذه لظروف

اتفق أعضاء مجلس الشعب مع وزير المالية على أن مشروع موازنة العامة للدولة للعام 2016 والمقدرة بـ1980 مليار ل.س لا يرقى إلى المستوى المطلوب.
وصرّح الكثير من أعضاء مجلس الشعب بأن مشروع الموازنة لا يلبي الطموح ضمن الظروف الحالية وخاصة فيما يتعلق بالمستوى المعيشي للمواطنين لكن الحكومة وضعت في بيانها أنها ستعمل على تلبية تحسين المستوى المعيشي ما أمكن ذلك ضمن الظروف والإمكانات المتاحة.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد وزير المالية إسماعيل اسماعيل أن بيان الحكومة المالي جاء بحجم المسؤوليات والإمكانات المتاحة حتى نستطيع أن نتصدى للمؤامرات وليس طموح الحكومة ولا رغبتها، وليس كما تتمناه الحكومة للمواطن وما يستحقه بل هو فقط ما تقدر عليه الحكومة في هذه الظروف.
ولدى سؤاله عن الانتقادات التي وجهها الأعضاء قال إنه يجب ألا يتحدث في مشروع الموازنة العامة للدولة إلا من هو ذو معرفة تخصصية وليس كل الناس تعرف حقيقة العمل المالي. مبيناً أن العمل المالي هو قضية فنية خاصة.
ولدى الاستفسار منه عن حالات الفساد الموجودة في الوزارة حسب ما صرح به أحد أعضاء المجلس قال «إن الفساد موجود في كل المفاصل والوزارات». مؤكداً أن هذه الموازنة هي موازنة حرب. وحول أهم الموارد الحكومية في هذه الظروف بيّن الوزير أنها اقتصرت على الرسوم والضرائب وبعض الإيرادات البسيطة من إيرادات مشاريع القطاع العام والتي عاد بعضها إلى العمل وأصبحت تحقق إيرادات وهذه الإيرادات يمكن الاعتماد عليها بشكل دقيق.
وأضاف وزير المالية في خلال عرضه البيان الحكومي خلال الجلسة التي عقدت بالأمس برئاسة رئيس المجلس محمد جهاد اللحام أن ظروف الأزمة في سورية أدت أيضاً إلى تراجع الاحتياطات النقدية وعجز في الميزان التجاري نتيجة تراجع الإنتاج واضطرار الحكومة إلى استيراد العديد من المنتجات لتغطية حاجات المواطنين الأساسية مقابل انخفاض في الصادرات وهذا أدى بدوره إلى الضغط على أسعار الصرف وانخفاض حاد في سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية وتراجع كبير في موارد الخزينة العامة وارتفاع في المستوى العام للأسعار.
وأضاف إن إعداد الموازنة العامة للدولة للعام 2016 بموعدها المحدد وفي ظل الظروف التي تعيشها البلاد هو مؤشر حقيقي على قوة الدولة وتماسك مؤسساتها وهي انعكاس عن الوضع الاقتصادي، مبيناً إلى أن الموازنة للعام 2016 تزيد عن موازنة العام الحالي بمقدار 426 مليار ليرة لافتاً إلى أن التدمير الممنهج للبنى التحتية الذي ارتكبته التنظيمات الإرهابية المسلحة والذي طال الخدمات الأساسية للدولة من صحة وتعليم ومصادر المياه والطاقة ووسائط وخطوط النقل والاتصالات إضافة إلى العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على سورية، رتب العديد من الآثار السلبية التي ألقت بظلالها على المجتمع والاقتصاد السوري تمثلت بتراجع معظم المؤشرات الاقتصادية وانخفاض حاد في الناتج المحلي لافتا إلى أن الحكومة عمدت إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات بهدف التخفيف من آثار الأزمة التي تمر بها سورية كدعم وتعزيز المصالحة الوطنية التي تعد جزءا أساسيا في ترسيخ الاستقرار، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين ما أمكن، من خلال الاستمرار في تامين الاحتياجات من السلع الأساسية وحوامل الطاقة والعمل على عقلنة الدعم وترشيده، إضافة إلى تقديم الدعم الممكن للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بوصفها المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي.
وأضاف: إن الحكومة تسعى جاهدة إلى الاهتمام بذوي الشهداء والجرحى وتكريس فكرة رعاية الدولة لهم ومحاربة الفساد في القطاعات جميعها واعتماد التنمية الإدارية كوسيلة أساسية للتنمية المجتمعية الشاملة وتطوير أداء الإدارة العامة والتطوير القضائي وتعزيز مبدأ استقلالية القضاء وتطوير الخدمات القضائية. وبين أن الوزارة تنطلق في عملها من أولويات عدة وهي تأمين الموارد اللازمة للخزينة العامة للدولة وهو التحدي الأكبر ودعم المنظومة المالية والمصرفية تشريعاً ودعم مساهمة القطاع المالي والمصرفي في إعادة حركة الإنتاج وتأمين التمويل اللازم لذلك، إضافة إلى توفير التسهيلات الائتمانية اللازمة للقطاعات والنشاطات الاقتصادية ذات الأولوية وتعزيز مبدأ المساءلة المالية وتقييم الأداء من خلال الارتقاء بمستوى الرصد والمتابعة والتقييم.

حسون: 621.7 مليارات ليرة عجز
في السياق ذاته قال رئيس لجنة الموازنة حسين حسون إن الموازنة المالية الحالية هي موازنة تضخمية تحمل عجزا ماليا يقدر بـ621.73 مليار ل.س وهذا العجز سيكون له تداعيات ومنعكسات سلبية مستقبلاً على مجمل الاقتصاد الوطني وعلى مستوى المعيشة المواطنين داعيا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عملية وفعالة في إدارة وترشيد النفقات العامة وتحسين مستوى التحصيل الأموال العامة وحسن إدارة المؤسسات العامة وإصلاحها لافتاً إلى أن مشروع الموازنة الحالي تضمن ارتفاع اعتمادات العمليات الجارية من مبلغ 1144 مليار ليرة عام 2015 إلى 1470 مليار في عام 2016 وهذا يشير إلى زيادة اهتمام الدولة بالبعد الاجتماعي فهي مازالت تدعم السلع الأساسية وحوامل الطاقة المختلفة والرعاية الصحية والتعليم وغيرها.
وأضاف: إن حجم الموازنة الاستثمارية بلغ 510 مليارات بزيادة مقدارها 100 مليار عن العام 2015 الأمر الذي يعطي دلالة واضحة على الاهتمام بالعمليات الاستثمارية التي تشكل رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وزيادة نمو الاقتصاد الوطني بشكل عام داعيا إلى دعم المشاريع الاستثمارية وإنفاق جميع الاعتمادات المرصدة وفق خطة الجهات الطالبة لهذه المشاريع والتي تم اعتمادها من المجلس الأعلى للتخطيط مطالبا بإعادة ترتيب التركيبة الهيكلية لمؤسسات وشركات القطاع العام ودعمه وتطويره نظراً لأهميته ودوره في النمو الاقتصادي وتمويل الموازنة العامة للدولة وتغطية نفقاتها مبيناً أن تعثر وتوقف بعض المؤسسات والشركات الاقتصادية وعدم معالجة أوضاعها أدى إلى خروج بعضها عن الخدمة وتراكم خسائرها إضافة إلى عدم ترشيد الإنفاق العام في جميع الوزارات وعدم جدية البحث عن مطارح ضريبية جديدة وضعف الثقافة الخاصة بالالتزام بتسديد الحقوق المتعلقة بالخزينة العامة للدولة.
وأكد حسون أن الموازنة العامة للدولة لعام 2016 وفرت 64778 فرصة عمل مقابل 94599 فرصة في عام 2015 أي بتراجع 29821 على حين لحظت الموازنة مبلغ 4.5 مليارات ليرة لتمويل مشاريع مولدة لفرص العمل.

بكداش: بنى موازنة الحرب غائبة
عضو مجلس الشعب عمار بكداش رأى أن موازنة العام 2016 لا تعبر عن متطلبات المعركة المصيرية التي يخوضها الشعب ضد أعداء الوطن. مشيراً إلى ضرورة وجود دعائم اقتصادية اجتماعية حقيقية تبنى عليها موازنة الحرب وللأسف هي غائبة عن البيان الحكومي.
مشيراً إلى أن الموارد في الوضع الراهن للبلاد يجب أن تكون من المستفيدين الأساسيين من الثروات الوطنية بدلاً من القطاع العام ومن العاملين في الدولة من خلال فرض ضرائب على رواتبهم أكثر من باقي فئات الشعب «حتى أن الضرائب المفروضة عليهم هي أكثر بكثير مما يجنيه أثرياء الحرب».
وأشار إلى ضرورة اقتطاع جزء من أرباح أثرياء الحرب الخيالية لصالح الخزينة العامة للدولة، وخاصة أن هؤلاء الأشخاص معروفون، وهم من كبار المضاربين والمحتكرين. وبيّن أن جزءاً كبيراً من هذه الموازنة جاء من رفع أسعار المحروقات والكهرباء والمياه والتلاعب بسعر ربطة الخبز. لافتا إلى أن هذه الرسوم يتحملها أبناء الشعب.
وأضاف: إن الموازنة ليست موازنة حرب، مشيراً إلى ضرورة إحياء دور مؤسسات القطاع العام ودور الدولة في مجال التجارة الخارجية متسائلاً عما تقوم به وزارة الاقتصاد من مهام؟ معتبراً أن هناك تقصيراً واضحاً في أداء القائمين على وزارة الاقتصاد وأن ليس لديهم إدراك يتناسب مع متطلبات الصمود الوطني وخاصة أن وزارة الاقتصاد يجب أن تكون قوية في هذه الظروف.

حساني: «المالية» سيئة الأداء عبر الزمن
بدوره قال عضو مجلس الشعب جمال حساني «إن وزارة المالية عبر الزمن كانت وزارة سيئة الأداء».
وأضاف: أخفق وزراء المالية عبر الزمن في معالجة التهرب الضريبي الذي تحدث عنه وزير المالية، وهذا ما انعكس على أداء الحكومة وعلى مستوى حياة المواطنين ولو استطاع المعنيون معالجة الموضوع عبر الزمن لكان هناك حديث آخر.
مبيناً أن معظم الأرقام الواردة في البيان لم تحقق ما خططت له الحكومة و«نستطيع جميعاً أن نتوه في هذه الأرقام وهذا ما يجعلنا لا نراهن كثيراً على تحقيق الغاية الاستثمارية في هذه الموازنة».

أولويات العمل المالي الحكومي
أظهر البيان المالي للحكومة أن اعتمادات العمليات الجارية للوزارات والجهات التابعة لها التي تم رصدها في مشروع موازنة عام 2016 قد بلغت 547.26 مليار ليرة.وأن مبلغ 455 مليار ليرة وفق ما ورد هو لتغطية الخسائر المدورة لمصلحة شركة محروقات، على أساس أن الزيادة في أسعار المشتقات النفطية تورد إلى الخزينة العامة للدولة.
كما تم رصد مبلغ 43.9 مليار ل.س في مشروع موازنة عام 2016، كإعانات للمؤسسات والشركات الاقتصادية، وهذه المبالغ تصرف كإعانات للمؤسسات والشركات الاقتصادية الخدمية (المياه- الصرف الصحي- النقل الداخلي) لأسباب البيع بسعر يقل عن التكلفة.
كما تم رصد مبلغ 115.4 مليار ليرة في عام 2016 لرواتب ومعاشات المتقاعدين، مقابل مبلغ 87.3 مليون ل.س في موازنة عام 2015، أي بزيادة مقدارها 28.113 مليار ل.س. وقدرت الاعتمادات المخصصة للرواتب والأجور والتعويضات في مشروع موازنة عام 2016 بمبلغ 372.07 مليار ليرة، أي بزيادة مقدارها 56.02 مليار ليرة عن الاعتمادات المخصصة لهذا الباب في موازنة عام 2015.

اعتمادات العمليات الاستثمارية
بلغت نسبة الاعتمادات المرصدة لقطاع الكهرباء إلى إجمالي الاعتمادات الاستثمارية المرصدة في مشروع موازنة عام 2016 (5.88%)، كما بلغت نسبة اعتمادات قطاع المجالس المحلية والبيئة 4.1%، ونسبة اعتمادات قطاع الموارد المائية 3.73%، مما يدل على اهتمام الحكومة وحرصها على رصد الاعتمادات اللازمة لهذه المرافقة الحيوية.
وخصص مبلغ وقدره 258.82 مليار ل.س كاعتمادات احتياطية للمشاريع الاستثمارية يضاف للجهات العامة خلال عام 2016 في حال عدم كفاية الاعتمادات المرصدة لها وارتفاع نسب التنفيذ لديها.
وبلغ إجمالي الاعتمادات المرصدة للخدمات الصحية كافة في مشروع موازنة عام 2016 ما مقداره 135.93 مليار ل.س أي ما نسبته 6.87% من إجمالي اعتمادات الموازنة. وبلغ إجمالي الاعتمادات المرصدة للخدمات التربوية كافة في مشروع موازنة عام 2016 ما مقداره 234.91 مليار ل.س أي ما نسبته 11.86% من إجمالي اعتمادات الموازنة.
وبلغ إجمالي الاعتمادات المرصدة لخدمات التعليم العالي في مشروع موازنة عام 2016 ما مقداره 32.85 مليار ل.س أي ما نسبته 1.66% من إجمالي اعتمادات الموازنة.
كما أن إجمالي الاعتمادات المرصدة للخدمات الاجتماعية الصحة، التربية، التعليم العالي تشكل ما نسبته 20.39% من إجمالي اعتمادات الموازنة.
وتم اعتماد تقديرات الإيرادات النفطية انطلاقاً من اعتماد سعر برميل النفط في مشروع موازنة عام 2016 بواقع 71 دولاراً أميركيا للبرميل من النفط الخفيف و67 دولاراً أميركياً للبرميل من النفط الثقيل، وان أي تغيرات في هذه الأسعار المعتمدة ينعكس على إيرادات مشروع موازنة عام 2016 وبالتالي على العجز المقدر في الموازنة.
وبيّن التقرير أن زيادة فروقات الأسعار المقدرة بمقدار 305.8 مليار ليرة أي بنسبة زيادة مقدارها 189.94% انعكس إيجاباً على إيرادات بنسبة زيادة مقدارها 173.34%.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن