قضايا وآراء

آل سعود يغطون داعش

سامر ضاحي :

للوهلة الأولى يبدو أن في العنوان تهجماً على الأسرة الحاكمة في السعودية، لكن من يقرأ الخبر الذي أفردت له صحيفة «الحياة» اللندنية المملوكة لآل سعود مساحة واسعة له على صفحاتها يصب بالذهول إن لم يكن عاقلاً، وتتصاعد الضحكات من فيه إن امتلك بعض الحكمة، بعدما أظهر الخبر تنظيم داعش الإرهابي، كما يعلمه القاصي والداني، حمامة سلام وديعة تحافظ على الأمانة المودعة لديها المتمثلة بالمعتقلين الآشوريين المسيحيين، في محاولة من المملكة ضرب أكثر من عصفور بخبر واحد.
خبر الصحيفة نقل عن سيدة آشورية من أهالي تل جزيرة تدعى شميران كاكو تبلغ من العمر 60 سنة لقيت معاملة حسنة جداً من مسلحي التنظيم من ضمنها الحفاظ على تعاليمهم الدينية عندما كانت معتقلة لديهم في معقل التنظيم في جبل الشدادي بالحسكة، قبل أن يفرج عنها مؤخراً، على حين خان الأكراد أهل القرية المسيحيين بسماحهم للتنظيم بالتسلل إلى القرية وسوق أهلها كرهائن لديه.
أما العصافير التي أرادت المملكة اصطيادها في الخبر فتتمثل في الآتي:
العصفور الأول: طمأنة المسيحيين في سورية وبخاصة أهالي بلدة صدد وسط البلاد التي تفيد التقارير الإخبارية اليومية أن داعش يقترب من السيطرة عليها، وتبديد مخاوفهم من التنظيم الذي لن ينالوا منه سوى المعاملة الطيبة على غرار شميران.
العصفور الثاني: مخاطبة أوروبا بأن تنظيم داعش الذي تحاربونه ليس كما يصور لكم بأنه إرهابي يضطهد الناس فهاهم المسيحيون من طائفة أخرى ولا يقوم بذبحهم بل يحافظ عليهم وبالأخص على نسائهم وبالتالي فلتوقفوا ضرباتكم واستهدافكم له حتى إعلامياً، والعدو الأساسي لأوروبا يجب أن يبقى دمشق فقط.
العصفور الثالث: تقديم رسالة إلى واشنطن التي تدعم فصائل كردية وأخرى معارضة لإيقاف دعمها لهؤلاء خاصة بعد تشكيل «جيش سورية الديمقراطي» الذي أعلن البيت الأبيض سابقاً أنه سيأخذ على عاتقه تحرير الرقة من داعش.
العصفور الرابع: تغيير أوراق اللعبة بعد الانفراجة السياسية التي بدأت تلوح في الأفق بعد مباحثات فيينا وما رشح من أنباء حتى الآن من العاصمتين الروسية والأميركية، فالأولى أكدت أنها ستستضيف لقاء بين وفد من النظام والمعارضة الأسبوع المقبل على حين أن الثانية بدأت ما يشبه التنسيق مع إيران حول تفاصيل وجدول زمني للحل السياسي السوري رغم أنها نفت ذلك علناً لكن نفيها تلاه استقبال طهران لنائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد الأمر الذي اعتبره البعض دليلاً على وجود تنسيق كهذا.
العصفور الخامس: تشجيع بعض الإسلاميين الراديكاليين المترددين في تقديم الدعم لداعش للإسراع بدعمه رغم أن المملكة قادرة على القيام بذلك منفردة، لكنها وبعدما نجحت بتعويم التنظيم الإرهابي حتى بات رقم واحد في الخطر العالمي مزيحاً تنظيم القاعدة من أمامه، بات بحاجة لتغطية اجتماعية وسياسية قد لا يكون آل سعود قادرين عليه بمفردهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن