قضايا وآراء

الفكرة غير مطروحة..

باسمة حامد :

بعض الأطراف في محور واشنطن مازالت تتحدث عن (الحكومة الانتقالية) كحل واحد قابل للتحقيق في سورية في ظل ما تعتبره «بوادر خلاف روسي إيراني بشأن مصير الأسد»، إلا أن الجهود الروسية والدولية المبذولة حالياً للتسوية تتمحور عملياً حول «حوار وطني وحكومة موسعة وعملية دستورية».
وفي هذا الإطار، من المهم التوقف عند ما يلي:
1- تحضيرات موسكو لإجراء جولة مشاورات جديدة بين الحكومة السورية وجماعات المعارضة الأسبوع المقبل.
2- تهديد طهران بالانسحاب من مفاوضات فيينا حول سورية إذا ثبت لها أن لا طائل منها، فالرئيس الأسد بالنسبة لها «خط أحمر» وهو – وفق تصريح القائد العام للحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري -: «ركن أساسي في محور المقاومة الذي يقف ضد المتغطرسين والغرب ولذلك لا يمكن تجاوز دوره أبداً»، ومن المفيد هنا التذكير بما تقوله الأوساط «الإسرائيلية» بهذا الخصوص: «رحيل الأسد سيحرم إيران عدونا اللدود من حليف رئيسي في المنطقة».
3- الاتفاق الواضح بين موسكو وطهران على النقاط الجوهرية للحل السياسي وآليات تطبيقه، والرفض المشترك لتدخل الآخرين بالتفاصيل الداخلية في سورية كمصير الرئيس الأسد والانتخابات والدستور وغيرها لكونها تُحسم في صناديق الاقتراع.
4- مع تلاعب الإعلام الغربي «بالاقتباسات» ومحاولاته المستمرة للإيحاء بتغير موقف موسكو وطهران من «النظام السوري» وترويجه لخرائط «سورية المفيدة» و«سورية الجديدة»، من الملاحظ تزايد وتيرة التصريحات الروسية تأكيداً على ثبات المواقف الروسية (المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا انتقدت «إيحاءات» الإعلام الغربي بالقول: «أستطيع هنا التأكيد بأن الموقف الروسي إزاء التسوية السورية لم يتغير.. مصير الأسد يجب أن يحله الشعب السوري.. نحن لا نحدد إن كان على الأسد الرحيل أو البقاء.. كل هذه المبادئ الأساسية لم تطرأ عليها تغييرات فهي مثبتة في بيان جنيف، ووثائق مجلس الأمن، وكذلك الإعلان الذي تم اتخاذه في 30 تشرين الأول في فيينا من طرف مجموعة الاتصال حول سورية»).
وفي حقيقة الأمر، إن فكرة «الحكومة الانتقالية» التي نعاها نائب وزير الخارجية السوري د. فيصل المقداد بسخرية من طهران ووصفها بأنها «غير موجودة إلا في أذهان المرضى» لا تبدو فكرة صائبة ليس بالنسبة لدمشق فقط بل أيضاً بالنسبة للأسرة الدولية وحليفيها الأساسيين: (روسيا وإيران).
فاجتماع فيينا الذي حضرته دول صديقة لسورية وأخرى تناصبها العداء شكّل علامة فارقة في مسار التسوية، والنقاط التسع لهذا الاتفاق «التاريخي» تم التوصل إليها في ظل التقدم الميداني الملحوظ للجيش العربي السوري بمختلف جبهات القتال، وتم أيضاً رغم هجوم الغرب على الدور العسكري الروسي في سورية وموافقته على تطبيق قرارات مجلس الأمن الصادرة ذات الصلة بمسائل الإرهاب وتوسيع لائحة التنظيمات الإرهابية بطلب من روسيا.
ومن الممكن القول: إن المجتمع الدولي باستبعاده النقاش في مسألة بقاء الرئيس أو رحيله، وبتنحيته لفكرة «الحكومة الانتقالية» غير الواردة في بيان جنيف لعام 2012، ورفضه تباحث وتداول هذا المصطلح الذي يعتبره السعوديون والقطريون والأتراك مقترحاً أساسياً للتفاوض يكون قد حسم الخيارات المستقبلية حول سورية.. لم يعد يساير أفكاراً خيالية أو منفصلة عن الواقع، وهذا ما ستجسده المساعي الدولية القادمة من خلال التركيز على أولوية مواجهة الإرهاب كمقدمة لحل سياسي ينهي «الأزمة» عبر الحوار بين الحكومة والمعارضة وبرعاية الأمم المتحدة، ويحترم الإرادة الشعبية ويمنع الإرهابيين من الوصول إلى السلطة ويحفظ وحدة واستقلال ومؤسسات الدولة السورية وطابعها العلماني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن