ثقافة وفن

مشروع «حرب وسلام» … حفيدة تولستوي: سنقرأ من محطات الفضاء

إعداد: مها محفوض محمد :

آلاف الأشخاص في العالم سيقرؤون رواية «الحرب والسلام» الشهيرة لكاتب روسيا الكبير ليون تولستوي في وقت تجتاح الحروب عالمنا اليوم وذلك من خلال عملية نقل مباشر على الإنترنيت ستتم ما بين الثامن والحادي عشر من تشرين الثاني الحالي ضمن نطاق عام الأدب في روسيا وقد أطلق الحدث بعنوان: «حرب وسلام» حيث سيتم بث كل جزء من أجزاء الرواية في العاشرة صباحاً بتوقيت موسكو وللمشاركة في القراءة يجب التسجيل على موقع Voinaimir.com كما يجب ملء استمارة وإرسال رسالة مصورة.

هذا وتندرج قراءة رواية «الحرب والسلام» في سياق مشروع بدأ العمل فيه منذ تشرين الأول 2014 بعد نجاح قراءة رواية تولستوي «آنا كارنينا» الذي تم تنظيمه بالتعاون بين مجموعة غوغل ومتحف دار ليون تولستوي بوليانا وقد دخل المشروع مجموعة غينس وبلغ الرقم القياسي ضمن تصنيف أكبر مشاركة في ماراتون القراءة على الإنترنيت حيث تمت المتابعة بحضور تجاوز مئة وستة بلدان.
وعشية هذا الحدث ومع نشر أجزاء الرواية التي تعد أسطورة في الأدب العالمي نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية بعض التفاصيل حول عملية إبداع الرواية تحت عنوان «سبعة أشياء مجهولة في موضوع (الحرب والسلام) حتى الروس لا يعرفونها» وهي:
1- الرواية 1300 صفحة من الحجم الكلاسيكي وليست هي الأكبر بين الروايات من حيث الحجم فقد عرف القرن العشرون روايات من الأدب العالمي بلغت 1500 صفحة لا بل 2000 صفحة لكنها إحدى الروايات التي شكلت جزءاً من أسفار الأدب الأوروبي للقرن التاسع عشر، ففي البدء وخلال عمليتي النشر الأوليين كانت الرواية موزعة على ستة أجزاء وليس على أربعة كما في نسختها النهائية ولم يتم ذلك إلا في العام 1873 حيث كان يتم التحضير لعملية النشر للمرة الثالثة وحينها غير الكاتب توزيع النص بحسب الأجزاء وخصّها بنصف أعماله الكاملة التي كانت تتوزع في تلك الفترة على ثمانية أجزاء.
2- في العام 1856 كان تولستوي يتهيأ في الأصل لكتابة رواية سيتحدث فيها بدلا من حروب نابليون عن الديسمبري «أحد المشتركين في الثورة الفاشلة وهو اسم يطلق على النبلاء الذين سعوا للقيام بانقلاب استهدفوا فيه إسقاط القيصر في 14 تشرين الثاني عام 1825» وبعد السماح لبطل الرواية بالعودة من سيبريا بعد ثلاثين عاماً من النفي يدرك تولستوي بسرعة أنه لن يتمكن من كشف الأسباب التي دفعت البطل للمشاركة في التمرد من دون أن يتحدث عن مشاركته في حروب نابليون خلال مرحلة شبابه علاوة على ذلك لم يكن ليستطيع الأخذ في الحسبان المشاكل الكامنة التي تتعلق بالرقابة لو أنه حاول توصيف الانقلاب وهكذا تحولت القصة حول الديسمبري إلى رواية ملحمية عن الحروب مع نابليون في روسيا.
3- كذلك أيضاً وبسبب الرقابة والإلحاح في الطلب من زوجته صوفي أندرييفنا يلغي الكاتب الوصف الصريح لليلة الزفاف الأولى للبطل الأساسي بيير بيزكوف ولزوجته الأولى هيلين حيث تتوصل صوفي إلى إقناع زوجها بأن الرقابة الكهنوتية لن تجيز له ذلك.
4- الانعطافة الأكثر إثارة للجدل حول الموضوع هي أيضاً تتعلق بهيلين بيزوخوف التي كانت تمثل «قوة جنسية سوداوية» وبالنسبة لتولستوي هي شابة نضرة كالزهور تموت فجأة عام 1812 وتترك بيير حراً في اختياره نتاشا روستوفا زوجة له.
التلاميذ الروس الذين يدرسون الرواية في سن الخامسة عشر في مدارسهم يلاحظون أن هذا الموت غير المنتظر هو تقليد ضروري في تطور الحبكة، وحدهم فقط الذين يعيدون قراءة الرواية في سن الرشد يفهمون بعد حيرة كبرى وبتلميح وسطي من تولستوي أن هيلين تموت إثر عملية إجهاض فاشلة.
5- في وصفه لعائلات روستوف وبولكونسكي يقدم تولستوي وصفاً صادقاً بما فيه الكفاية لأسلافه المنتمين إلى العائلات الروسية القديمة المترفة، نيكولا روستوف يستوحي من أبيه إلى حد كبير ونيكولا تولستوي البطل الوطني في حرب 1812 وهو ضابط مقدم في نظام بافلوغراد في حين أن ماري بولكونسكي تستلهم من أمها ماري نيكولايفنا تفاصيل زواجهما أيضاً موصوفة بطريقة متقاربة، لذلك يوم نشر الرواية فقط الأشخاص المقربون من تولستوي استطاعوا فهم ذلك ولم يكن في تلك الحقبة هناك ويكيبيديا وقد أكد تولستوي أن أسماء أبطاله الأساسيين بولكونسكي، دروبتسكوي، كوراتموين تذكر بالأسماء الحقيقية للأرستقراطيين الروس فولكونسكي وتروبيتسكوي وكوراكين وفقط لأن ذلك ساعده في إدراج شخصياته ضمن السياق التاريخي وأتاح التحدث مع شخصيات تاريخية حقيقية تبرز في الرواية مثل الجنرال فيدور روستوبتشين محافظ موسكو والإمبراطور الروسي الكسندر الأول.
6- وخلال عمله في انجاز الرواية تقوم زوجة تولستوي بإعادة كتابة النص كاملاً ثماني مرات على الأقل في حين أن أجزاءً أخرى أعيد نسخها حوالي 26 مرة وتم تنسيق الرواية على مدى خمس سنوات وقبل عام من البدء بهذا العمل يتزوج تولستوي البالغ من العمر حينذاك 34 عاماً من زوجته صوفي ذات الثمانية عشر عاماً والتي عملت سكرتيرة له وأول ما أنجبت أربعة أولاد كانوا البداية لثلاثة عشر ولداً لهما.
7- إن اللغة الفرنسية المستخدمة في الحرب والسلام هي حقيقة كانت اللغة الأرستقراطية الفرنسية المستخدمة في القرن التاسع عشر وهذا ما أكده جورج نيفان السلافي الفرنسي المعاصر بأنها اللغة الأقرب من ذلك الوسط في تلك المرحلة.
من المعروف أن تولستوي استخدم اللغة الفرنسية في بعض فقرات الرواية وكانت تلك إشارة منه إلى طبقة الارستقراطية الروسية التي كانت تتحدث الفرنسية في ذلك الزمن وقد قيل إن تولستوي استخدم ذلك عمداً للإشارة إلى نفاق تلك الطبقة واستعراضها في استخدام اللغة الفرنسية بدلاً من اللغة الروسية التي يراها الكاتب لغة الصدق والأصل.
فيكلا تولستوي إحدى القائمين على تنظيم مشروع «حرب وسلام» وهي ابنة حفيدة الكاتب الكبير تقول: سيكون القراء حاضرين في أماكن مختلفة داخل روسيا وخارجها: سنقرأ من كل مكان، من على كاسحة الجليد النووية ومن على ضفاف بحيرة البايكال، سنقرأ من محطات الفضاء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن