قضايا وآراء

أوهام المستوطنين في الجولان المحتل

| تحسين الحلبي

أعلن رئيس كيان الاحتلال نفتالي بينيت قبل أيام أنه سيزيد عدد المستوطنين في الجولان إلى 100 ألف، وبدا هذا الإعلان حتى في داخل كيانه على شكل دعاية انتخابية أكثر من أي شيء آخر، فالحقيقة التي يكشف عنها عدد من المحللين في إسرائيل والخارج إضافة إلى عدد من المستوطنين في الجولان تدل على أن ما يقوله بينيت هو تكرار للوعود نفسها التي أطلقها سلفه بنيامين نتنياهو طوال فترة حكمه التي دامت 12 عاماً وتحولت إلى أوهام، وهذا ما تحدث عنه المحلل الإسرائيلي درور بوير في مجلة «ذي ميركر» العبرية الإليكترونية واسعة الانتشار في 13 تشرين الثاني 2020، حين أعد استقصاء خصصه لموضوع الاستيطان في الجولان المحتل يقول فيه: إن إطلاق نتنياهو اسم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على مستوطنة يريد إنشاءها بعد إعلان ترامب عن قرار ضم الجولان «تحول إلى سخرية عند الإسرائيليين وخاصة عند عدد من المستوطنين في الجولان لأن أحداً لا يعتقد أن اسم المستوطنة سيشجع على الاستيطان هناك، فالإسرائيليون لا يفضلون سوى القيام بنزهة إلى الجولان وليس الإقامة فيها».
ويذكر بوير أنه منذ احتلال الجولان وإعلان تل أبيب عن ضمها منذ أكثر من خمسين سنة ما زال عدد المستوطنين لا يزيد على 20 ألفاً، وأن مستوطنة ترامب جرى الإعلان عنها في مكان كان اسمه «مستوطنة بروخيم» التي تأسست عام 1991 ولم يبق منها الآن سوى لوحة على الأرض حملت اسمها، فلم يستوطن فيها سوى عشر عائلات منذ ذلك الوقت بل إن بوير يؤكد أنه منذ 15 سنة لم تنشأ في الجولان مستوطنة واحدة.
أما أهم الأسباب لامتناع الإسرائيليين عن الاستيطان في الجولان، فهو لأن المستوطنين لن يضمنوا أمنهم فيها ولا أمن مستوطناتهم بسبب خوفهم الواضح من الدمار الذي سيلحق بهم طالما أن سورية تتمسك باستعادة الجولان المحتل وتعدّ جيشها وشعبها علناً لاستخدام كل الوسائل لاستعادة الجولان مهما كلف ذلك من ثمن، وهذا ما يؤكده المستوطن غانادي فيرلمان في مقابلة أجرتها معه قناة «إن بي سي إن نيوز» الأميركية في 16 أيلول 2019 وهو أحد بقايا مستوطنة بروخيم الحالية حين يعرب عن «شكوكه في وجود رغبة عند الإسرائيليين بالاستيطان في الجولان ويقول علنا إن السبب هو لأن هذه المنطقة تقع في مقدمة جبهة الشمال وهي جبهة حرب على جدول عمل سورية والمقاومة في جنوب لبنان»، وذكر مراسل القناة الأميركية أن هذه الحقيقة هي التي جعلت كل مشاريع زيادة الاستيطان في الجولان لا تنجح وأن الأرقام الرسمية لوزارة الخارجية الإسرائيلية تشير إلى وجود أقل من 19 ألفاً.
ومع ذلك يعرف جميع الإسرائيليين أن وزارة الاستيطان والحكومة تقدم إغراءات سخية معلنة لتشجيع الاستيطان في الجولان ولا تجد تجاوباً وأصبح عدد المستوطنين المسنين فيها يزيد أكثر فأكثر، وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية ذكرت في العام الماضي أن نتنياهو وعد خلال مدة حكمه التي دامت 12 سنة بزيادة عدد المستوطنين إلى 250 ألفاً ولم يستطع زيادة ألف، وكان أفيغدور ليبيرمان أثناء وجوده وزيراً في حكومة نتنياهو قد وعد بزيادة العدد إلى مئة ألف قبل خمس سنوات ولم يتمكن من إزالة خوف المستوطنين من العيش بالجولان.
الوزير السابق يوسي بيلين في حكومتي إسحاق رابين وشمعون بيريس، كان قد علق لقناة «إن بي سي إن نيوز» الأميركية على وعود نتنياهو بتحويل 250 ألف مستوطن إلى الجولان بعد أن أطلق اسم ترامب على مشروع مستوطنة جديدة وقال: «هذه نكتة سخيفة فلا أحد من الإسرائيليين لديه رغبة في الاستيطان هناك».
يبدو أن بينيت وهو أحد المتشددين في الاستيطان وكان قبل عقدين تقريباً رئيساً لمجلس المستوطنات في الضفة الغربية، اعتقد أنه يدير حملة انتخابات للحصول على تأييد المزيد من أصوات المستوطنين وهو يعرف أن صمود السوريين في الجولان وتمسكهم بكل ذرة تراب وبما يربطهم مع الوطن ومقاومتهم الفريدة ضد مخططاته، جعل عددهم يزيد على عدد المستوطنين بأكثر من ثلاثين ألفاً، برغم كل أشكال الحصار والمؤامرات التي يتعرضون لها من قوات الاحتلال، ولذلك سيظل إعلان بينيت رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي مجرد وهم وخيال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن