رياضة

المؤتمرات السنوية للأندية بين السالب والموجب … الواقع الرياضي يفرض علينا أن نكون أكثر حزماً

ناصر النجار :

كشفت المؤتمرات الرياضية السنوية لأندية دمشق التي انتهت الخميس الماضي عن الواقع العام للأندية والمستوى الذي وصلت إليه، وآلية التعامل مع الرياضة على كل الصعد «فني- إداري- تنظيمي- استثماري»، ومدى الترابط فيما بينها لجعلها علاقة وثيقة تنعكس إيجاباً على العمل.
عملياً فإن المؤتمرات السنوية لأندية دمشق «ومثلها حال أندية المحافظات» دلّت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على أن تعامل الأندية مع هذا الحدث الرياضي المهم لم يكن جيداً في أفضل المؤتمرات وكان سيئاً في أغلبها، وشعرنا أن أغلب الإدارات اعتبرت أن إقامة المؤتمر بمنزلة الفرض المطلوب، وللأسف تعاملت معه بمبدأ رفع العتب، فقدمت فرضها ولم تحقق أركان هذا الفرض!
فالمؤتمر السنوي هو محطة مراجعة للذات لتقييم ما تم عمله في موسم رياضي كامل، وتقديم خطة العمل للموسم الجديد، وما بينهما مراجعة كاملة للعمل بسلبياته وإيجابياته، وكشف حالات الخلل والصعوبات ليتم معالجتها، وبالقدر نفسه تعزيز الحالات الإيجابية.
من واقع المؤتمرات نستعرض الموجب والسالب، على أمل أن نكون قد وفقنا بسرد الواقع الرياضي ليتم العمل على تحسين وتطوير الواقع الرياضي في الأندية.

الملاحظات الإيجابية
في البداية إقامة المؤتمرات هو بحد ذاته حالة إيجابية لأن ذلك يؤكد أن المعالجة والمكاشفة هما منهج، وإن لم يطبق حتى الآن بالحدود الدنيا، وسنشعر بإيجابيته تماماً إن تم التعامل مع هذه المؤتمرات من القيادة الرياضية بجدية فتعالج ما شابها من زلات ونواقص وعثرات، وتقوّم الاعوجاج الذي يسيطر على حال الكثير من الأندية.
الإيجابية المهمة التي رصدناها كانت بالكلمة التي ألقاها الدكتور عفيف دلا عضو قيادة فرع الحزب بدمشق عندما أشاد بالرياضيين، والأبطال منهم، وطالب بدعم الرياضيين وإنصافهم، ورفع التعويضات المالية لهم، وتذليل الصعوبات التي تعترض طريق التفوق الرياضي.
ما قاله الدكتور عفيف يختصر الحالة الإيجابية التي عكستها هذه المؤتمرات، لأن ما صرح به يعتبر منهجاً للعمل الرياضي، ويعتبر هذا التصريح بمنزلة المسؤولية الملقاة على عاتق المسؤولين كل حسب موقعه، لتنفيذ هذا المنهج، لذلك فالمطلوب اليوم هو المتابعة الجادة لهذا التصريح، وقد تتطلب هذه المتابعة تغيير الكثير من القوانين وخصوصاً المالية التي تعيق العمل الرياضي.
نقف عند هذه الحالة الإيجابية التي تعزز دور الرياضي كأساس العمل الرياضي، ونطالب بالدعم للرياضي وتوفير كل الأجواء الصحية لعمل نظيف مدعوم بالمستلزمات المطلوبة والتعويضات المالية المناسبة، فالبطولة اليوم تكلف الجهد والمال والدعم، وإذا كنا نملك الأبطال، فعلينا أن نؤمن لهم عوامل التفوق، وعلينا أن نعلم أن غيرنا من الدول والبلدان لديها عوامل التفوق، لكنها لا تملك الأبطال، فأي نعمة نعيشها، فالبطل هو الأساس.
وهذا الكلام نضعه برسم أنديتنا لتعمل عليه ضمن منهج التفوق الرياضي، إن أرادت البحث عنه وعن الأبطال.
الملاحظات السلبية
تتلخص ملاحظاتنا السلبية ببعض النقاط، يمكن أن تكون محطّ اهتمام القيادة الرياضية لمعالجتها وإيجاد الحلول لها، بالتعاون مع فرع دمشق للاتحاد الرياضي العام.
أولاً: الاستثمار الرياضي كبير ومتسع وعوائده جيدة، وهو ذو شقين، أولهما: بعض الاستثمارات ما زالت ضعيفة، والمستثمرون أقوى من إدارات الأندية، سواء بتمددهم المعنوي والمالي والمكاني، أو بتدني بدل الاستثمار، وعلى سبيل المثال: ما زال بعض المستثمرين يتمسكون بمبلغ الاستثمار المتفق عليه قبل خمس سنوات، من دون أي إضافة، مع العلم أن المستثمرين ذاتهم رفعوا أسعار مبيعاتهم بنسب وصلت إلى عشرة أضعاف!
ثانياً: لم نجد في بعض المؤتمرات إن لم يكن أغلبها الحضور المتوقع أو المداخلات القيمة، وهذا يدل على مدى ارتباط أبناء الأندية بأنديتهم وتفاعلهم مع الأحداث المهمة، وهذه النقطة تتحملها الأندية وتكشف عن متانة علاقة الإدارات بكوادرها ولاعبيها.
ثالثاً: في أغلب المؤتمرات تم تغييب وسائل الإعلام عنها، عبر عدم دعوتها لحضور هذه المؤتمرات، ولاحظنا أن التغييب كان ممنهجاً، والهدف منه حضور الإعلام المقرب فقط، والسبب معروف!
رابعاً: بعض الأندية كرّمت لاعبيها المتفوقين، وأندية أخرى «طنشت» والأندية التي كرّمت لاعبيها لم تبلغ بتكريمها أدنى الطموح، وكأنها تعيش بواد، وأسعار السوق بواد آخر، فالتكريم بمجمله لم يكن يعادل ثمن «جرابات رياضية»! أما نادي المجد فيا ليته لم يكرّم، لأن تكريمه اقتصر على الورق، فوعد بالتكريم، وعندما كرّم وزع شهادات تقدير وكأننا في مدرسة توزع «مرحى» على تلاميذها!
خامساً: بعد هذه المؤتمرات وجب دراسة مجالس إدارات الأندية، فبعضها يحتاج لتعديل، وذلك: لعدم فاعلية بعض الأعضاء وقد اعتبروا وجودهم في الأندية بمنزلة التشريف ولم يمارسوا أي دور ميداني على الأرض، أو لعدم التفرغ، فالكثير من هؤلاء مرتبط بأعمال أخرى قد تكون أهم، وقد تكون بحاجة إلى تفرغ كامل وهذا بدوره يؤثر في عمل هؤلاء ضمن الأندية، لذلك نحن نسأل عن موضوع الازدواجية وجدواها، فالازدواجية يمكن اعتبارها مسموحة إن كانت غير مؤثرة في العملين أو المهمتين معاً، أما إن كان كل منصب يحتاج إلى تفرغ وجهد فهنا نجد منع الازدواجية أمراً واجباً لأن المكلف بهما سيفشل بهما معاً، والشواهد التي لدينا كثيرة.
سادساً: يجب إلغاء سياسة «هذا معنا وهذا ضدنا» واقتصار التعيينات في الأندية وفي بقية المؤسسات الرياضية على الدائرة الضيقة، وظروف الأزمة باتت تتيح لنا توسيع هذه الدائرة لاستقطاب الكوادر الرياضية التي تنتظر إنصافها بعد أن جلست على المدرجات مع المتفرجين طويلاً.
سابعاً: لا شك أن الأزمة لها دور في الرياضة، وقد تأثرت بها كسائر القطاعات، ومن لا ير ذلك فهو غير واقعي، لكن نتمنى ألا تكون الأزمة البند الشرعي لأي تقصير أو إهمال أو استغلال، ويجب مراقبة ذلك بحزم، فالأزمة تقتضي أن نكون أكثر حزماً لا أكثر تراخياً!
ثامناً: ضرورة البحث عن التخصص الرياضي، وتوزيع الألعاب بعدالة ومهنية على الأندية، وهو أمر كشفت المؤتمرات الرياضية ضرورته، فمن الخطأ «تعويم» ألعاب رياضية مهمة، فأنديتنا كلها تلهث وراء كرتي القدم والسلة، وثلاثون لعبة رياضية أو أكثر تنتظر من يتبناها!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن