اقتصادالأخبار البارزة

معاون وزير الاقتصاد رمى الكرة في ملعب الجمارك…اتهامات للجنة ترشيد الاستيراد بإجبار المستوردين على رفع قيمة بضائعهم…مدير الجمارك لـ«الوطن»: لحماية الصناعة الوطنية ولا أحد يجبر المستورد على رفع الأسعار

علمت «الوطن» أن لجنة ترشيد المستوردات طلبت من المستوردين تقديم فواتير استيراد بقيم أعلى من الفواتير الحقيقية المعتمدة من الشركات الموردة من مختلف البلدان.
وللوقوف على حقيقة هذا الأمر الذي قد يصفه البعض بأنه إجبار للمستورد على تزوير الفاتورة، اتصل محرر «الوطن» الاقتصادي هاتفياً مع معاون وزير الاقتصاد للتجارة الخارجية، إلا أنه أحال الموضوع إلى مديرية الجمارك العامة، بنبرة حانقة، رافضاً الإدلاء بأي تصريح عن الموضوع.
مدير عام الجمارك مجدي حكمية أكد لـ«الوطن» أن هذا الإجراء يأتي ضمن إطار مهام لجنة الاستيراد التي تقع تحت إشراف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.
وفي اتصال هاتفي مع الحكمية بيّن أن هدف الإجراء هو ترشيد استيراد بعض المواد لحماية الصناعة الوطنية والمنتج الوطني، مؤكداً أن هذا الإجراء صائب من حيث غايته المنشودة، لأن المواد التي يعترض على أسعارها بعض المستوردين لها بديل يصنع محلياً.
وأكد الحكمية أن رأيه حول الإجراء ينسجم مع موقف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، فالهدف الأساسي هو ترشيد الاستيراد وحماية المنتج الوطني، وخاصة المنتجات المستوردة التي يوجد بدائل عنها تصنع محلياً، مؤكداً أنه لا يتم إجبار المستورد على تغيير الفاتورة.
هذا وكان عدد من المستوردين قد كشفوا لـ«الوطن» قيام بعض اللجان الرسمية والتي تضم عدة جهات من القطاعين العام والخاص بفرض سعر أعلى لفاتورة الاستيراد المقدمة من قبلهم من الفاتورة المعتمدة من الشركات الموردة من مختلف البلدان، وقد تثنى لـ«الوطن» الاطلاع على فاتورتي استيراد، كل واحدة من دولة، وكان الفارق بين الفاتورة النظامية المقدمة من الجهة الموردة والفاتورة المفروضة من إحدى اللجان لا تقل عن 500 دولار في الطن الواحد من هاتين المادتين.
واستغرب بعض المستوردين الذين تحدثوا لـ«الوطن» هذا الإجراء الذي وصفوه بغير المنطقي، حيث يكون المسوغ حماية المنتج المحلي والصناعة الوطنية وتحصيل قيم أكبر من الرسوم الجمركية والتي يلحقها حصيلة من الضرائب وبعض الرسوم الأخرى إلا أنهم عدوا هذه المسوغات والمبررات الهادفة إلى حماية الصناعة الوطنية غير كافية وغير مقنعة ويمكن أن تشجع على ظهور حالات احتكارية.
هذا الإجراء الاقتصادي الذي لم يقنع المستورد لم يقنع كذلك بعض الاقتصاديين الأكاديميين، حيث وصف الاقتصادي الدكتور عابد فضلية الإجراء بغير المنطقي، مبيناً لـ«الوطن» أنه لا يحمي الصناعة الوطنية إلا إذا كان المقصود رفع الأسعار وتحقيق أرباح عالية، ليضطر المستهلك للاتجاه إلى السلع المحلية.
ورأى فضلية أن النقاط السلبية أكثر من الإيجابية في هذا الإجراء، وذلك لأن معظم السلع المستوردة من المفترض ألا يكون لها بديل محلي، أو لها بديل محلي لكنه لا يلبي حاجة المستهلكين ولا يغطي حاجة الأسواق، مشيراً إلى إمكانية نجاح هذا الإجراء في الألبسة لحماية المنتج الوطني من المنافسة.
وأشار فضلية إلى أن الفاتورة المنخفضة هي لمصلحة البلد والاقتصاد والمواطن لأنها تخفف الضغط على القطع الأجنبي وتوفر السلعة للمواطن بسعر أقل في مثل هذه الظروف، وإذا كان الهدف تحصيل رسوم جمركية أكبر على فواتير الاستيراد فهي فوائد قليلة وأمر لا يقاس بحجم الضرر الحاصل على المستهلك النهائي وعلى السوق المحلي.
مشيراً إلى أنه من غير المنطقي أن يطلب من التاجر رفع قيمة فاتورة الاستيراد ولو أدى ذلك إلى تقليص حجم الرسوم الجمركية شرط أن يتم التسعير للسلع المستوردة بالليرة في الداخلية على الفاتورة الأخفض ومخالفة كل من يبيع بسعر أعلى، وبين فضلية أن مسوغ دعم الصناعة في مثل هذه الحالة غير كاف لأن الأصل في حماية الصناعة الوطنية والمنتج المحلي هو عدم السماح بالاستيراد للسلع التي لها بديل محلي ولفت إلى أن تلبية احتياجات السوق الداخلي بالأسعار الرخيصة من وجهة النظر الاقتصادية أهم من الرسوم الجمركية.
مصدر مسؤول في وزارة الاقتصاد أكد لـ«الوطن» أنه من مصلحة الدولة اعتماد السعر المنخفض لفواتير الاستيراد حيث إن الإنتاج الوطني غير كافٍ حالياً، مشيراً إلى أن التاجر ليس له مصلحة باستيراد بضائع من الخارج بأسعار مرتفعة كي لا يقلص دائرة المستهلكين في السوق المحلية على مبدأ أن كل منتج هو مستهلك، ولكن ليس كل مستهلك هو منتج بالضرورة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن