سورية

عملية سياسية تبدأ بمفاوضات بين الحكومة ووفد معارض بحلول كانون الثاني.. وتشكيل حكومة وطنية وإعداد دستور جديد وانتخابات خلال 18 شهراً … مجموعة «فيينا» تتحول إلى «مجموعة دعم لسورية».. والأردن مكلف وضع القائمة النهائية للتنظيمات الإرهابية.. ومجلس الأمن سيدعم وقف إطلاق النار

الوطن – وكالات :

تحول اجتماع «فيينا 2» إلى «مجموعة دعم لسورية»، وأصدر بياناً، تضمن وضع جدول زمني لعملية سياسية تفضي إلى توافق بين الحكومة وأطياف المعارضة على وقف إطلاق نار مدعم بانتشار مراقبين من الأمم المتحدة ودعم من مجلس الأمن الدولي، ومن ثم تشكيل حكومة وطنية ذات مصداقية خلال ستة أشهر، وصولاً إلى وضع دستور جديد للبلاد تجري بناء عليه انتخابات بعد 18 شهراً من الآن.
واتفق أعضاء المجموعة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، على محاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة، وغيرها من التنظيمات الإرهابية، التي ستحدد وفق معيار ستضعه الأردن وتقدم به مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي. وتعهدت موسكو بدعم عمان في ذلك بنشاط عبر المركز الاستعلامي الروسي الأردني المؤسس حديثاً في العاصمة الأردنية.
وغطت اعتداءات باريس على اجتماع «فيينا 2». وفي المؤتمر الصحفي الثلاثي الذي عقده وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، ومبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا، ظهر التضامن العميق مع فرنسا.
وابتدأ اجتماع فيينا الذي توسع بمشاركة جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بالوقوف دقيقة صمت على ضحايا الاعتداءات الإرهابية على عاصمة الأنوار، وفق ما ذكر لافروف.

كيري «يتعاطف» مع فرنسا
وقرأ كيري عقب انتهاء الاجتماع بياناً عاطفياً باللغة الفرنسية، شدد فيه على دعم بلاده لفرنسا في مواجهة الإرهاب، مبيناً أن المشاركين في الاجتماع أعربوا عن رفضهم والتزامهم العميق بإنهاء العنف في العالم، وأكد أن احترام الحياة هو ما قاد جهودهم لحل الأزمة السورية.
وأوضح أن الفوضى الناتجة عن الحرب في سورية أوجدت ملاذاً آمناً لداعش وغيره من التنظيمات الإرهابية، لكنه وكعادته حمل المسؤولية عن ذلك للرئيس بشار الأسد، داعياً إلى خيار بديل عن الرئيس الأسد وداعش. وأوضح أن الرئيس باراك أوباما وضع سلماً بأولويات الإدارة في المنطقة يتمثل في هزيمة داعش واستعادة الاستقرار للمنطقة، ودعم مرحلة انتقالية سياسية لإنهاء الحرب في سورية. وأوضح أن خطوة أوباما العسكرية ضد داعش، جاءت نتيجة للخطر الذي يشكله التنظيم على المنطقة والعالم، لكنه بين أن الإدارة تدرك ضرورة الحاجة إلى الالتفات إلى أسباب أخرى للأزمة في سورية وذلك من خلال إطلاق «العملية السياسية».

«فهم مشترك» لخطوات ستسرع «نهاية الحرب»
وشدد البيان، على الطابع الملح لإنهاء الأزمة السورية، التي تمس العالم أيضاً، سواء نتيجة تدفق اللاجئين من سورية إلى الخارج، أو المقاتلين الأجانب من الخارج إلى سورية، للانضمام إلى المجموعات الإرهابية مثل داعش.
ولفت البيان الذي أشار إلى تشكيل «مجموعة الدعم الدولية حول سورية»، إلى وجود خلافات بين أعضائه خصوصاً حول الرئيس الأسد، لكنهم وضعوا هذه القضية في عهدة السوريين عبر العملية السياسية.
وشدد البيان على الحاجة إلى منع الإرهابيين من كسب مزيد من الأراضي، مؤكدين ضرورة مساعدة الشعب السوري على إعادة بناء بلادهم من دون فرض أي إملاء عليهم.
وتوصل أعضاء المجموعة إلى فهم مشترك فيما يتعلق بخطوات ستسرع نهاية الحرب في سورية بناء على إيماننا بوقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية وفقاً لبيان جنيف. وتبدأ العملية السياسية بمفاوضات بين الحكومة والمعارضة تحت إشراف الأمم المتحدة وبمهلة لا تتجاوز مطلع كانون الثاني من العام المقبل، على أن يتم تشكيل الوفد المعارض بناء على مساعدة من المشاركين والأمم المتحدة وإطلاق مفاوضات مباشرة وفورية من قبلهم مع «أطياف المعارضة». وتتمخض المفاوضات عن تأسيس حكومة شاملة موثوق بها خلال 6 أشهر. ولفت البيان إلى أن الانتخابات ستجري بعد 18 شهراً وفق دستور جديد بإشراف الأمم المتحدة.
وأوضح البيان أن وقفاً لإطلاق النار يبدأ فور بدء العملية السياسية، مشيراً إلى الاتفاق أيضاً على اتخاذ إجراءات لضمان التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار، وأوضح أن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي اتفقوا على دعم وقف إطلاق النار بقرار أممي وتشكيل بعثة مراقبة أممية، لافتاً من جهة أخرى إلى أن «أي بلد موجود في الاجتماع يدعم فريقاً في سورية سيكون مجبراً على تأمين وقف إطلاق النار»، وموضحاً أن هذا الأمر لا يشمل داعش و«النصرة» ومجموعات إرهابية أخرى قد تحددها مجموعات العمل في الأيام المقبلة.
واتفق المشاركون على عقد لقاء جديد «خلال نحو شهر» لإجراء تقييم للتقدم بشأن التوصل لوقف لإطلاق النار وبدء عملية سياسية في سورية، بحسب ما جاء في البيان وفق ما ذكرت وكالة «أ ف ب» للأنباء.
ورداً على سؤال رأى كيري أن الرئيس الأسد «غير مناسب لقيادة سورية»، مدعياً أن الرئيس السوري أبرم اتفاقات مع تنظيم «داعش» الإرهابي وهو يتاجر بالنفط معهم.
وبين أن السعودية جزء من البيان، وهي تفهم «القوانين والطرق» التي جاء بها. كما أوضح أن أحد أسباب استمرار الأزمة في سورية «هو بسبب سياسات بعض البلدان بأن (الرئيس) الأسد يجب أن يرحل»، وأضاف «(الرئيس) الأسد لم يكن جزءاً من المحادثات، والآن أخبرنا شركاؤنا (في إشارة للروس) أنه مستعد لإرسال وفد، وأن يكون جاداً، وفي حال لم يحصل ذلك لا يمكن للحرب أن تنتهي»، وقدم معادلة مفادها «الحرب لن تتوقف دون بقائه (الرئيس الأسد) في السلطة لمدة معينة، (لكن) ليس هناك من سبيل لبقائه فترة طويلة». بدوره أوضح لافروف أن مستقبل سورية سيحدده السوريون بأنفسهم فقط، بما في ذلك مستقبل الرئيس الأسد أو أي شخصية سياسية أخرى.
وفيما يتعلق بالعملية السياسية أوضح لافروف أن المشاركين اتفقوا على إطلاق خطوات ملموسة، مبيناً أن الحكومة وافقت على حضور مفاوضات برعاية الأمم المتحدة وسلمت موسكو قائمة بوفدها إلى المباحثات.

«الحكومة الوطنية» ستحل كل مشاكل سورية
وبين أن الحكومة الوطنية ستحل كل المشاكل التي تشهدها سورية، وبعد ذلك يمكن إعداد مشروع الدستور الجديد، مبيناً أن ذلك يتطابق مع بيان جنيف لعام 2012، الذي شدد على إجراء إصلاحات سياسية بالتوافق المتبادل بين الحكومة والمعارضة. ولفت إلى أن مشاركين على الطاولة رفضوا إطلاق العملية السياسية بعد إصدار بيان جنيف بذريعة عدم قدرة السوريين على التوافق فيما بينهم، لكنهم عادوا عن آرائهم.
وبين أن الأردن كلفت بتقديم القائمة الموحدة بالتنظيمات الإرهابية في سورية والتي ستقدم إلى مجلس الأمن، لإقرارها، مبيناً أن موسكو ستشارك بنشاط في ذلك خصوصاً مع تشكيل مركز الاستعلام العسكري الأردني الروسي في عمان.
وبين أن بعض المشاركين لم يكن مستعداً لوقف إطلاف النار فوراً، وأضاف «لذلك أكدنا عزمنا لمواصلة العمل لإيجاد ظروف وقف إطلاق النار على خلفية إطلاق العملية السياسية».
وأوضح أن المشاركين اتفقوا على «تنشيط جهودنا لتقديم المساعدة الإنسانية للسوريين وإيصالها للمحتاجين وحل مسألة اللاجئين في سياق العملية السياسية ودعوة الأطراف لتنفيذ إجراءات الثقة بين الحكومة والمعارضة المسلحة التي لا تعتبر إرهابية».

الأمم المتحدة «مستعدة»
للعمل مع السوريين
من جانبه أوضح دي ميستورا أن مرتكبي عملية باريس هدفوا إلى التأثير على المجتمع الدولي لعدم القيام بأمر إيجابي في سورية، لكنه أضاف: «ردنا أعلاه اليوم ليس فقط عبر الاجتماع بل عبر نجاح الاجتماع». وأظهر للصحفيين ثلاث صفحات اتفق عليها المشاركون.
وشدد على «استعداد الأمم المتحدة للعمل مع السوريين كما كنا مع الدعم مجموعة العمل الدولية في أي وقت للبدء في العملية السورية، لكن يجب وجود وفدين، الحكومة وافقت، لكن المعارضة يجب أن تبدأ العمل وسنساعدها، لتشكيل معارضة موحدة وقوية ونأمل أن يحصل ذلك في كانون الأول.
وأضاف: «أشرنا بوضوح أنه في لحظة بدء العملية السياسية يجب أن نتطلع أن يكون هناك وقف شامل وطويل لإطلاق النار كرسالة حقيقية مرغوب بها كرسالة قوية ضد الإرهاب». وأضاف «الزخم هي الكلمة الأساسية لكي لا نستسلم».
من جهتها قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني للصحفيين: إن محادثات فيينا كانت «جيدة». وأضافت: إن من الممكن البدء في «عملية» سياسية تهدف إلى إيجاد تسوية للأزمة السورية.
ونتيجة ما جرى في باريس وتغيير جدول مواعيده، قرر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، المشاركة في الاجتماع «للتحدث عن مكافحة داعش والتطرف»، في ضوء ما تعرضت له العاصمة الفرنسية.
وعشية الاجتماع كشفت موسكو أن السعودية سلمتها قائمتها لأسماء المعارضين السوريين الذين يجب أن يؤلفوا وفداً مشتركاً للتفاوض مع الوفد الرسمي السوري، وذلك بعد أن تبادلت روسيا والولايات المتحدة قوائمهما بالمنظمات الإرهابية في سورية، والتي أكدت الدبلوماسية الروسية أنها جاءت «متطابقة».
وقبل الاجتماع دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى «تنسيق المكافحة الدولية للإرهاب».
وقال فابيوس متحدثاً من فيينا قبل افتتاح المحادثات: إن «أحد أهداف اجتماع اليوم (أمس) في فيينا هو أن نرى تحديداً وبشكل ملموس كيف يمكننا تعزيز التنسيق الدولي في مجال مكافحة داعش»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
وقبل الاجتماع جدد وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري تأكيد ضرورة الحل السياسي للأزمة في سورية مشدداً على حق الشعب السوري في اختيار قيادته ومستقبله. وقال في بيان نقلته وكالة الأنباء «سانا»: إن «الحل الأمثل للأزمة في سورية هو الحل السياسي ويجب أن ينطوي على عدة محطات أهمها استبعاد العمل العسكري والإصرار على الدفع إلى ممارسات سلمية وسياسية لحل المشاكل والمسائل الموجودة».
وأضاف الجعفري: «لا ينبغي فرض شكل النظام السياسي على الشعب السوري ولا شخوصه لأن ذلك يعد تدخلا في شؤون سورية». ودعا إلى ضرورة أن تأخذ القوى السياسية دورها في العملية السياسية مع الحكومة السورية للوصول إلى حل سياسي بعيداً عن السلاح.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن