الأولى

سبعة دواعش زلزلوا أوروبا.. وفرنسا تعلن حالة الطوارئ وتدفع بجيشها إلى الشارع … محادثات فيينا تتبنى رؤية موسكو لحل الأزمة في 18 شهراً

باريس – الوطن :

توقفت الحركة في شوارع باريس وطلبت بلدية أعرق مدينة أوروبية من السكان ملازمة المنازل وعدم الخروج منها «إلا في حالات الضرورة القصوى»، في حين أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حالة الطوارئ على كامل الأراضي الفرنسية ومنع دخول أي مواطن غير أوروبي إلى الأراضي الفرنسية معلقاً بذلك اتفاقية «شينغن»، واستدعى كل قوات الشرطة وقوات النخبة والجيش الفرنسي لتأمين عاصمته، وذلك بعد ليلة دامية لم تشهد لها أوروبا مثيلاً أدت إلى مقتل 129 مواطناً فرنسياً وجرح 352 آخرين أغلبيتهم في حالات حرجة، في عمل يبدو «منسقاً وحرفياً» لم تتمكن الأجهزة الأمنية الفرنسية من رصده أو التنبيه منه أو اتخاذ أي إجراء احترازي لمنعه، رغم أن من قام به «7 إرهابيين» فقط كما أعلنته باريس أو ثمانية كما أعلن داعش.
ويأتي زلزال باريس الإرهابي عشية محادثات فيينا لبحث حل الأزمة السورية التي انطلقت صباح أمس، وسبقها خلافات كبيرة بين الخبراء الذين عقدوا اجتماعات تمهيدية قاطعتها روسيا وإيران بعد أن رأتا فيها تسللاً لدول من خارج مجموعة الاتصال دعتهم واشنطن دون تنسيق مسبق مع موسكو مثل هولندا والدانمارك إضافة إلى طلب اليابان بالمشاركة، الأمر الذي اعتبره الروس «خارج سياق المؤتمر» في ظل محاولات فرنسية وتركية وقطرية لتعطيل فكرة «إنشاء وفد معارض» للحوار مع وفد الحكومة، بعدما اعتبرت هذه الدول أن الائتلاف السوري وحده من يمثل المعارضة السورية ومعترف به من قبل 120 دولة هم «مجموعة أصدقاء سورية» سابقاً.
وتوقع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبيل اجتماع فينا «أن هجمات باريس الإرهابية ستؤثر على المحادثات» وسط دعوات فرنسية لخوض حرب بلا هوادة على إرهاب كان متوقعاً أن يتم تحديد هويته في فيينا، وتحديد المجموعات التي سيتم تصنيفها إرهابية إضافة إلى داعش وجبهة النصرة.
ومساء أمس خرج بيان فيينا ليأتي مطابقاً للرؤية الروسية لحل الأزمة، حيث تم الاتفاق على عقد مباحثات برعاية الأمم المتحدة بين وفد يمثل كل المعارضات السورية والوفد الحكومي وتأسيس حكومة وحدة وطنية تشرف على الإصلاحات على أن تكون هناك انتخابات بعد 18 شهراً، بالترافق مع دعوات لوقف القتال في عدة مناطق مع الفصائل التي لن تصنف إرهابية وسيصدر لائحة بها خلال الأيام القليلة المقبلة، وأعطى المجتمعون في فيينا الأردن مسؤولية تنظيمها وتقديمها لمجلس الأمن الدولي.
وتحاول قطر والسعودية وتركيا تحييد بعض المجموعات الإرهابية مثل «أحرار الشام» المنبثق من «النصرة» وفصائل متطرفة أخرى تدعمها هذه الدول بشكل مباشر من التصنيف ضمن المجموعات الإرهابية.
ويأتي بيان فيينا2 لينسف كل جهود واشنطن وحلفائها ولاسيما الفرنسيين ومحاولاتهم فرض أجندة خاصة على مستقبل سورية والسوريين، إذ اتفق الجميع على أن السوريين وحدهم يقررون مستقبل بلدهم وشكل الدولة التي يتطلعون إليها ومصير رئيسهم بشار الأسد، وهذا ما كانت تطالب به دمشق منذ سنوات وترفضه الدول المعادية ظناً منها أنها قادرة على فرض ما روجته من أوهام بأنها قادرة على تحديد مصير الرئيس الأسد وشكل الدولة السورية.
وفي تفاصيل هجمات باريس، فإن عدة مجموعات إرهابية (عددهم الإجمالي ثمانية وفقاً لمعلومات أولية وبحسب بيان داعش) مؤلفة من شخصين أو ثلاثة مدججة بالسلاح والأحزمة الناسفة بدأت قرابة التاسعة والنصف مساء الجمعة هجمات إرهابية على سبعة نقاط في دائرتي باريس العاشرة والحادية عشر المكتظة بالرواد في هذا الوقت وهذه الليلة حيث تبدأ عطلة نهاية الأسبوع.
وبدأ الهجوم عند ملعب «ستاد دو فرانس» في ضواحي باريس حيث كانت تقام مباراة ودية بين فرنسا وألمانيا بحضور الرئيس هولاند حيث سمع صوت انفجارين خلال الشوط الأول تبين لاحقاً أنها تعود لتفجير انتحاريين نفسهما عند مداخل الملعب ما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص ويبدو أن الانتحاريين كانا يريدان دخول الملعب إلا أنه لحسن حظ الجمهور أنهما لم يتمكنا من ذلك.
وبعد هذه الحادثة بدقائق قامت مجموعات أخرى بإطلاق النار على أحد المطاعم في الدائرة العاشرة، في حين كانت مجموعة ثالثة في الدائرة الحادية عشر تطلق النار العشوائي قبل أن تدخل إلى نادي «الباتاكلان» الليلي حيث كانت تقام حفلة لمجموعة «أميركية»، ووفقاً لروايات الشهود تبدأ المجموعة إطلاق النار العشوائي ومن ثم تحتجز الحضور رهائن، لتؤدي عملية اقتحام لاحقة إلى قتل الإرهابيين الثلاثة وتبين وجود أكثر من 70 قتيلاً من الجمهور.
واتخذت فرنسا تدابير على الفور استثنائية ولم تحصل منذ عقود من الزمن، لكن لفرنسا مبرراتها، فهي كانت ستستضيف الرئيس الإيراني في زيارة دولة اعتباراً من بعد يوم غد الثلاثاء، لكن الرئيس حسن روحاني ألغى جولته الأوربية، كما تستعد باريس لاستضافة قرابة 180 رئيس دولة ورئيس وزراء نهاية الشهر الحالي في قمة عالمية للبحث في التغيرات المناخية «كوب21»، ولم تكن لتتوقع مثل هذه الأعمال الإرهابية على أراضيها التي باتت تهدد هذه القمة كما تهدد كل الفرنسيين المصدومين مما تعيشه عاصمتهم منذ ليل الجمعة، حيث تم استنفار كل قوات الشرطة وسيارات الإسعاف والمشافي وباتت دوريات من الجيش الفرنسي تجوب العاصمة باريس منعاً لأي اعتداء جديد قد يحصل.
هولاند الذي أعلن رسمياً وقوف داعش خلف الهجوم الإرهابي قال: «إن العملية تم التحضير لها من الخارج لكن التنفيذ تم بمساعدة خلايا في الداخل»، وهذا دل، بحسب مراقبين في باريس، على أن تنظيم داعش الإرهابي لا يقتصر وجوده على سورية والعراق بل هو منتشر بفكره وتطرفه عند عدد من الإسلاميين في مختلف العواصم الأوروبية ومنهم من غادر لـ«الجهاد» في سورية، وثبت بوجود جواز سفر سوري قرب جثة أحد الإرهابيين في باريس، ومنهم من عاد ومنهم من بقي منتظراً الوقت المناسب لشن هجمات إرهابية في أوروبا.
ولوحظ أنه ولأول مرة في العمليات الإرهابية في أوروبا ينفذها انتحاريون «انغماسيون»، بلغة داعش، مجهزون بأحزمة ناسفة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن