سورية

تفعيل معاهدة لشبونة «عسكرياً» كي تكون غطاء سياسياً لمساعدة فرنسا … باريس تريد من الأوروبيين تقاسم أعباء تدخلاتها المفرطة.. لتتفرغ لأمنها الداخلي!

وكالات :

حصلت فرنسا على موافقة الاتحاد الأوروبي على طلبها تقديم المساعدة العسكرية من دول التكتل الموحد، بموجب إحدى بنود معاهدة «لشبونة». باريس تقترح على شقيقاتها الأوروبية أن يتقاسمن معها أعباء التدخلات الفرنسية المفرطة في كل من سورية والعراق ولبنان ومالي، لأنها لا «تستطيع أن تكون حاضرة في كل مكان»، وذلك كي يتاح للقوات الفرنسية التركيز بشكل أكبر على «الأمن الداخلي»!
الإعلان عن الموافقة الأوروبية جاء في أعقاب اجتماع لوزراء دفاع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الذين تداعوا إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، لدراسة طلب فرنسي بتفعيل المادة 42-7 من معاهدة لشبونة المؤسسة للاتحاد الأوروبي.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، قالت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بعد الاجتماع «اليوم (أمس) أعرب الاتحاد الأوروبي بالإجماع على لسان جميع دوله الأعضاء عن أشد دعمه واستعداده لتقديم المساعدة المطلوبة» لفرنسا بعد الاعتداءات الإرهابية التي ضربت باريس ليل الجمعة وأوقعت ما لا يقل عن 129 قتيلاً. ولم يتخذ وزراء الدفاع الأوروبيون الذين يعقدون في بروكسل اجتماعاً أي قرار رسمي. وتنص المادة 42-7 على التضامن إذا ما تعرض أحد بلدان الاتحاد الأوروبي لعدوان خارجي.
وأضافت موغيريني: «إنها مادة لم تستخدم من قبل في تاريخ اتحادنا» حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية. وقرأت جزءاً من نص المادة، قائلةً وفقاً لوكالة الأنباء الإيطالية «آكي»: «في حال تعرضت دولة عضو في الاتحاد لاعتداء على أراضيها، يتعين على باقي الدول تقديم كل المساعدات بكافة الوسائل الممكنة حسب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة».
لكنها أوضحت أن تفعيل هذه المادة هو عبارة عن إشارة تضامن سياسية، بالدرجة الأولى، مع فرنسا، وتعبير عن حيوية سياسة الدفاع الأوروبية.
وشددت على أن الأمر لا يتضمن بتاتاً أي عملية أمنية، عسكرية تحت راية سياسة الدفاع الأوروبية، موضحةً أن دور الاتحاد الأوروبي سيقتصر على تنسيق «المساعدات المادية والعينية التي سيتم الاتفاق عليها في إطار ثنائي بين فرنسا والدول الأعضاء».
وأيد وزير الدفاع الفرنسي ما قالته الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، معلناً أن ما جرى خلال الاجتماع «دعم بالإجماع»، وأضاف «(إنه) ميثاق سياسي كبير جداً».
وأضاف لودريان وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية: إنه «سيتيح لنا الآن في الساعات المقبلة إجراء الاتصالات الثنائية الضرورية» لفرنسا مع كل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، للاتفاق بالضبط على المساعدة التي تعرب كل دولة عن استعدادها لتقديمها بصورة ملموسة إلى الفرنسيين.
وشرح جزءاً من المساعدات التي قد تطلبها بلاده، قائلاً: «الأمر يتعلق بمساعدات عينية لدعم قدرات القوات الفرنسية، ثم العمل لتخفيف العبء عنها في الخارج، فنحن لا نستطيع أن نكون حاضرين في كل مكان». واستطرد موضحاً أن بلاده قد تطلب من الدول مساعدات في العمل الذي تقوم به فرنسا في سورية والعراق وإفريقيا أو لبنان ليتاح للقوات الفرنسية التركيز بشكل أكبر على الأمن الداخلي، «هناك طيف واسع من الأمور الممكن التعاون بشأنها وفي ميادين متعددة». وأوضح وزير الدفاع الفرنسي بعد الاجتماع مع زملائه الأوروبيين، «لقد لمست تأثراً شديداً من زملائي» مشيراً إلى أن عدداً منهم تحدث باللغة الفرنسية للتعبير عن دعمه.
وليس من المتوقع أن يشمل التعاون الأوروبي مع فرنسا، تدخلاً عسكرياً لدول أوروبية في سورية، إذ إن العديد من وزراء دفاع الدول الأوروبية بدا غير متحمس لهذا النوع من «الدعم»، على الرغم من أن «الدعم السياسي الأوروبي الكامل لفرنسا حاضر بقوة». وفي كواليس الاجتماع، أبلغ لودريان نظرائه في دول الاتحاد الأوروبي، بطلب بلاده «دعم (شركائها الأوروبيين) من المنطلق الثنائي، وبشكل متناسب مع إمكاناتهم، في مكافحة داعش في العراق وسورية، ومشاركة عسكرية متزايدة من جانب الدول الأعضاء في مواقع العمليات التي تنتشر فيها فرنسا»، بحسب ما نقلت وكالة رويترز عن مقربين من الوزير الفرنسي. وأضاف لودريان: «لن يكون بوسع فرنسا أن تبقى وحيدة في هذه المواقع».
وردت موغيريني التي كانت تترأس الاجتماع، أن «فرنسا تطلب المساعدة في هذا الظرف الصعب في وقت يتعرض الاتحاد الأوروبي لهجوم»، وفق ما نقل دبلوماسي في الاجتماع. وتابعت «علينا إرسال آلية وحدة وتضامن واضحة» لكن «على فرنسا أن تحدد طبيعة المساعدة والدعم المطلوبين».
في سياق متصل نفى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» يانس ستولتنبرغ، الذي شارك في الاجتماع الأوروبي، أن يكون هناك أي طلب فرنسي لتفعيل المادة الخامسة من معاهدة الناتو، والمتعلقة بالدفاع المشترك، مكتفياً بالإشارة إلى أن الدول الأعضاء في الحلف وفي الاتحاد الأوروبي معاً مستعدة لتقديم الدعم لفرنسا، كما أن هذه الدول نفسها تشارك بجدية في الحرب على تنظيم داعش.
وطالب المسؤول الأطلسي، بحسب وكالة «آكي»، روسيا بالانخراط بشكل أكبر في محاربة تنظيم داعش، وليس في مساعدة النظام، «كما تفعل غالباً». وتحدث عن ضرورة تكثيف الجهود والمبادرات الدولية للبحث عن حل سياسي للأزمة في سورية، في إطار العمل الشامل ضد الإرهاب. وقال: «نحن ندعم هذا الجهد ونرحب بانخراط روسيا فيه»، في إشارة إلى ما صدر عن اجتماعي فيينا الأول والثاني.
وأشار ستولتنبرغ إلى أن أعضاء الحلف يشاركون بفاعلية في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، وذلك عبر أشكال متعددة من العمل. وأصاف: «الناتو يقدم أيضاً مساعدات للدول الشريكة مثل تركيا والأردن والعراق لمساعدتها على حماية نفسها من الإرهاب». وشدد على أن الوقاية من الصراعات أفضل من التدخل لحلها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن