قضايا وآراء

رسالة باريس الدامية، من الذي أرسلها؟

صياح عزام :

منذ أن وقعت الانفجارات الأخيرة في باريس تكثر التساؤلات والتوقعات حول من أرسل رسالة الدم هذه لفرنسا عبر تنظيم داعش الإرهابي. يقول البعض إنها مقدمة لتفويض السفاح العثماني «أردوغان» بتنفيذ احتلال شمال سورية براً، بذريعة ملاحقة داعش وجهاً لوجه، وبذلك تكون إعادة أردوغان إلى رأس السلطة هي لتنفيذ هذه المهمة، حيث يُزيل داعش ويُنهي مهمتها، ولكنه فقط يغير علم داعش ولباسها واسمها لتصبح «معارضة معتدلة» يحمي الناتو التركي وجودها، ويبدو أن من أرسل هذه الرسالة لباريس عبر (داعش) هي المخابرات التركية بإيعاز مباشر من أردوغان، فكما دفع بأفواج المهاجرين إلى أوروبا، فهو الذي رتب لعملية باريس، لأن تركيا –حسب اعتقاده- ستكون قادرة بعدها على التبرع للناتو وللدول الأوروبية بفكرة أنها ستحارب بجيشها داعش وتجتاح مواقعها وصولاً إلى الرقة، ويظهر أردوغان بمثابة «المخلص القبضاي».
ويؤيد هذه الفرضية، أن هجوم باريس حصل بعد فترة وجيزة من عودة أردوغان إلى الحكم الفردي في تركيا، وكذلك تصريحه منذ عدة أيام قبل الهجوم على باريس بأن «حلفاءه يقتربون من فكرة إقامة منطقة عازلة في شمال سورية، وأنه جهز آلاف الجنود الأتراك قرب جرابلس للتحرك حسب بعض التقارير»، أيضاً يدعم ذلك، أن أردوغان أكثر إصراراً على إيجاد مبرر لإيقاف تقدم الجيش السوري في الشمال بأي ثمن حتى من جسد حليفه الفرنسي.
وهناك رأي آخر متداول بشكل كبير مفاده أن تركيا غاضبة من أوروبا بسبب دعم الأوروبيين للأكراد، ومن قيام الفرنسيين تحديداً بمبادرة تسليحهم كورقة في الشمال السوري وتقاسم النفوذ هناك مع الأميركيين.. هذا الأمر طيّر صواب أردوغان لأنه يرى في قوة الأكراد تهديداً لتركيا حسب زعمه، ولهذا قرر إطلاق عمليات داعش في أوروبا لابتزازها في الموضوع الكردي تحديداً، والسماح له بعملية برية في سورية يكون ظاهرها محاربة داعش، أما هدفها الحقيقي، فهو احتلال شمال سورية وتحطيم الأكراد السوريين في الوقت نفسه وإرهاب الأكراد داخل تركيا.
إلا أن هذا الوهم التركي يغفل وجود الروس في سورية، وأنهم لم يأتوا إلى سورية ليصبح الناتو شريكاً لهم فيها، ولا تركيا، وهو يتعارض مع النظرية الروسية القائلة بأن الجيش السوري هو المخول والمؤهل للقتال على الأرض، ودخول تركيا براً إلى الشمال السوري يعني إعلان حرب عالمية، ويعني أيضاً سيطرة حلف الناتو على سورية، وهذه السيطرة ستؤسس لقيام دولة متطرفة موالية لأميركا وحلفائها ومعادية للروس، بل ستشكل تهديداً لهم في عقر دارهم مستقبلاً.
ويرى البعض الآخر أن أردوغان هو الذي يتلاعب بعمليات داعش الإرهابية لتحقيق أهداف وغايات سياسية، وليس من المستبعد أن أردوغان الذي أرسل هذه الرسالة الدموية لباريس، هو نفسه ضالع في عملية إسقاط الطائرة الروسية في سيناء، لتوجيه رسالة قاسية إلى روسيا بسبب دعمها لسورية وتدخل طيرانها بشكل مباشر لضرب داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية. وإذا ثبت أن إسقاط الطائرة الروسية تم بتدخل تركي خفي وبالتواطؤ مع داعش التي رعاها ودعمها أردوغان، فإن الروس معروفون بأنهم يجيدون رد الدروس القاسية لمن يتلاعب بأمنهم، فهم قدموا ثلث سكانهم قرابين لإسقاط (الرايخ الثالث) والوصول إلى مكتب (هتلر) لأنه أراد أن يُلقنهم درساً. أما التنظيمات الإرهابية وأجهزة المخابرات التركية، فلدى روسيا وسائل قوية في الرد الاستخباري والأمني والعسكري عليها.
وهكذا، فإن من يحاول ابتزاز الروس بالإرهاب، فعليه أن يحذر على نفسه، والكلام هنا ينطبق على أردوغان ومخابراته التي تحاول استعمال داعش لابتزاز الآخرين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن