ثقافة وفن

إرادة البناء…

د. اسكندر لوقا :

إرادة البناء قلما تهزم أمام إرادة الهدم ما دام صاحبها يؤمن بنفسه وبأن الحياة أقوى من الموت. إرادة البناء أن يقف الإنسان صامداً، في كل حين، وخصوصاً في زمن الأزمات التي تواجه وطنه، وهذا ما يتجسد، بين يوم وآخر، فوق أرضنا التي طالما ذاقت طعم الهدم، منذ أيام هولاكو وجنكيز خان وتيمورلنك وصولاً إلى الاستعمار العثماني وما تلاه أيام الاستعمار الفرنسي، وما يتجسد في تاريخ الأزمة التي يعاني منها شعبنا اليوم، لا يملك أحدنا إلا التعبير عن سعادته كلما تحقق على أرضنا ما يؤكد أن إرادة البناء في بلدنا هي الأقوى من إرادة المعتدين الآتين إلينا من كل أصقاع العالم حاملين معاول الهدم وقتل حلم العودة إلى ما كنا عليه حتى شهر آذار من العام 2011 وأحسن.
في هذا السياق، يسعد أبناء شعبنا أن تتاح لهم لا فرص الحصول على الإجازات الجامعية فحسب، بل ولوج رحاب عالم الدراسات العليا التخصصية في بلدهم، وذلك على درب ما شاهدناه، منذ أيام قليلة، حيث افتتح السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي مستشفى المدينة التعليمية «مدينة الطب والحكمة» في جامعة القلمون الخاصة في دير عطية، وبذلك غدت إمكانية متابعة الدراسات العليا في سورية متاحة لكل من لديه الكفاءة، وتحديداً من كان يراسل جامعة هنا وأخرى هناك بحثاً عن فرص استكمال دراساته العليا خارج الوطن، الأمر الذي ستكون له تبعاته المهمة سواء من حيث وقف تيار هجرة الأدمغة من بلدنا إلى خارجه، أو التقليل، ما أمكن، من نزف القطع النادر في البلد، والأهم من كل ذلك حماية المواطن بالحفاظ على هويته الوطنية خشية وقوعه في عالم يتقن فن إغراء الغريب الوافد إليه لمتابعة دراساته العليا بشتى الطرق التي تنزعه من جذوره وتجعله خارج خدمة البلد الذي رعاه تلميذاً صغيراً ثم شاباً يافعاً ثم حائزاً الإجازة الجامعية قبل أن يغدو فريسة النيات المغلفة بالأمل والحلم الذهبي كما هو واقع من غادرنا وبات حلمه الذهبي وهماً لم يكن يحسب له حساباً.
لا شك في أن هذه الخطوة الوطنية، بإتاحة فرص متابعة الدراسات العليا في سورية هي من الأهمية بمكان على أمل أن تتابع الدولة دعم خطاها لأننا، في سياق الأزمة التي نعيشها، نحن أحوج ما نكون إلى إسهام شبابنا ليس في إعادة بناء الحجر فقط بل في إعادة بناء البشر لأن الإنسان يبقى مصدر قوة البلد ومناعته، كما هو اليوم كذلك في كل يوم آت.
يقول جوليوس نيريري رئيس جمهورية تنزانيا المتحدة «1922- 1998» على سبيل المثال: الشباب إرادة العمر كما نريد إذا أردنا أن نحافظ على شبابنا في أوطاننا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن