ثقافة وفن

كلية الفنون الجميلة تمنع النحت بغير «الصلصال» … رولا بريجاوي لـ«الوطن»: عندما تضيق مساحات وأدوات التعبير عن أفكاري في النحت ألجأ إلى السينما

ديالا غنطوس :

بين النحت على البرونز والنحت على الورق، ولدت موهبة فذة، تخرجت في كلية الفنون الجميلة ومعهد أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية، ولاحقاً من المعهد العربي للموسيقا، لتكون عازفة بيانو محترفة، جَمعت ملكات التعامل مع نحتِ اللحن وتطويع البرونز، لتداعب أناملها الورق وتمتهن كتابة السيناريو والإخراج، هي رولا بريجاوي، المخرجة الشابة التي تفيض سيرتها الذاتية بعبق العديد من الأعمال المهمة، التي كان لجريدة «الوطن» فرصة اللقاء بها وإجراء الحوار التالي:

• كيف خُلقت فكرة (كريستال للإنتاج الفني)؟
بعد مزاولتي العمل في إخراج الأفلام الوثائقية أتى تأسيس شركة كريستال كحاجة وليس كاستثمار مالي كالشركات الكبرى، وذلك من أجل تأمين وتسهيل موافقات التصوير والتسويق والمراسلات لأفلامي بالدرجة الأولى، إضافة إلى تقديم ما أريده من دون قيود.

• من فن النحت والعزف على البيانو وتصميم الغرافيك إلى كتابة السيناريو والإخراج.. ما وجه التقارب بين الموهبتين؟ وكيف خدمك النحت في عملك الإخراجي؟
فقط عندما تضيق مساحات وأدوات التعبير عن أفكاري في النحت ألجأ إلى السينما. النحت والرسم بالنسبة لي هما أرضية بصرية، فنية، حسية ولونية أساسية لعملي في الإخراج، فالتقارب البصري والفني في تشكيل التكوين واللون هو كبير بشكل عام بين المنحوتة أو اللوحة والصورة السينمائية. أما الفكرة التي تختزلها المنحوتة فيمكن مقاربتها بأدوات فنية أوسع عبر السينما ومن خلال أسلوب الترميز الذي أحب استخدامه عادة في عملي السينمائي. ويبقى المهم والأهم دائماً أن تجد الأفكار الجميلة والمهمة والجديدة والمؤثرة مساحة تنفس عبر أي مجال فني.

• النحت على البرونز.. يتطلب إرادة صارمة وتطويعه ليس بالأمر السهل، كيف استطعت التعامل مع تلك المادة الصلبة؟ وما الذي دفعك إلى تحدِّيها دون غيرها؟
أنا أعشق خامة البرونز لأنها تمزج بين الديمومة والجمال وتعتّق بشكل بديع. لكنها ليست خامتي المفضلة بشكل اختياري! فأنا للأسف قد تخرجت كما كثر غيري من زملائي في كلية الفنون الجميلة/ دمشق بعد أربع سنوات ونحن لا نتقن التشكيل على مادة غير الصلصال والسبب يعود إلى المنع الممنهج من الكادر التعليمي والإداري في كلية الفنون الجميلة لتعليم الطلاب النحت والتشكيل بغير مادة الصلصال وينطبق الأمر ذاته على الخزف وكل الخامات والتقنيات المتعلقة بصنع القوالب والصب! لذا فقد كنت مضطرة في بدايات عملي بعد التخرج إلى تشكيل المنحوتة بالصلصال ومن ثم تسليمها إلى فنان مختص وهو الأستاذ القدير والنحات زكي سلام والذي كان يدرس طلابه -في معهد الفنون التطبيقية- النحت بكل خاماته إضافة إلى صنع القوالب وصبها بمواد مختلفة.

• عملتِ كمساعدة مخرج مع المخرج نبيل المالح في العديد من الأفلام التي يتطرق أغلبها لقضايا العنف وحقوق المرأة، هل تصنفين نفسك ناشطة حقوقية لقضايا المرأة ومناصِرة لها؟
أنا مناصرة لقضايا الإنسان بشكل عام على اختلاف جنسه وعمره، والموضوع سواء كان إشكالياً أو جمالياً هو من يحدد عملي ويوجّه شغفي لإنجاز الفيلم السينمائي.

• أخرجتِ فيلماً وثائقياً «بقعة طين» عن أطفال مكفـوفين يتعلمون ويمارسون النحت والخزف في أحد المعاهد، ما الذي أضافته لكي تلك التجربة لأنها تتمحور حول ذوي الاحتياجات الخاصة وباعتبار التعامل معهم يتطلب أسلوباً خاصاً جداً؟
الحقيقة أنهم فاجؤوني بقوة شخصيتهم وعذوبة أرواحهم وذكائهم وكهنهم أحياناً لدرجة أنهم ببعض الأحيان يستهزئون بالمبصرين الذي يفتقدون البصيرة. أما التعامل معهم فهو يتطلب الأسلوب المفترض ذاته للتعامل به مع أي طفل أو مراهق بشكل عام. فهم منبع طاقات كامنة ومتفتحة في آن وإعاقتهم الجسدية لا تحد أبداً من إصرارهم على العمل سواء الفني في مجال الخزف والقش أو المجال المهني كالتريكو والسجاد. والإضاءة الأكبر في فيلمي كانت على جانب الحب في حياتهم الذي تحدثوا وعبروا عنه بجرأة لافتة.

• «فتاة الشاحنة» هي تجربتك الأولى مع المؤسسة العامة للسينما، كيف وجدت تلك التجربة وهل أضافت لك شيئاً خاصاً؟
فتاة الشاحنة هو فيلم ديكودراما قمت بتأليفه منذ خمس سنوات ويسعدني أني استطعت انجازه هذا العام بالتعاون مع مؤسسة السينما/ مشروع دعم الشباب رغم ظروف الحرب والأزمة التي يعيشها بلدنا وأيضاً رغم الصعوبات التي واجهتنا في تنفيذ الفيلم. أما الحديث عن الإضافة فسيأتي بعد تقديم وتقييم المنجز النهائي لأن الفيلم ما زال قيد العمليات الفنية حتى الآن.

• ما المشاريع الجديدة التي تقومين بالتحضير لها؟سواء من ناحية النحت، التأليف، الإنتاج والإخراج؟
مؤخراً قمت بتأليف نص لفيلم روائي طويل (بروفات) وهو كتابة مشتركة. والفيلم القصير «تساقط» من تأليفي الذي أدرج على قائمة الإنتاج لعام 2016 في مؤسسة السينما. وحاليا بدأت بكتابة فيلم قصير صامت يتحدث عن أحد أنواع الكبت. أما النحت حيث موطن شغفي وروحي فأنا بصدد تحضير مشروع فني متضمن عدة أنواع من الفنون ومن ضمنها النحت أتمنى أن يكون منجزاً في العام المقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن