قضايا وآراء

ماذا بعد زيارة بوتين لطهران؟

باسمة حامد :

يكتسب الحراك الدبلوماسي والعسكري الروسي الراهن أهمية خاصة في ظل ما يشهده العالم من أحداث وتطورات متسارعة على وقع التهديدات الإرهابية المتزايدة.
وفي هذا الإطار، من غير الممكن النظر إلى مشاركة الرئيس فلاديمير بوتين باجتماع منظمة الدول المصدرة للغاز GECF في طهران ومحادثاته مع الرئيس الإيراني ومرشد الثورة الإسلامية (القائد الأعلى للقوات المسلحة) من دون ربطها بالرسائل الحادة التي وجهتها موسكو مؤخراً إلى الدول الراعية للإرهاب.
ولأن المواجهة مع التنظيمات الإرهابية مازالت طويلة، وبالنظر إلى تكثيف ضرباتها الجوية على معاقل الإرهابيين في سورية والتهديدات العلنية التي وجهتها إلى داعميهم من المتورطين في حادثة إسقاط طائرتها المدنية فوق سيناء.. من الواضح أن روسيا تتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان نجاح مسعاها.
وثمة ما يؤكد أن الإستراتيجية الروسية تصرّ على ضرب الإرهاب عبر العمل على مسارات عدة متلازمة:مؤازرة الجيش العربي السوري – منع انهيار مؤسسات الدولة السورية- السعي لتوسيع التحالف الرباعي- وقف التحويلات المالية عن التنظيمات الإرهابية.
ولرسم هذا المشهد بدقة أكبر يعمل الرئيس بوتين على الاستفادة من المعطيات التالية:
1- الانفتاح الغربي على إيران النووية وتزايد منسوب الاستياء الدولي من السياسات السعودية القطرية التركية لدورها في تنمية الإرهاب والتطرف وزعزعة الأمن والاستقرار العالميين.
2- أجواء الرعب السائدة في الغرب بسبب ظهور الإسلام فوبيا مجدداً، فأوروبا تقف على قدم واحدة منذ الثالث عشر من الشهر الجاري (وللإشارة كان الوزير لافروف تحدث عن «تعديل موقف بعض شركائنا الغربيين»، وربط هذا التحول بـ:«ثمن باهظ ناتج عن هجمات إرهابية مروعة».
3- دعوة مجلس الأمن جميع الدول لاتخاذ جميع الإجراءات الضرورية بما يتفق مع القانون الدولي لمحاربة «المنظمات الإرهابية في العراق وسورية، بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية، والقضاء على ملاجئ المتطرفين في أراضي هذين البلدين».
4- مرونة الأوروبيين حيال بقاء الرئيس الأسد في السلطة، وتصريحات القادة الغربيين تؤكد تحييد هذه المسألة وتوحيد الجهود حول العدو الأول «داعش».
5- تغير المعادلات الدولية وتقاطع بعض المواقف الإقليمية (ومنها مصر) مع الموقف الروسي حول مضمون العملية السياسية في سورية.
6- مباركة الأمين العام للأمم المتحدة للجهود الروسية في محاربة الإرهاب.
لكن الرئيس بوتين يحتاج أيضاً إلى تعزيز التعاون والتنسيق مع الجانب الإيراني حول الحليف الثالث (سورية) وخصوصاً أن واشنطن تسعى لإطالة أمد الحرب عليها وتدمير بناها التحتية لمصلحة الكيان الصهيوني ولمصلحتها كذلك لأنها لا تريد الاعتراف بفشل تحالفها الدولي الستيني في الوصول إلى أهدافه: «القضاء على داعش»، كما أن التشويش على الموقف الروسي بشأن مصير الرئيس الأسد لم يتوقف حتى بعد القمة المفاجئة التي جمعت بين الرئيسين الروسي والسوري في موسكو قبل أسابيع.
ويبدو أن الرئيس بوتين أراد من خلال زيارته إلى طهران إيصال رسائله بشكل أوضح، فصورته مع خامنئي وروحاني بعد أشهر على إعلان موسكو نيتها تسليم طهران أنظمة صواريخ للدفاعات الجوية من طراز إس-300 قبل نهاية العام تقول بأن الدولتين متمسكتان ببقاء الرئيس الأسد وأن هذا العنوان ليس مطروحاً لأي مساومة سياسية، وتؤكد أنهما سيطوران علاقاتهما الثنائية سريعاً لقطع الطريق على المحاولات الأميركية الجارية لتعطيل ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات فيينا بحجة وجود «اختلافات جوهرية بين الأطراف المعنية في التسوية السورية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن