قضايا وآراء

هل تساعد العقوبات على روسيا الديمقراطيين على الفوز بالكونغرس؟

| دينا دخل الله

يبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن يستمتع هذه الأيام بالتأييد الذي حصل له من الأميركيين بعد خطابه في الكونغرس عن حال الاتحاد قبل حوالي الأسبوعين.

فقد رحب البيت الأبيض بنتائج أحدث استطلاع للرأي أجري قبل أيام قال فيه ثلاثة من أصل خمسة أميركيين إنهم مستعدون وبشكل طوعي دفع مبلغ أكبر في محطات الوقود لدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، ما رفع آمال الديمقراطيين في الاحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ في انتخابات تشرين الثاني القادم.

لعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماذا سيكون رد الأميركيين عندما تتسبب العقوبات الأميركية على روسيا بإزعاج أكبر لهم؟ عندها سيكون على بايدن أن يطرح على نفسه سؤالاً: متى يرغب الشعب الأميركي حقيقة التضحية في حرب عالمية أو أزمة دولية؟ ومن يعاقب سياسياً عندما تعلو كلفة التورط الناتج عن ارتفاع أسعار النفط وحظر استيراد النفط الروسي؟

سؤال طرحته صحيفة «بوليتيكو» الأميركية قبل أيام، إذ قالت الصحيفة: إن «التاريخ الأميركي أثبت أن الأميركيين لا يتفاعلون كثيراً مع الأزمات والحروب العالمية التي لا علاقة لها بالاعتداء على الأرض الأميركية»، الحروب كلها، من كوريا إلى فيتنام فالعراق حتى الحرب العالمية الثانية، أدت إلى حدوث انقسامات كبيرة في الداخل الأميركي، ففي انتخابات الكونغرس النصفية عام 1942 خسر الديمقراطيون، وكانوا في الحكم، ثمانية مقاعد في مجلس النواب وخمسة وأربعين مقعداً في مجلس الشيوخ، كما خسروا التصويت الشعبي للكونغرس بفارق مليون صوت، بسبب عدم رضا الشعب عن أداء الحزب في الداخل والخارج حسب صحيفة «نيويورك تايمز».

ما بين اندلاع الحرب العالمية الثانية في أوروبا 1939 ودخول الولايات المتحدة الحرب عام 1941 كان الأميركيون مقسمين، فرغبة الرئيس فرانكلين روزفلت FDR في إرسال المساعدات العسكرية لبريطانيا قوبلت بالرفض داخل الكونغرس وخاصة من الحزب الجمهوري، الذي رغب في بقاء أميركا منعزلة عن مشكلات العالم القديم، حتى إن التمديد لقانون التجنيد زمن السلم تم بفارق صوت واحد فقط. لكن عندما هاجمت اليابان مرفأ بيرل هاربر في هاواي كان هناك صوت واحد في الكونغرس رفض إعلان الحرب.

بعد هجمات 11 أيلول عام 2011 لم يكن هناك أي اعتراض على وضع قيود على السفر والقضاء على طالبان في أفغانستان وإنفاق عشرات المليارات من الدولارات على الاستخبارات، إلى أن ذهبت إدارة الرئيس جورج بوش الابن 2003 إلى العراق حيث بدأت الأصوات المعارضة للحرب تعلو، خاصة بعد أن تحولت الحرب إلى مستنقع عسكري وكارثة جيوسياسية، هذا أيضاً يدل على أنه في حال بدأت أميركا تخسر الحرب أو الصراع تزداد المعارضة وهذا ما حصل في حرب كوريا وفيتنام وأفغانستان.

في عامي 1973 و1979 تحمل الرئيس ريتشارد نيكسون وبعده الرئيس جيمي كارتر تبعات ارتفاع أسعار الوقود في أميركا بعد أن أوقفت دول الأوبك إنتاج النفط، واليوم مع أن الجمهوريين في الكونغرس صفقوا لبايدن لفرضه عقوبات صارمة على روسيا، إلا أن الجمهوريين مازالوا ينتقدون سياسات بايدن في الطاقة وارتفاع أسعار الوقود.

ربما مازال الوقت مبكراً جداً للتنبؤ بنتائج الانتخابات النصفية للكونغرس وخاصة أن تداعيات العقوبات على روسيا مازالت في بدايتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن