سورية

أردوغان وداود أوغلو ينحوان باتجاه التهدئة بعد التقريع الأطلسي والأميركي

وكالات :

سلكت أنقرة طريق التهدئة مع روسيا، ليس لأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان داعية سلام أو لأن رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو حمامة تبشر بالتعاون الدولي، بل لأن كلا الرجلين «تقرعا» من حلفاء بلادهما في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، وعلى رأسهم الولايات المتحدة. وتولت واشنطن، تسريب تأكيدات بأن الطائرة الروسية لم تخترق الأجواء التركية لأكثر من 30 ثانية خلال خمس دقائق، وأنها أصيبت في الأجواء السورية، مؤيدةً بذلك ما أعلنته موسكو. وسار أردوغان وفقاً للخط الذي رسمه الرئيس الأميركي باراك أوباما واجتماع حلف «الناتو»، والداعي للتهدئة مع الروس. وزعم خلال كلمة في اسطنبول أمس، وفقاً لشبكة «سي. إن. إن» الأميركية للأخبار، أن السلطات التركية علمت بأن قواتها الجوية أسقطت المقاتلة الروسية فقط بعد تأكيد وزارة الدفاع الروسية ذلك! وجدد التأكيد أن الطائرتين الروسيتين تم تحذيرهما «خلال 5 دقائق 10 مرات» من العسكريين الأتراك. وبين أن تركيا تعتبر أنه تم إسقاط القاذفة الروسية في المجال الجوي التركي وأنها تحطمت في الأراضي السورية.
وأكد أن تركيا لا تسعى إلى تصعيد الحادث، لأنها «كانت دائماً تدعو إلى السلام والحوار والتسوية الدبلوماسية، وبعد ذلك (إسقاط المقاتلة الروسية) سنستمر بالشيء نفسه» وشدد في المقابل على حماية أجواء وحدود وسيادة تركيا.
ونفى الرئيس التركي وجود تنظيم داعش الإرهابي في الريف الشمالي للاذقية. وشدد، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، على عزم بلاده اتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث موجة لجوء جديدة إلى تركيا، وعلى سعيها لتقديم الدعم من أجل أمن وسلامة الشعب السوري.
تصريحات أردوغان جاءت بعد اتصال هاتفي مع أوباما تناول حادث إسقاط طائرة عسكرية روسية على الحدود السورية، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» عن بيان للرئاسة التركية. وبحسب البيان اتفق الرئيسان «على أهمية نزع فتيل التوترات والعمل بشكل يتم معه تحاشي حصول حوادث مشابهة»، وأقرا «بعدم جواز مهاجمة الطائرات الروسية التي تشترك في الحرب على الإرهاب». وأعربا عن التزامهما بإجراء عملية سياسية انتقالية نحو السلام في سورية، وكذلك عزمهما المشترك على دحر داعش.
وسبق لأردوغان، أن أكد أمس الأول أن بلاده مع الحلفاء عازمة على إنشاء منطقة إنسانية آمنة في سورية تمتد بين مدينة جرابلس في ريف حلب وشواطئ المتوسط، وشدد على أن تركيا ستواصل دعم المجموعات المسلحة في سورية من أجل «تحقيق استقلال بلادها من النظام».
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء التركي أن روسيا صديق وجار وشريك مهم جداً لتركيا، معتبراً أن العلاقات بين أنقرة وموسكو لا يمكن أن تقدم قرباناً بسبب إسقاط الطائرة الروسية، وشدد خلال كلمة أمام اجتماع أعضاء حزبه الحاكم «العدالة والتنمية»، بحسب موقع «روسيا اليوم»، على أن أنقرة لا تريد قطع هذه العلاقات، وليس لديها، «النية لتوتير العلاقات والتصعيد مع روسيا.. وخاصة أن الدول الكبرى لا تضحي بعلاقاتها من أجل حوادث تقنية!.
وقال داود أوغلو بحسب وكالة «رويترز»: إن أنقرة تبقي على قنوات الاتصال مع موسكو مفتوحة، لكنه وجه تحذيراً شديد اللهجة لروسيا بسبب عملياتها في سورية قائلا إنه لا يمكن شن هجمات على التركمان بحجة قتال داعش، وأضاف إن بلاده «لا تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك الهجمات». وأول من أمس، طالب داود أوغلو «كل الميليشيات الأجنبية» بالخروج من سورية.
السعي التركي للتهدئة ترافق مع كشف مسؤول أميركي أن بلاده «تعتقد أن الطائرة الحربية الروسية التي أسقطتها تركيا يوم الثلاثاء أصيبت داخل المجال الجوي السوري بعد توغل قصير في المجال الجوي التركي». وبين المسؤول الذي تحدث إلى وكالة رويترز شريطة عدم الكشف عن شخصيته، أن ذلك التقييم بني على أساس رصد البصمة الحرارية للطائرة.
كما نقلت شبكة «سي. إن. إن» عن مصدر بوزارة الدفاع الأميركية أن «البنتاغون» احتسب المدة التي اخترقت فيها الطائرة الروسية للأجواء التركية قبل إسقاطها، وتبين أن هذه المدة تقل عن 30 ثانية.
أما المتحدث باسم القوات الأميركية المشاركة بعمليات التحالف الدولي ضد داعش، ستيف وارين، فقد أكد أن القوات الأميركية المنضوية تحت لواء التحالف، تمكنت من سماع التحذيرات التركية الصادرة للطائرة الروسية قبل إسقاطها، وإن كان قد تجنب تأكيد دخولها الأجواء التركية، منتقداً بالوقت نفسه الحديث الروسي عن محاربة داعش باعتبار أن التنظيم غير موجود بمنطقة عمليات الطائرة المستهدفة.
وخلال اجتماع سفراء الناتو أمس الأول للاطلاع على التفاصيل التي قدمتها تركيا حول حادثة إسقاط الطائرة الروسية، رجح عدد من الدول الأعضاء في الحلف أن تكون المقاتلة الروسية «سو-24» قد تم استهدافها فوق الأراضي السورية، بحسبما نقلت وكالة «نوفوستي» الروسية للأنباء عن مصادر عسكرية ودبلوماسية مطلعة على الاجتماع.
وفي نهاية الاجتماع حث السفراء أنقرة على توخي ضبط النفس. ونقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين حضروا الاجتماع أنه لا أحد من المبعوثين الثمانية والعشرين لحلف الأطلسي دافع عن تصرفات روسيا لكن أعرب الكثير منهم عن القلق من أن المقاتلات التركية لم ترافق الطائرة الروسية إلى خارج المجال الجوي التركي. وقال دبلوماسي طلب ألا ينشر اسمه «توجد سبل أخرى للتعامل مع هذه الأنواع من الحوادث».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن