قضايا وآراء

مرتزقة من كولومبيا لقتل اليمنيين

تحسين الحلبي :

من الواضح أن العلوم العسكرية وثورة الاتصالات وتكنولوجيا الطائرات بلا طيار بدأت الدول الاستعمارية القديمة والجديدة تستفيد منها لترسيخ سيطرتها على الدول التي تتحكم بقراراتها ولتوسيع هذه السيطرة دونما حاجة تضطرها إلى إنزال قواتها البرية أو البحرية على أراضيها. فمنذ احتلال العراق عام 2003 وأفغانستان عام 2001 أخذت تتوسع داخل الولايات المتحدة شركات خاصة تحمل اختصاص ترويج وبيع (السلع الأمنية) بعد أن نجحت في تحويل الأمن وإرسال الخبراء العسكريين (المستقلين) ومعدات التدمير والقتل إلى سلعة تحت شعار (كوموديتي أوف سيكيوريتي) وبيعها في سوق النزاعات التي تولدها واشنطن لتستأثر بمصادر ثرواتها أو خيراتها الاستراتيجية فبعد احتلال العراق ظهرت في سوق الأراضي العراقية المحتلة (شركة بلاك ووتر) الأميركية التي عقدت اتفاقية مع حكومة الاحتلال الأميركي برئاسة (بريمر) اتفاقية لحماية ونقل (بريمر) نفسه بقيمة (21) مليون دولار تدفع من خزينة العراق واتسعت أعمالها لتشمل عمليات سرية وعسكرية يقوم بها مدنيون من المرتزقة وليس من الجنود الأميركيين وقتلت عشرات من العراقيين إلى حد جعل العراقيين الوطنيين يقدمون الدعوى عليها لمحاكمتها في داخل الولايات المتحدة.
وعلى غرار شركة (بلاك ووتر) التي وسعت أعمالها لتشمل أفغانستان والبوسنة وإسرائيل لتجنيد المرتزقة وزجهم في حروب المصالح الأميركية ظهرت شركة (نورثروب غرومان) التي اشترت شركة (فينيل) لتجنيد المرتزقة وتقديم الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة وبدأت تتولى هذه الشركة إرسال المسلحين المرتزقة إلى اليمن، فقد كشفت مجلة (فوربز) الأميركية وصحيفة نيويورك تايمز قبل أيام أن دول الخليج تعاقدت مع هذه الشركة لإرسال المسلحين للقتال في اليمن لمصلحة السعودية وحليفها (الرئيس عبد ربه منصور هادي) وأن 1800 من المسلحين المرتزقة من كولومبيا في أميركا اللاتينية تعاقدوا مع الشركة الأميركية للقتال إلى جانب السعودية ودول الخليج ووصل منهم حتى الآن 450 مع كافة أسلحتهم وعتادهم كما تعاقدت هذه الشركة مع سودانيين وأريتيريين وتقوم بتدريبهم وتجهيزهم بموجب العقد للقتال ضد الشعب اليمني مقابل المال.. وقد ظهر للولايات المتحدة أن انتشار شركاتها الخاصة التي ينسق مدراؤها مع وزارة الدفاع الأميركية لتقديم (السلع الأمنية) والخدمات القتالية في النزاعات التي تولدها واشنطن أصبح محط اهتمامها وتشجيعها لأنه يوفر عليها إرسال جنودها مثلما يوفر نفقات مالية كبيرة لأن دول الخليج هي التي ستدفع قيمة العقد الذي توقعه مع هذه الشركات التي تدفع بدورها ضرائب كبيرة لخزانة الولايات المتحدة.. فطائرات أميركية بلا طيار في السماء ومن قواعد كثيرة في المنطقة بينما تنتشر على الأرض مجموعات محلية مسلحة تنشئها المخابرات الأميركية وتطلب منها العمل تحت إمرة شركات أميركية خاصة تقدم لها القادة العسكريين والخبراء والعتاد لتتحول هذه الشركة إلى مؤسسة عسكرية تحمل صفة (التعاقد كشركة خاصة مدنية) داخل الجسم العسكري والسياسي والمخابراتي للولايات المتحدة، وبسبب الأرباح التي تجنيها هذه الشركات من أموال النفط في الخليج لأنها لا تعمل في (الصومال) الفقير جداً بدأ عدد من قادة الجيش الإسرائيلي من المتقاعدين ورؤساء حكومات سابقة بإنشاء شركات لبيع (السلع الأمنية) والخبرات والتدخل العسكري والقيام بمهام عسكرية في إعداد المرتزقة من غير الإسرائيليين وتدريبهم لمصلحة من يطلب هذه السلعة.
ففي ليبيبا واليمن وأفغانستان تعمل هذه الشركات الإسرائيلية تحت عناوين أميركية لأن شركة أنشأها إيهود باراك رئيس أركان سابق ورئيس حكومة ومسؤول مخابرات سابق أنشأت شراكة في العمل مع إحدى الشركات الأميركية فباراك على سبيل المثال يملك شركة (هايبيريون) للخدمات الأمنية والعسكرية واشترى أسهماً بشركة (سيالوم) الأميركية وبدأ يعتمد على هذه الصلة في الدخول إلى أسواق النزاعات التي تدخلها الشركات الأميركية الأمنية والعسكرية الخاصة ولا شك أن دولاً صغيرة مثل دول الخليج والبحرين والإمارات وقطر وعُمان والكويت تحظى باهتمام كبير لدى هذه الشركات فالبحرين كانت قد تعاقدت مع شركة (فينيل) الأميركية لحماية حكومة الملك البحريني حين اجتاحت أراضيها قوات سعودية كانت (فينيل) هي التي دربتها، ويبدو بموجب هذه الحقائق أن أموال العرب ستحصدها الشركات الأميركية والإسرائيلية في المستقبل طالما أن واشنطن تحتل سماء العالم العربي والشركات ومرتزقتها يحتلون أراضي العالم العربي لكن العراقيين طردوا شركة (بلاك ووتر) وطالبوا بمحاكمتها هي ومرتزقة أرسلتهم لقتل العراقيين فهل يتعظ العرب الخليجيون والليبيون ويبعدون عن بلاد العرب مرتزقة جدداً.
ولا أحد يشك أن المرتزقة الذين أرسلتهم واشنطن وشركاتها وحلفاؤها إلى سورية بدؤوا الآن يتكبدون الخسائر البشرية ويفرون إلى الدول التي جيء بهم منها في أعقاب انتصارات الجيش السوري على مجموعات داعش وهذا ما سيحدث للمرتزقة القادمين إلى اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن