سورية

رفض واشنطن التحالف مع موسكو لضرب الإرهاب يجبر فرنسا على الانكفاء … أوباما وبوتين يؤيدان دفع التسوية السياسية في سورية

وكالات :

في ثالث لقاء بينهما خلال أقل من شهرين، كرر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام نظيره الروسي فلاديمير بوتين ضرورة تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة كجزء من عملية الانتقال السياسي في سورية، وذلك في الوقت الذي أجهضت فيه الدبلوماسية الأميركية المساعي الفرنسية لتشكيل تحالف مع روسيا لضرب الإرهاب في سورية بذريعة أن «الظروف غير ملائمة». واضطر الموقف الأميركي المتحفظ، باريس إلى الانكفاء عن وساطتها لجمع الروس والأميركيين في تحالف موحد لضرب الإرهاب.
وطرح بوتين لأول مرة، على أوباما مسألة التنسيق في مواجهة الإرهاب خلال لقائهما في مدينة نيويورك الأميركية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر شهر أيلول الماضي. جاء ذلك قبيل أيام من إطلاق الرئيس الروسي عملية بلاده الجوية بالتعاون مع الجيش السوري لضرب التنظيمات الإرهابية.
وكرر بوتين الطرح خلال اجتماع عقده مع أوباما على هامش قمة دول مجموعة العشرين في مدينة أنطاليا التركية الشهر الماضي.
وعلى هامش قمة المناخ في باريس أمس، عقد الرئيسان الروسي والأميركي لقاءهما الثالث، لأكثر من نصف ساعة وراء الأبواب المغلقة، تركز حول الوضع في سورية وأوكرانيا.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، وصفه للاجتماع بأنه «كان مكثفاً بما فيه الكفاية»، مشيراً إلى أن الزعيمين «أيدا التقدم نحو بدء التسوية السياسية» في سورية.
من جهة أخرى، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول في البيت الابيض، تأكيده أن الزعيمين بحثا في «ضرورة إحراز تقدم في عملية فيينا».
وأعطت الأسرة الدولية دفعاً لإيجاد حل سياسي في سورية مع اجتماعين دوليين في فيينا في تشرين الأول وتشرين الثاني. وتم الاتفاق على خريطة طريق يفترض أن تؤدي إلى انتخابات خلال 18 شهراً.
ولا يزال خلاف يدور بين موسكو وواشنطن حول مستقبل الرئيس الأسد. وقال المسؤول الأميركي: إن أوباما جدد أمس «قناعته بأن رحيل (الرئيس) الأسد ضروري، مشدداً على أهمية تضافر الجهود العسكرية لمحاربة تنظيم داعش بدلاً من المعارضة المعتدلة»، في دعوة مبطنة للروس للكف عن قصف أدوات واشنطن وحلفائها الإقليميين، في سورية.
وبحسب ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء، عن مسؤول في البيت البيض فقد أبلغ أوباما بوتين «بأنه يعتقد أن على الرئيس الأسد ترك السلطة في إطار انتقال سياسي».
وأوضح موقع «روسيا اليوم» أن الرئيس الأميركي أعرب لبوتين عن أسفه إزاء حادثة إسقاط قاذفة «سو 24» من القوات الجوية التركية يوم الثلاثاء الماضي.
واستبق الأميركيون الاجتماع بين أوباما وبوتين، بإطلاق رصاصة الرحمة على مساعي الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند لتشكيل تحالف دولي يضم كلاً من روسيا وأميركا في مواجهة الإرهاب.
وبعد صدمة الاعتداءات الوحشية في باريس، أطلق أولاند مسعى لدمج موسكو في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد الإرهاب في سورية والعراق. والأسبوع الماضي، طار الرئيس الفرنسي إلى روسيا والولايات المتحدة ليعرض على زعيمي الدولتين المشروع. وتلقى دعماً من بوتين إلا أن أوباما أبدى تحفظه. وسبق لأولاند أن أرسل حاملة الطائرات شارل ديغول إلى شرق البحر الأبيض المتوسط. ولاقى بوتين الأمر بإيجابية وأمر قطع البحرية الروسية المرابطة في المنطقة بالتعاون مع «الحليف» الفرنسي.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن المندوب الأميركي لدى حلف الناتو دوغلاس ليوت، قوله: إن «الظروف الحالية ليست مواتية لتشكيل تحالف جديد لمحاربة الإرهاب بمشاركة موسكو». وعزا استحالة تشكيل مثل هذا التحالف في الوقت الراهن باختلاف أهداف البلدين في سورية.
وقال ليوت خلال إيجاز صحفي عقده عبر الهاتف: «يكمن هدفنا في إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، أما هدف روسيا فسيتمثل في دعم النظام السوري في معركته مع المعارضة».
وفي موقف لافت، شددت وزارة الخارجية الفرنسية على أن الضربات الجوية الروسية في سورية، يجب أن تستهدف بوضوح تنظيم داعش فقط.
ويشكل هذا الموقف تراجعاً عن تصريحات لأوند أكد فيها اتفاقه مع نظيره الروسي أن الهجمات الروسية ستقتصر على داعش والجماعات الجهادية المشابهة لها في سورية.
ورداً على سؤال بشأن ضربات روسية منذ يوم الجمعة على مناطق قرب الحدود السورية التركية، قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال، وفقاً لوكالة الأنباء «رويترز»: «يجب ألا يكون هناك لبس بشأن الأهداف التي تجرى ملاحقتها، والتي يجب أن تقتصر على تدمير داعش».
وبالترافق، علق وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مشاركة الجيش السوري في قتال تنظيم داعش، على رحيل الرئيس الأسد عن السلطة.
وقال فابيوس لإذاعة «فرانس إنتر» على هامش قمة المناخ: «إذا توصلنا إلى عملية انتقال سياسي، ولم يعد (الرئيس الأسد) قائدًا للجيش السوري، عندها يمكن القيام بأعمال مشتركة لمكافحة الإرهاب، لكن ذلك غير ممكن في ظل حكمه». وأضاف: «من الواضح أن الجيش لا يمكن أن يعمل إلى جانب المعارضة المعتدلة، ما دام تحت قيادة (الرئيس) الأسد».
وأكد أن فرنسا تعمل من أجل عملية انتقال سياسي في سورية لإنهاء الأزمة.
ومثل هذا الموقف أحدث تراجعاً عن مواقف أعلنها فابيوس يوم الجمعة الماضي، أعلن فيها عن إمكانية مشاركة الجيش العربي السوري في الجهود الدولية لمحاربة تنظيم داعش.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن